2025-05-21 08:19 ص

رسالة مفتوحة الى الرئيس الأسد.. عن الإعلام وغير الإعلام

2016-12-12
بقلم: الدكتور محمد بكر
السيد الرئيس... أصبتم الجرح في توصيفكم للمنظومة الإعلامية السورية وما طفحت به من فساد وترهل، وكما تعلمون أن الحرب في سورية اليوم استندت أساساً إلى القاعدة الإعلامية الغربية منها والعربية لجهة شيطنة المؤسسات الرسمية في عيون الشارع العربي، والدفع بقوة إلى توتير المواقف وشحن النفوس بالبغضاء، وتكريس صورة في عقل المواطن تصل فيها مناسيب العداء للقوى الأمنية ومؤسسة الجيش لذروتها ، ولاشك أن امبراطوريات إعلامية حشدت الكثير من الإمكانات وضخت الأموال للوصول إلى مراحل خطيرة وحرجة عدة خلال سنوات الحرب، ولاشك أيضاً أنها تمكنت في اجتذاب قسم كبير من القاعدة الشعبية والجمهور، ولاسيما في البدايات، هنا يأتي السؤال المحوري حول قدرة هذه الفضائيات على تحقيق أهدافها في الوصول للأبعاد المتقدمة من المشروع الغربي المسمى ربيعاً، لجهة أنها استطاعت البناء وتشييد نجاحاتها على أساس " الحالة المشوهة"  التي تكاثرت وتغلغلت خلال العشر سنوات ماقبل الحرب، هذه الحالة التي كرستها جملة من العوامل في مقدمتها غياب قاعدة أن القانون فوق الجميع وحالات التسلط الفردي التي كانت تتصدرها شخصيات فاعلة ونافذة لها علاقاتها الواسعة استطاعت أن تفرض رؤيتها وتعيث بفسادها من دون حسيب. السيد الرئيس.. صحيح أن الدولة في حالة الحرب تختلف كلياً في حضورها ودورها ومسؤولياتها الادارية عن مرحلة ماقبل الحرب كما قلتم في مقابلتكم الأخيرة،  ولكن هل كانت الأجهزة الإدارية والمؤسسات المختصة  والوزارات ذات الصلة في مرحلة ماقبل الحرب وفي زمن كنا نتغنى فيه بالأمن والأمان  جديرة بثقة المواطن؟ ، وهل تحملت مسؤولياتها بالشكل الأمثل والأهم بالشكل الوطني؟ ، وكمثال هنا لا على سبيل الحصر يمكن الاستدلال بالقطاع العام الصناعي في فترة ماقبل الحرب ولكم أن تلاحظوا المنحنى البياني لأداء هذا القطاع وكيف نخر الفساد في مفاصله، وتغلغلت الانحرافات في مسيرته الانتاجية، فكان لزاماً على النتائج أن تكون بذلك السوء الذي انتهى بخسارات فادحة للعشرات من الشركات وإغلاقات بالجملة لها، نتيجة عجزها وديونها المتراكمة، ولم نسمع مطلقاً ولم يسمع الشارع عن دور للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ولم يُحل مسؤول في موقع متقدم للمحاسبة والمقاضاة في ظل غياب تام للرقابة. كثير من المؤسسات اليوم وليس فقط الإعلامية منها تعاني من حالات الفساد والترهل، بحاجة لبرنامج عملي وطني مسؤول ينهي القيود المفروضة على الكثير من الطاقات والإمكانات ولاسيما الطاقات الشابة التي يجب أن تزج في قيادة المؤسسات والإدارات، هذه القيادة التي مازال يتصدرها اليوم الكثير من الأسماء المكررة والتي أكل عليها الدهر وشرب، ففي جميع الحكومات المتعاقبة خلال سنوات الحرب الخمسة، مازال المواطن يتساءل عن حالة التدوير التي سيطرت على تشكيل الفريق الحكومي، وعلى سبيل المثال أيضاً وليس الحصر كيف يمكن للمواطن أن يثق وأن يتقبل شخصاً في تشكيلة حكومية قيل أنها جديدة، وكان مناطاً به في السابق مسؤولية مهمة تعنى بالنقد السوري وأسعار صرفه وحضوره في السوق المالية، وفشل كل الفشل في مهامه تلك، واليوم هو من بين الأسماء التي كلفت بالحقائب الوزارية المختلفة. السيد الرئيس.. مايحتاجه اليوم البيت الداخلي السوري لا يقل أهمية على الإطلاق عن المسؤولية الوطنية التي يقوم بها الجيش العربي السوري على امتداد الجغرافية السورية، وكما كنتم ممن برعوا في صياغة التحالفات الدولية والإقليمية، وممن أثبتوا تفوقهم على الخصوم في لعبة المحاور، فكانت سورية الرحم الذي استولد المشهد الذي أسقطت مفرزاته سوءات الهيمنة الواحدة، فاليوم ومن نداءات الدماء التي تسيل على الأرض السورية، ومن صرخات الثكالى وأنين الأيتام، وعظيم المصاب الذي خيم بظلاله السوداء على كل أسرة سورية، ومن تلافيف الأسى والغربة واللوعة والتهجير الذي طال الملايين من أبناء الشعب السوري في المغترب، أمام كل هذا فإنكم اليوم مطالبون  بثورة إدارية داخلية تغربل كل من أساء واستغل، وفسد وأفسد، وطغى وتجبر، وتعالى وتمادى، ونهب واستعلى باسم الوطن، فسورية العربية لا يليق بها إلا العنصر الوطني الصافي، وما أكثره سواء في داخل الوطن أوفي المغترب، كي يكون النصر أشهى ولكي تزهو التضحيات في وطن قدسي ذكره الكتاب وتناولته الأحاديث الشريفة. نأمل أن لايطول الاستطباب من حالات الفساد والترهل التي كانت الحطب والوقود لتطاول النيران وتآكل البنيان.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com