2025-05-21 07:00 م

المعارضة السورية بين العويل والآمال.. أردوغان واللعب على الحبال

2016-11-29
بقلم: الدكتور محمد بكر 
ربما لن يفيد "الشيخ " المحيسني مفتي جيش الفتح كل ما أبداه من نداءات ومناشدات، لجهة التدخل العسكري التركي ومحاولة شحذ الهمة التركية للصدام المباشر مع الجيش العربي السوري وتحديداً خلال هذه الفترة، وصلت رسالة مقتل ثلاثة جنود أتراك وجرح العشرات في الباب جيداً لأردوغان، وعلم " السلطان" مدى العمق الاستراتيجي الحاصل في العلاقة بين  موسكو وحلفاؤها في الميدان السوري، الرجل ( أي أردوغان) وبرغم جملة الأخطاء والعبث واللعب بالنار التي راكمها خلال السنوات الماضية لتكريس جملة من الأجندات السياسية والأمنيات القديمة المتجددة، إلا أنه يعرف كيف يستغل اللحظة، ويستميل الفرص، وحتى اللعب على مئة حبل، فخلال أربعٍ وعشرين ساعة اتصل ببوتين ليشيد بدور روسيا ويطلق سبل استمرار التعاون لمحاربة الإرهاب وحل الأزمة السورية سياسياً، بل يذهب لأبعد من ذلك، ويوفد وزير خارجيته ورئيس الاستخبارات العسكرية في اليوم التالي من مهاتفته لبوتين، إلى طهران ومن هناك يرفع منسوب التودد والغزل لأعلى المستويات، فيشيد أوغلو بدور طهران المحوري في استقرار المنطقة، ومحاربة الإرهاب، وهو نفسه من تقاسم مع الجانب الخليجي الذي يرى في إيران الداعم الأول للارهاب والمهدد لاستقرار المنطقة، ذات وجهات النظر في الاجتماع الخليجي التركي الذي عقد مؤخراً في الرياض. التحول التركي بالطبع يتجاوز مسألة العلاقة الاستراتيجية التي تربط موسكو بدمشق، وتحديداً مسألة الاحتدام السياسي والبركان الذي تفجر على لسان أردوغان عندما علق البرلمان الأوروبي مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد، فهدد الرجل بفتح الحدود أمام اللاجئين وتطبيق عقوبة الإعدام، وأن بلاده قامت بمشاريع عملاقة خلال السنوات الماضية من دون مساعدة أوروبا، وكل ذلك في إطار التمهيد للتخلي عن الانضمام للاتحاد الأوروبي، والميل ربما لمنظمة شنغهاي حيث يغدو التحول السياسي ركناً رئيساً لتلقف الاهداف والغايات الاقتصادية. ماقاله ترامب من أن أميركا ستكون مضطرة لحل النزاع في سورية وأن ما يحدث فيها هو جنون، وأن بلاده لاتهتم ولن تقبل بولادة دول جديدة وليسوا خالقين أمم، إضافة إلى حالة الانقسام العربية التي باتت أكثر وضوحاً ولاسيما مع تزايد المنضمين للمعسكر الروسي إذ قيل عن وصول طيارين جزائريين ومصريين وموريتانيين للمشاركة في العمليات العسكرية في سورية، كل ذلك يجعل من خطاب المحيسني وغيره خطاب مودع، هذه المعارضة التي أصابت نفسها في مقتل مرتين، الأولى عندما فشلت كلياً في تقدير الموقف الدولي وكانت الأحمق على الإطلاق في تحليل ودراسة التحالفات وعمقها وطبيعتها تاريخياً، والثانية عندما طفح سلوكها بجملة من الممارسات المشينة البعيدة عن تقوى الله، تماماً كما طالب المحيسني قادة الفصائل بتقوى الله. الأسد يثبت مجدداً أنه الأقوى والمتفوق دائماً في لعبة المحاور وتصنيع التحالفات، في حين يبقى للمعارضة عويلها وصراخها، وهو بالطبع ثمرة وحصاد مازرعت، بينما ينفرد أردوغان في الصدارة لجهة المراوغة واللعب على الحبال، ولانعرف ماهو الحبل القادم الذي سيكون في متناوله عند أو تحول في المشهد السياسي. 
 * كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com