2024-11-30 12:52 م

الإخوان بالسودان.. أزمة جديدة تطفو على سطح الجماعة الإرهابية

2016-12-28
أثار الانقلاب الأخير لإخوان مصر بالسودان على التنظيم الدولي، من خلال موالاة أحد التيارين الحالين داخل الجماعة الإرهابية، التساؤلات حول الأسباب التي دفعتهم لاختيار جبهة جديدة بعيدة عن التنظيم الأم، وكذلك ما إذا كان يعني ذلك بوادر انشقاق للجماعة في السودان، خاصة بعد سلسلة من الأزمات الداخلية التي اجتاحت صفوف الإخوان المسلمين بمصر، وصلت إلى حد الانقسام الذي وصفه خبراء متخصصون في الحركات الإسلامية بالوفاة الإكلينيكية.

ومؤخرًا أصبحت الجماعة الإرهابية جماعة برأسين، الأول بقيادة محمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، يقابله التيار الثاني وهم مجموعة القيادي محمد كمال عضو مكتب الإرشاد (أعلنت الداخلية المصرية مقتله في 10 إبريل/نيسان الماضي في تبادل إطلاق نار مع قوات الأمن)، الأمر الذي اعتبره الخبراء يمثل أكبر الانشقاقات في تاريخ الجماعة الإرهابية.

 إعلان متأخر

 إبراهيم الزعفراني القيادي الإخواني المنشق والخبير المتخصص في الحركات الإسلامية، قال لبوابة "العين" الإخبارية، إن الإخوان المسلمين المتواجدون حالياً في السودان، لا ينضون تحت مظلة الإخوان المسلمين السودانية، لكنهم عن تجمعات من شباب الإخوان في مصر الذين تسللوا إلى الأراضي السودانية إما هرباً من أحكام قضائية أو خوفاً من ملاحقات أمنية.

وطبيعة شباب الإخوان الهاربين للسودان، كما يوضح الزعفراني، ثورية وبعضهم من الإخوان المنتسبين للجماعة، وهو ما جعلهم يعترضون منذ قدومهم إلى هناك على مفهوم السمع والطاعة الذي يتبناه القيادي الإخواني محمد البحيري والذي يتولى شؤون إخوان مصر بالسودان، وموالٍ للتنظيم الدولي للإخوان الموالي لجبهة محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان.

وفي حديث عبر الهاتف، يحدد الزعفراني الأسباب التي دفعت الشباب إلى ذلك بقوله: هم يتبنون التيار الثوري ومجابهة الدولة بإشعال مظاهرات وبالتالي لا يرون ضرورة للسمع والطاعة في هذا التوقيت وينشقون على تمسك البحيري بهذا المفهوم، وعليه فإن انقلابهم كان مبكراً منذ أشهر لكن كل ما حدث أنهم مؤخراً أعلنوا ذلك بوضوح، وهو ما جسده إعلان عضو مجلس شورى الإخوان صلاح الدين مدني، المتواجد في السودان رفضه المشاركة في الانتخابات الداخلية للروابط الإخوانية، تحت إشراف تيار جبهة محمود عزت المحسوبة على التيار القطبي.

اضطراب غير مؤثر

ويبدو الوضع مختلفاً بالنسبة لإخوان السودان، ونفى الخبير المختص في الحركات الإسلامية إبراهيم الزعفراني لبوابة "العين" ما يتردد عن حدوث انشقاق في جماعة الإخوان المسلمين السودانية، وقال إن ذلك "غير وارد"، وإن كانت مرت بفترة اضطراب عبر الإطاحة بالمراقب العام، علي جاويش من منصبه، وتكليف المراقب العام السابق، الحبر يوسف نور الدائم، بالمنصب مرة أخرى، لكن هذه الفترة سرعان ما انتهت حيث انضوى الأول تحت زعامة الثاني.

ويضيف الزعفراني: فرع الجماعة في السودان به استقلالية عن التنظيم الدولي منذ أوائل تأسيسه، ونلحظ ذلك من متابعة المشهد فلا نجدهم يتبنون تياراً دون الآخر، بل حتى إنهم يتركون أمر إخوان مصر المتواجدين هناك في يد القيادي البحيري، وربما هذا يجعلنا نستبعد حدوث انشقاق في التنظيم السوداني، بخلاف فرع مصر.

انشقاق مبكر 

وفي مقابل ذلك، يرى الزعفراني، أن إنشقاق جماعة الإخوان على المستوى الدولي واضح للعيان، فالجماعة في كل بلد عربي، لها خصوصية ووضع بعيد عن وضعها في مصر، فهي في مصر جماعة إرهابية نظراً للنهج العنيف الذي سلكته، كذلك لفظها في كل من سوريا والإمارات والسعودية وعُمان لكن في دول أخرى لها وضع قانوني ومشاركة سياسية، بعيداً عن إخوان مصر.

ويوضح الخبير في الإسلام السياسي أنه لا يوجد تواجد للجماعة مثلاً في الجزائر وإن كانت هناك أحزاب تنتمي لها فكرياً من أبرزها حركة "مجتمع السلم" لكنها تتخذ نهج المعارضة طريقاً لها بعيداً عن العنف، كذلك في اليمن حيث يوجد حزب "التجمع اليمني للإصلاح" الذي ينفي دائماً علاقته بتنظيم الإخوان.

وتابع الزعفراني: كل هذه الأمثلة توضح أن الجماعة ليست شجرة ولها فروع في الدول كما كانت تروج بل كل كيان منفصل عن الآخر وبالتالي أصبح إخوان مصر في عزلة حالية وليسوا كياناً متماسكاً كما يدعون.

حيلة إخوانية 

ويخشى  الكاتب الصحفي والقيادي الإخواني المنشق عن الجماعة عبدالجليل الشرنوبي، أن يكون الحديث عن الانشقاقات سواء داخل الجماعة في مصر أو بالتنظيم الدولي، أن تكون حيلة إخوانية.

ويقول  لبوابة "العين" الإخبارية: "يجب أن نستوعب أن التنظيم الدولي يحاول أن يقوم بتوزيع الأدوار على تيارين في مصر ليحافظ على صورته الدولية، من خلال تصدير تلك الخلافات للإعلام، ويترتب عليه ضبابية في مشهد القيادة لينجو التنظيم في النهاية من التهم المرتبطة بالتورط في الإرهاب المباشر، كما يثبت ادعاده بأنه موجود وفاعل ويمثل حالة ديناميكية تؤدي إلي الحديث عنه رغم منع الحركة واتفاق الجميع على أنها حركة إرهابية.

يضيف الشرنوبي: الجماعة الإرهابية تحاول عبر الحديث عن إجراء انتخابات مثلاً التشكيك في ادعاءات الدولة بأنها حاصرت التنظيم وهذا خطير، فضلاً عن أنها تريد منح القيادة التنظيمية البراح المؤهل لإعادة انتاج الشعار القديم "ليسو إخواناً"، بمعنى أن أي حدث يتم إحالته لأي من التيارين، بعيداً عن التنظيم الدولي.

يرى القيادي الإخواني المنشق أن تيارين أو 3 أو أكثر لا يعني تفتت الجماعة بقدر ما هو حيلة تستخدمها الجماعة، وتكتيك تلجأ إليه عند الضرورة، كأن يكون هناك حزب الحرية والعدالة ثم حزب التيار المصري ثم حزب آخر للقيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح، والآن يكون هناك تياران، وفي السابق يكون هناك تحالف للإخوان وللجماعة الإسلامية منفصلين عن بعضهما لكن في النهاية الإطار التنظيمي واحد، بحسب وجهة نظر الشرنوبي.