2025-05-21 10:37 ص

دمشق وأقصر الطرق إلى النجاة

2016-12-20
بقلم: د. أنور العقرباوي
دمشق وأقصر الطرق إلى النجاة حدثان من الأهمية بمكان, شهدتهم المنطقة من الأردن إلى تركيا، ,بدأ من عملية قلعة الكرك، وفي غضون نحو أربع وعشرون ساعة منها إغتيال السفير الروسي في أنقرة، أندريه كارلوف. من المبكر لأوانه، إستباق التحقيقات في عملية إغتيال السفير الروسي، أو الحكم عليها إن كانت قد تمت بدافع ذاتي أو أن آخرون يقفون خلفها. هتف الجاني بعبارة "الله أكبر" مرات ومرات، وقام بذكر حلب وفي السياق ردد أنه لن ينسى سورية، قبل أن يتمكن منه رجال الأمن ويردونه قتيلا، لتبدأ من بعده مكاتب التحقيقات في حصر المسؤولية عمن يقف وراء تلك العملية ومعرفة دوافعها. وإذا كان من المعلوم أن وقفات احتجاجية كانت قد دعت إليها منظمة ذات توجه إسلامي إحتجاجا على ما أسموه الهجمات اللتي تطال المدنيين، فإنه لا شك أن للدور اللذي لعبه السفير المغدور وبلاده في التنسيق مع الحكومة التركية في الشأن السوري، ربما كان له الدافع الرئيسي لمقتله وليعبر الحدث بحد ذاته عن حالة عدم الإستقرار والإنقسام الحاصل في تركيا. وإذا ما أضفنا إلى ما سبق الإجتماع اللذي كان من المنوي عقده بين وزراء روسيا وتركيا وإيران بشأن الأزمة في سورية، فإن تلك الأمور مجتمعة قد توحي بأن العملية ربما كانت أكثر من ردة فعل ذاتي أو حدث محلي، حتى لا نقول ذات بعد استخباري بهدف نسف التقارب الروسي التركي! وأي كانت دوافع وأهداف من يقف وراء تلك الجريمة،فإنه يبدو أن كلا الطرفين المعنيين بالقضية، قد سارعوا إلى احتوائها سواء بالإتصالات الهاتفية، أو التعقيب اللذي أدلى به الرئيس بوتين اللذي وصف الحدث بالإستفزازي اللذي يهدف إلى نسف العلاقات الطيبة مع تركيا, على حد قوله. وعلى ذكر الأحداث وتشابه البيئات والحاضنات و ردود الأفعال والتصريحات، فقد كان من الملفت للإنتباه التصريح اللذي أدلى به وزير الداخلية الأردني، واللذي أكد فيه بعدم وجود خلايا "نائمة" في بلاده، وهو اللذي يدرك ولا يخفى على كل مراقب تغلغل التيارات الإسلامية المتشددة فيها، لعل آخر مثال على حضورها وبقوة، تلك المسيرة اللتي خرجت من إحدى المخيمات بدعوى نصرة "المجاهدين" في حلب، وإذا ما نظرنا إلى الفعاليات اللتي أقيمت في تركيا تزامنا مع تلك اللتي اقيمت في الأردن يوم الجمعة الفائت، بما فيها إقامة صلوات الغائب على "شهداء" حلب، فإن في الأمر ما يستحق التوقف عنده، ويطرح أكثر من علامة إستفهام وسؤال! فهل أن تلك الجماعات من القوة والقدرة، بحيث لا تستطيع السلطات من كبح جماحها فغدت على مضض من الصبر تغض الطرف عنها أو تسايرها، أم أن لها في وجودها غاية في سبيل تمرير مشاريع أو تمرير أجندات لا حيلة لها على رفضها؟ لعل الجواب لن يأتي على لسان أي من الأطراف إياها حتى إن كانت تعرفه، وسوف يترتب على الأبرياء الإستمرار في دفع الثمن، إلا أن يعود الجميع إلى رشدهم حين تتحرر ارادتهم، وحين يدركون عندها أن لا مناص للخلاص من هذه الآفات وإرهابها سوى الإستفادة والتنسيق مع من مارس التصدي لها رغم غلاء الثمن، وأنه إلى حين إنجلاء الملابسات و الهدف من إغتيال السفير الروسي، وحتى لا تقض الخلايا "اليقظة" مضاجع البعض من النائمين، فإنه قد أصبح من الواضح أن أقصر الطرق للخلاص والنجاة لم تعد تخفى على أحد، وأنها سالكة الآن لمن أراد أن لا يخفي رأسه في التراب، وهو بإتجاه واحد نحو دمشق! 
كاتب فلسطيني مقيم في واشنطن