بقلم: نارام سرجون
يبدو ان كندا ترسل موظفين مراهقين الى الأمم المتحدة من دون تدريب ومن دون أن يقرؤوا (ألف باء) الديبلوماسية ويعتقدون أنهم يقومون بنزهة أو (بكنيك) في نيويورك ..
وربما وصلتهم أوراق المشروع الذي تقدموا به ضد سورية من مكاتب ايباك الأميركية وربما من مكاتب نتنياهو في تل أبيب وقرؤوه علينا دون أن يحضّروه وهم لايعرفون ماذا يقرؤون ولادخل لكل كندا وشعبها فيما تبرعت به الحكومة الكندية من دون أن يطلب منها الشعب السوري أن تجشم نفسها كبير العناء والقيام بالواجب الانساني وتكلف نفسها في حمل كل "البطيخ" في مجلس الأمن نيابة عن أميريكا واسرائيل والسعودية وتركيا ..
مايثير القرف الممزوج بالقرف من ثرثرة المشروع الكندي هو أنه بدافع الحرص على مصالح الشعب السوري وحقوقه .. ولكن ذات الوفد ومنذ أيام - وفي ذات القاعة التي ثرثر بها الكنديون وذرفوا الدموع - صوّت لصالح احتلال اسرائيل للجولان وهو جزء من الأرض السورية مثله مثل حلب ودمشق .. ورفضت كندا الباكية على الشعب السوري أن تدين احتلال اسرئايل للجولان وابقاء السكان السوريين في تلك المنطقة تحت الاحتلال والقهر الاسرائيلي منذ نصف قرن .. حلب شي والجولان شي .. ومن يسكن حلب يستحق حنان كندا .. ومن يسكن الجولان يستحق منها الاحتقار ..فلكندا الحق فيما تحب وفيما لاتحب ..
كما أن مراهقي الوفد الكندي الذين كتبوا المشروع لايزالون في المرحلة الابتدائية للعمل الديبلوماسي فهم لايعرفون الفرق بين مصطلحي "الجمهورية السورية" و"النظام السوري" .. فمرة يكتبون النظام السوري ومرة يكتبون الجمهورية العربية السورية حتى يصح فيهم القول (مابين حانا ومانا ضاعت لحانا) .. أو بالأحرى ضاعت طاسة الأمم المتحدة .. وبسبب التذبذب بين المصطلحين المتناقضين مع بعضهما ومع أصول المرافعات الأممية سيعتقد المستمع أو القارئ للوهلة الأولى أن من كتب البيان هو سيبويه لبنان (سعدو الحريري) وربما الملك سلمان "سيبويه" السعودية الضليع بالمراسلات الديبلوماسية على رأي صديقه ميشيل كيلو الذي فهمنا منه أن الملك سلمان (مابيجمعش) .. ولم يعرف المستمعون عمن يتحدث المشروع لأنه يتحدث عن شيئين مختلفين .. واحد اسمه النظام السوري وواحد اسمه الجمهورية العربية السورية .. مما يدل على ان كندا ترسل الفريق المناسب الى المكان المناسب .. أو أنها بالفعل تعرف أن الأمم المتحدة مجرد مسرح ولن تغير صياغات القرارات الرديئة من عبثية هذا المسرح .. ولايهم ان كان رصينا أو غير رصين .. دقيقا أم غير دقيق ..
بل المثير للسخرية والكوميديا السوداء هو ان كندا ذاتها صاحبة المشروع الحزين على حلب وعلى البنى التحتية لمدينة حلب شاركت في أكبر غارات على صوامع الحبوب التي تمثل بيت المؤونة للشعب السوري الذي بناها على مدى سنوات .. الى أن جاءت الطائرات الكندية وسوتها بالارض في لحظات لأن البغدادي كان ينام في الصوامع ويلقي خطاباته من أعلى صومعة .. ولأن الصوامع كانت تخبأ فيها السبايا أو لأن ناقلات النفط البرية المتجهة الى موانئ تركيا كانت تستريح في ظلال الصوامع أو تخزن نفط داعش في صوامع الحبوب السورية ..
ولعل أهم نقطة سلط الجعفري الضوء عليها هي استحمار أميريكا والغرب عموما للعالم وللشعوب الغربية .. فهناك اجراءات مشددة في كل مطارات اوروبة والعالم الغربي بحجة أمن الطائرات والملاحة ومنع الأعمال الارهابية التي تهدد الملاحة .. وفي نفس الوقت تقرر أميريكا تسليم مضادات طيران لاسقاط الطائرات للمجموعات المسلحة وهي منظمات تجاهر أنها نسخ من القاعدة .. أو أنها ستتحول الى داعش .. ومع هذا لايفكر الغربيون ان تسرب هذه الأسلحة الخطرة قد ينتهي الى أصابة طائرات مدنية غربية بتلك الصواريخ التي ستقع بيد مقاتلي الحرية .. وقد صرنا معتادين أن تأتي كل حكومة امريكية لتلوم قرارات الحكومات التي سبقتها في أنها أعطت أسلحة لمنظمات خطرة وغضت الطرف عن عصابات ارهابية ..
الجعفري جعل القرار وأصحاب القرار محط سخرية وأظهر أن كندا مجرد تابع صغير لأميريكا .. وأن البعثة الكندية "بعثة عيال" وتشبه تصرفاتها وقدرتها على العمل الديبلوماسي مسرحية العيال كبرت .. فالعيال الكندية كبرت ..