2025-05-21 09:34 ص

الرجل المسطح والصواريخ الإسرائيليّة

2016-12-11
بقلم: نبيه البرجي
مثل تلك الايديولوجيات لا ترى في الكائن البشري سوى جثة القيت في هذه الدنيا، ولاغراض الهية لا يفقهها الى من أوتي قوة الدخول في النص. جثة مات فيها العقل ومات فيها الخيال، والا كيف لرجل مثل ابي محمد الجولاني، ويفتقد الحد الادنى من الفطنة والدهاء، كما من الرؤية، ان يقود عشرات الاف الرجال (الجثث) الى القتال من اجل اقامته دولة هي مستودع للجثث...
احد القادة الاسرى في حي الشعار في حلب قال ان الجولاني ابلغهم شخصياً بأن اسرائيل ستتدخل، وقد تدخل الى دمشق، اذا ما حاول النظام الدخول الى حلب. فصائل اخرى راهنت على تركيا واميركا وفرنسا...
ولأن زعيم «جبهة النصرة» الذي اوحي لنا، بأن تغيير اسم تنظيمه الى «جبهة فتح الشام» يعني تغيير جلده، وحتى معتقداته، لا يقرأ سوى فتاوى تورابورا، ومشتقات تورابورا، لم يتعلم شيئا من التجربة اللبنانية...
الاسرائيليون تعاملوا مع حلفائهم في لبنان كسقط المتاع واستخدموهم لقتل اللبنانيين الاخرين، وحين دحروا تركوا قادة وافراد ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» يجرجرون اذيالهم هاربين وراءهم ليفتتح قائدهم في تل ابيب مطعماً للفول المدمس.
فات الجولاني ان بنيامين نتنياهو لا يعمل لمصلحة احد، بما في ذلك الولايات المتحدة، يعمل فقط لمصلحة اسرائيل، وفي غالب الاحيان لمصلحته الشخصية. اما التنسيق بين الاستخبارات الاسرائيلية وقيادات في «جبهة النصرة» على حدود الجولان فله اسبابه الاخرى...
اسبابه الاخرى التي اما للعب التكتيكي او الاستراتيجي في الازمة السورية، ومن تكريس مرتفعات الجولان وربما ما هو ابعد كأرض توراتية، الى اقتطاع بعض من الارض السورية لإقامة الدولة الفلسطينية فوقها...
هذا ليس ضرباً من الخيال، وهذا ليس تحليلاً، وانما هو تفسير لما يسعى اليه دنيس روس الذي يتنقل به اللوبي اليهودي من ادارة الى ادارة لامتلاكه دماغ الثعبان، وها انه يلتحق بفريق دونالد ترامب ليكون اســتاذ صهر هذا الاخير اليهودي الآخر جاريد كوشنر.
ما يتردد حتى الان ان كوشنر الذي لا يفقه في السياسة شيئاً والذي لا يعرف في الشرق الاوسط سوى اسرائيل، سيكون المبعوث الشخصي للرئيس الاميركي في الملف الاسرائيلي - الفلسطيني. هي المهمة ذاتها التي اضطلع بها روس في بدايات عهد باراك اوباما.
ماذا فعل في الملف سوى انه دفع بالدولة الفلســطينية التي لا افق لها في هذا الواقع الفلسطيني (والعربي) الرث والمحطم، الى الثلاجة، حتى ان ديفيد اغناثيوس كتب عن «مفاوضات داخل الثلاجة».
غير ان هنري كيسنجر لا يزال عند رأيه القديم بان احداً لا يدرك عمق ازمة الشرق الاوسط اكثر من اليهودي لان نصف هذه الازمة في الدنيا ونصفها الاخر في الاخرة. هذا ما تلقفه تلميذه دنيس روس الذي كان يضع نجمة داود في مكتبه في وزارة الخارجية على انها من صنع ابنه.
كيف يمكن لرجل مسطح، دينياً ودنيوياً، مثل ابي محمد الجولاني ان يعي كل هذا، وان يدرك ما هي خلفيات الصواريخ الاسرائيلية ضد اهداف للنظام في سوريا.
ولقد بدا مضحكاً جداً كلام البعض عن استهداف مستودع للأسلحة تابع لـ «حزب الله» على مدرج مطار المزة، هؤلاء الذين لم يعرفوا البتة كيف يعمل وكيف يخطط الحزب لوجيستيا وعملانيا، حتى ان الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية بكل جبروتها، لم تتمكن من ان تحدد ولو صومعة واحدة لصواريخه ابان حرب تموز 2006.
الصواريخ التي سبقت «صواريخ» أفيغدور ليبرمان الآتي من مواخير البلطيق عرّت الجولوني وكل نظرائه على الارض السورية. وزير الدفاع الاسرائىلي قرع طبول الحرب وقال برحيل بشار الاسد ليس من اجل لحية ابي محمد الجولاني بل من اجل عصا يوشع بن نون.
انظروا الى سفر اشعيا واقرأوا ما قاله في دمشق!
المصدر/ صحيفة "الديار" اللبنانية