2025-05-21 08:03 م

أوصل الأمم المتحدة إلى الحضيض ونال وسام الشرف الفرنسي...

2016-11-28
بقلم: بطرس الشيني
منح الرئيس الفرنسي " هولاند" لسيد القلق في العالم المعاصر الأمين العام للأمم المتحدة " بان كي مون" وسام جوقة الشرف الفرنسي من أعلى درجة وهذا الوسام يمنح عادة لشخصيات قدمت خدمات كبيرة لفرنسا ... وكان هولاند قد منح في وقت سابق وساماً مماثلاً للرجل الثاني في المملكة السعودية ولي عهد النظام السعودي مما أدى يومذاك إلى تنازل شخصيات ثقافية فرنسية كبيرة عن أوسمتها احتجاجاً على المتاجرة بوسام جوقة الشرف الفرنسي لخدمة العلاقات السياسية مع دول وشخصيات لا تراعي حقوق الإنسان . الوسام الفرنسي الرفيع منح دوماً لأشخاص غير فرنسيين لاعتبارات اللباقة الدبلوماسية والمنفعة والعلاقات السياسية ولكن في الغالب منح لشخصيات في العالم الثالث والمستعمرات السابقة لاعتبارات العمالة والتبعية وهو لم يشكل يوماً ما قيمة إنسانية سامية تضاف لهذه الشخصية أو تلك خاصة أنه صادر عن دولة أدمنت القتل في آخر قرنين عبر الاحتلال وعشرات الحروب الكبرى ولم ينافسها في ذلك غير بريطانيا " العظمى" وألمانيا وكانت هذه الدولة الاستعمارية مع شريكتها البريطانية أو " منافستها في القتل " الدور الأكبر في قتل حوالي مليوني عربي معظمهم في الجزائر عبر مجازر مروعة وحملات إبادة منظمة حصلت جميعها في وقت كانت فرنسا بشعبها ومثقفيها تتغنى بمبادئ الثورة الفرنسية .... من الطبيعي أن يحصل أشخاص مثل " بان كي مون " وولي العهد السعودي على وسام الشرف الفرنسي فكلهم شركاء في إبادة الشعب اليمني وهم شركاء في دعم المنظمات الإرهابية التي تقتل المدنيين يومياً في سورية وهم إلى ذلك حلفاء ضمن قائمة تشمل جميع الدول الغربية وأمريكا وكندا واستراليا في دعم نتنياهو في حملاته التي لا تنتهي لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم وإذلال من بقي منهم . بان كي مون الرجل الذي فاض قلقه على الشعوب المنكوبة " والقلق " كلمة فضفاضة لا مفاعيل قانونية لها في الأمم المتحدة كانت الكلمة الأكثر استخداماً في قاموس الأمين العام للأمم المتحدة خلال سنوات ولايته وهي كلمة " مواربة " استخدمها لتجنب استخدام كلمة " إدانة " لجميع أصدقائه القتلة من حكام الدول الداعمة والراعية للإرهاب . فقد كان الرجل قلقاً دوماً على الفلسطينيين الذين قتلت إسرائيل وجرحت منهم في آخر حرب لها على غزة أكثر من عشرة آلاف مدني ثلثهم من الأطفال وكان قلقاً خلال العامين الماضيين إزاء الحرب السعودية على اليمن التي تجاوز عدد ضحاياها عدة أضعاف الحرب الإسرائيلية إضافة إلى تدمير اليمن والإرث التاريخي و الإنساني لها ولكنه بالكاد شعر بالقلق على الشعب البحريني ..!؟. الرجل كان قلقاً ولكن بدرجة أقل فيما يتعلق بجنوب السودان وعشرات الآلاف من ضحايا النزاع فيه ومليون مهجر جائع وكل هؤلاء" تحققت " معاناتهم وزهقت أرواحهم بمساهمة مباشرة من الأمم المتحدة التي رعت الخطة الأمريكية الغربية لتقسيم السودان . والحائز على وسام الشرف الفرنسي كان قلقاً على المذابح والضحايا التي تعرض لها الشعب الليبي على يد العصابات والتنظيمات التي أنشأتها ومولتها الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا التي قامت بدور رئيسي في تدمير الجيش والمؤسسات العامة الليبية في حملة عسكرية غربية أمريكية" لصنع " الديمقراطية فصنعت بلدا فاشلا فيه منظمات وفصائل مسلحة وحكومات بدوية وقبائلية وبجهود فرنسا مانحة الأوسمة أصبحت ليبيا منفذا للهجرة غير الشرعية عبر المتوسط حيث نشطت عصابات المتاجرة بالبشر وحيث يموت يوميا عشرات الفقراء في رحلة الأمل باتجاه أوربا ... بان كي مون بسنوات عمله الطويلة أوصل الأمم المتحدة إلى الحضيض بعدم حياديته ومواقفه المنحازة للإرهاب وداعميه وخضوعه لأمريكا وبريطانيا وفرنسا والسعودية وإسرائيل وبتصريحاته ونفاقه وتملقه جعل من منصب الأمين العام أشبه بدائرة علاقات عامة تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية والأكثر سخفا أنه مع كل انحطاط قيمي له كان يتحدث عن حقوق الإنسان والشرعية الدولية ولكنه يصمت بذل عندما يتعلق الأمر بالسعودية أو إسرائيل أو أمريكا ولأجل كل ذلك هو يستحق وسام جوقة الشرف الفرنسي من بلد كان في أرقى حالته السلمية في تسعينيات القرن الماضي شريكا في إثارة مذابح في رواندا بين التوتسي والهوتو أدت إلى مقتل ما يزيد عن /600/ ألف مدني ,وبما أن جميع الشركاء في الجريمة هم من الأوربيين وأمريكا وإسرائيل وهي البلدان التي تتبع لها شركات المناجم التي افتعلت الفتنةفي ذلك البلد فإن القضية انحصرت باتهام المنفذين الصغار وليس من صنع الفتنة وما الدعوى القضائية التي اقامها محام فرنسي مؤخرا حول مسؤلية الحكومة الفرنسية ودورها في مجازر رواندا سوى واحدة من عمليات المكياج التي تشتهر فرنسا بصناعتها . لقد أصبح وسام جوقة الشرف الفرنسي اقرب ما يكون لوسام " الصليب الحديدي" الذي كانت تمنحه ألمانيا النازية في أوج قوتها ..وذاك الوسام كان أيضا يمنح وفق التقييم الألماني لأشخاص قدموا خدمات كبيرة لألمانيا وأصبح مع مزيد من الغطرسة والدماء يباع على الارصفة بثمن بخس للباحثين عن ذكريات تتعلق بتاريخ مضى ... فرنسا التي تمنح أوسمتها نصبت مقصلة لقطع الرؤوس مع بداية ثورتها التي حملت مبادئ براقة ...ومازالت هذه المقصلة تعمل بغطاء من الأوسمة البراقة أيضا .
butros3s@gmail.com