بقلم: عميرة ايسر
المستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان المحسوب على الصقور داخل العائلة الحاكمة ومنذ أن أعلن عن عزم الرياض تشكيل قوات عربية وإسلامية من دول حليفة وصديقة كالسودان والإمارات والبحرين وباكستان,وقوامها أزيد من150الف جندي مجهزين بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتطورة لقتال في سوريا ,وهي الخطوة التي تعارضها دمشق وحلفاءها,إذ أن وزير الخارجية السوري المخضرم وليد معلم كان ردُّه حينها واضحا وأرسل رسائل سياسية لا غبار عليها وفهمتها المملكة جيداً إذ أنَّ التدخل في سوريا دون موافقة النظام والدولة السورية سيعني إعادة هؤلاء الجنود جثثاً هامدة في توابيت إلى بلدانهم,فبعد التَّقدم المحوري الذي حققته القوات العسكرية النظامية السورية وعناصر حزب الله اللبناني بغطاء جوي من الطيران الروسي في كل من نبُّل والزهراء وقبلها في بلدة سلمي الحدودية وسيطرت عليهما بالكامل قبل أشهر،وبدأت الحرب على داعش في "محافظة الرِّقة",أهم معاقلها بالإضافة إلى أنها تعتبر من أهمِّ معاقل "جيش الإسلام" التنظيم الإرهابي المحسوب على السعودية.فالرياض تريد تغيير المعادلة فوق الميدان ومنع القوات المُشتركة من تطهير مزيد من الأراضي من المسلحين التكفيريين المدعومين من الإمارات وقطر والسعودية وتركياَ،وطبعاً دول غربية كأمريكا وفرنسا وبريطانيا,أما دعمُ "الموساد الإسرائيلي" فلا نقاش في ذلك ,فقد ذكرت صحيفة "الخليج آون لاين" وأكد الخبر موقع "اليمن برس"،عن تنفيذ قوات عربية وإسلامية في السعودية مناورات عسكرية مشتركة تحت مسمى "رعد الشمال"،ووصل عدد القوات المشاركة في تلك المناورات لأزيد من350آلف جندي،بالإضافة لمشاركة أكثر من2700دبابة وآلية عسكرية في هذه المناورات والتي يري فيها مراقبون رسالة من السعودية إلى إيران،بأنها مستعدَّة لأي مواجهة مرتقبة معها،فهي ليست وحدها ولن تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية كما كانت تفعل سابقاً.
- "فالتحالف الإسلامي" الذي ضمَّت مقره وشكلته نهاية العام الجاري،وانضمام دول نووية ذات وزن كبير "كباكستان" إليه والتي في أخر اجتماع بين قائد الجيش الباكستاني الأول "راحيل شريف" ووزير الدفاع "محمد بن سلمان"،وتأكيده بأنَّ أي يدِ تمتد لسعودية ستجابه بردِّ عنيف من طرف الجيش الباكستاني وهذا من شأنهِ أن يخلط الأوراق في المنطقة,فالسعودية التي يعاني اقتصادهاَ بشدَّة وسجلت عجز موازنة تجاوز سقف 100مليار دولار في العام الحالي,وقيام إيران العائدة بقوة إلى سوقِ النَّفط الدولي بخفضِ الأسعار في السُّوق الدولية في خطوة يراد منها إرباك السعودية والتأثير على ميزانيتهاَ المتأتية من عوائد النفط بالأخص،فرغم أنها أكبرُ دولةٍ نفطيةٍ وتحوي أزيد من خمس الاحتياطات النَّفطية المؤكدة إلا أنها عاجزة حالياً عن التأثير في السوق النفط العالمي,فإيران تردُّ الصَّاع صاعين,فالرياض قامت بنفس الخطة قبل رفع العقوبات الاقتصادية على طهران من أجلِ إضعاف اقتصادهاَ والضغط على قرارها السياسي في كل من سوريا واليمن والعراق,فالسعودية التي تربطها علاقات متوترة من مصر السيسي لذلك أمتعنت عن طلبت من القاهرة المشاركة في العدوان الغير مبرر في سوريا رغم أنها أكبر قوة عسكرية عربية،وفيها يقع "مقر الجامعة العربية"،ومعروف العلاقات القوية التي تربط مصر بالرئيس بشار الأسد وحليفه القوي بوتين.
- فروسيا أكيد لن ترحب بخطة كهذه فتدخلها العسكري في سوريا قد جاء بطلب من الدولة السورية وبوساطة إيرانية وهذا شيء يعرفه المجتمع الدولي ويحترمه،على عكس التَّدخل العسكري الإسلامي العربي بقيادة السعودية.إذ حسب قوانين الأمم المتحدة سيكون احتلالاً غير مبرر تجب محاربته،حتى وإن تدخل التحالف الدولي برياً بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ,ولم توافق عليه سوريا سيكون احتلالاً يجب ردُّه والتصدي له،وترى فيه طهران انتحاراً وجنوناً سياسياً ونهاية حتمية لنِّظام الحاكم بالرياض الذي يعاني في اليمن واقتصاده يتراجع أداءه بوتيرة غير مسبوقة،فقد صرح القائد الأعلى "لقوات الحرس الثوري الإيراني" الجنرال "محمد علي جعفري" بأن السعودية لن تقدم على إرسال قوات برية إلى سوريا لأنَ ذلك سيكون بمثابة إطلاق رصاصة الرَّحمة على النظام الملكي فيها،ورئيس "مصلحة - تشخيص النظام" اللواء "محسن رضائي" أكد بأنَّ السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تحاولان إنقاذ التَّكفيريين في سوريا,فالتكالب الدولي على سوريا من أجلِ إسقاط نظامها المنتخب وبإجماع كل المراقبين الدوليين,"فاتحاد البعثة الدولية الروسية" و"مراقبي الاتحاد الأوروبي" أشادوا بنزاهة انتخابات 2014والتي شهدت إقبالاً كبيراً رغم الإرهاب والحصار الذي كانت تعاني منه محافظات سورية عدَّة،وهذا ما لا تريد تركيا والسعودية وغيرها من الدول الداعمة لأمريكا في مسعاها لإسقاط بشار الأسد أن تستوعبه،فلماذا لا يطالب أحدٌ بإسقاط "رجب طيب اردوغان" رغم المجازر التي يرتكبها بحقِّ الأكراد في جنوب البلاد وبشهادة منظمات حقوقية دولية.
- فالنظام الدولي العالمي القائم على لعبة المصالح وسحق كل من يرفض الهيمنة الغربية على دوله،وراح ضحيته العديد من قادة الدول "كالقذافي،وصدام حسين،وهوغو شافاز" وغيرهم,والنِّظام في سوريا الذي يمثل الشعب السوري في مجمله لا يحق لأحد سوى السُّوريين تقرير مصيرهِ،بغض النَّظر عن إرادة الدول الإقليمية والكبرى,والتي حاولت ولا تزال تغيير المعادلة السياسية لصالحها في سوريا،فبعد التدخل الروسي الذي كان غير متوقع لدول كتركيا التي شنَّ رئيس وزراءها "علي يلدرم" هجوماً شديداً على روسيا وأكد بأنَ مصيرها في سوريا سيكون كمصيرها في أفغانستان إبَّان فترة الاتحاد السوفيتي،ولكن هذا الكلام الذي يري فيه مراقبون كالأستاذ "أنيس النقاش" "منسق شبكة أمان للدراسات الإستراتيجية"،محاولة تركيةً عقيمةً من أجلِ الضَّغط على روسيا لسحب قواتها من البلاد,ويتزامن مع حديث أمريكي جاء على لسان "وزير الخارجية" "جون كيري" من أنَّ موسكو تقوم بقصف المدنيين في سوريا،وتقوم بترك داعش ومهمتها الأساسية في مكافحة الإرهاب.
- ولم يُشر في معرض حديثه عنْ الانتهاكات الأمريكية في العراق طول 10سنوات،والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من الضحاياَ العزَّل أو ما تقوم بها طائراتها في اليمن من إحراق للمدنيين أحياء وعن جرائمها في أفغانستان ومناطق عدة،فالرسالة التي يريد الأتراك والسعوديين إيصالها إلى دمشق،وبالتأكيد بالتنسيق الكامل مع أمريكا هو أنهم مستعدون للتدخل برياَ ضد داعش إن لزم الأمر قد فعلتها أنقرة حالياً،وتشجع السعودية على انتهاج نفس الخطوة والتدخل عسكرياً في سوريا،أما الأهداف الغير معلنة فهي احتلال أراض سورية وإقامة مناطق أمنية عازلة بالقوة. في تحدٍ تركيٍ بالتَّحديد للطائرات الروسية وعلى رأسها سوخوي35المتطورة جداً،والتي دخلت الخدمة العسكرية في سوريا قبل مدة،ورغم تصريحات رجب طيب اردوغان التي شن فيها هجوماً كلامياً قاسياً ضدَّ الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية تعاون الطيران الأمريكي في سوريا مع عناصر "حزب الاتِّحاد الديمقراطي السوي" الذي يتقدم بغطاء جوي أمريكي في مناطق ريف حلب الشمالي وسيطر على "مطار ميغ العسكري" واقترب من الحدود التركية وهذا ما تعتبره أنقرة تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
- فأمريكا التي تصنِّف "حزب العمال الكردستاني" وتجعله على لائحة المنظَّمات الإرهابية ولكنها تتعاون معه في حربها ضد داعش،هذه الازدواجية الأمريكية هي في أساسها محاولة من واشنطن مسك العصا من الوسط فهي تريد حلفاء أقوياء لها في سوريا كالمكوِّن الكردي بمختلف أطيافه وتشكيلاته السياسية والقتالية،ولا تريد بالمقابل خسارة الحليف التركي الذي سيكون دوره مهما في الدعم اللوجست للقوات البريَّة السعودية المزمع إيصالها إلى ميادين القتال السورية وجبهاته،حسب الرغبة التركية طبعاً.
-فالوضع الميداني معقد جداً في سوريا،ويجب على أمريكا أن ترضي كل الأطراف إن أرادت نجاح مسعاها الرامي إلى خلق جوٍّ توافقي إقليمي يضمن دوراً فعالاً للسعودية وحلفاءها في الميدان السوري،بغض النَّظر عن الموقف الإيراني الروسي المعارض،لأي تدخل بري عسكريٍ سعودي،فحسب الكاتب السعودي و"رئيس تحرير- جريدة الشرق الأوسط" السابق الأستاذ "طارق الحميد" فإنَّ السعودية ستدخل الميدان السوري بغطاء أمريكي من أجلِ مكافحة تنظيم داعش والحدِّ من النفوذ الإيراني الذي يسيطر على أربع عواصم عربية وهذا الكلام على مسؤوليته الأدبية.وهي (دمشق،وبيروت،وبغداد،وصنعاء)،وبأنَّ الحرب شنَّتها إيران علينا منذ 1979,أي منذ "انتصار الثورة الإيرانية الإسلامية"،وطالب بانتفاضة دبلوماسية عربية لنعرف أي السُّعوديون من معهم ومن ضدَّهم في حربهم المقدسة ضدَّ إيران،ولكن لماذا لا يحاول هؤلاء أن يفهموا بأن إيران باتت قوة إقليمية عظمى؟ ولا يمكن الحديث عن أي حلٍ سياسي في المنطقة دون إشراكها فيه،فهي تدير المعادلات السياسية والإستراتيجية في الشرق الأوسط من منطلق القوة والفعالية الاقتصادية والحيوية.لأنها تمتلك أدوات وأوراق هامة في التأثير في العديد من القضايا المصيرية فيها.
- فالخطوة الحمقاء التي ينوي الملك سلمان القيام بها دون حساب العواقب الكارثية التي ستنجم عنها ستؤدي إلى حربٍ إقليمية ستكون المملكة أول المتضررين منها،وسيكون من أثارها السلبية الخطيرة ازدياد الشرخ القائم أصلاً بين دول العالم الإسلامي وشعوبه،وعلى "أل سعود" أن يدركوا بأن التَّدخل في شؤون الدول العربية لن يمر دون حساب وبأنَّ أمريكا كما هي في كل تاريخها ستقف مع من يمتلك النفوذ والسلطة في النهاية فهي لن تكون بحاجة إلى نظام سعودي ضعيف ومترهل،وستدعم الإطاحة به كما فعلت مع "بمبارك وبن علي"،بعد أن أحسَّت بأنهم أصبحوا عاجزين عن حماية مصالحها،وقد قالها الرئيس الأمريكي الذي سيتسلم مفاتيح البيت الأبيض عد حوالي شهر من اليوم،"دونا لد ترامب" صراحة:بأن السعودية بقرة حلوب وعندما يجف ضرعها سنقوم بذبحها،وحتى لو قامت حرب بين أمريكا وروسيا في أسوء السيناريوهات فإنَّ هناك دولا عربيةً وإقليميةً ستستغل الوضع للانتقام من الدور السعودي في اليمن وتحالفها مع دول تعتبر من أشدِّ أعداء إيران "كالكيان الصهيوني". *كاتب جزائري