بقلم: حاتم استانبولي
شهدت الأشهر الماضية حركة سياسية وعسكرية على الجبهات السورية شمالا وجنوبا . ومن الواضح ان المحور العربي المعادي للدولة السورية يحاول استثمار النزعة المافياوية لدى فريق ترامب للحصول على غطاء لأدراج تقسيم سورية او في ادنى الأحوال تحويل شمالها وجنوبها لكونفدراليات تحت ادارة اممية متخذين من العنوان الأنساني وعدم وصول المساعدات كحجج لتسويقها . وفي هذا الأطار تفسر الحركة السياسية وحجيج وزراء خارجية كل من الأردن وقطر والسعودية واسرائيل الى موسكو لجس نبضها حول صلابة موقفها بشان وحدة الدولة السورية .
الازمة التي يعاني منها محور العدوان على سوريا تتمثل بان السقوف التي وضعها والجداول الزمنية قد سقطت جميعها ولا يمكنهم الأستمرار في العدوان او اعلان انسحابهم لما سيترتب عليه من استحقاقات . ولهذا فان فكرة الأنخراط المباشر في العدوان اصبح اولوية لهم بعد ان ابلغهم البيت الأبيض ان هنالك امكانية لتغطيته وليس الأنخراط به وعليهم تمويله وتنفيذه بادوات محلية وعليهم دفع فاتورة التغطية الأمريكية للعدوان مسبقا . هذا يستلزم من الدول الأقليمية وخاصة الراعية السعودية والتي استضافت القمة العربية المقبلة ان تدخل القمة القادمة وهي اما منجزة اسقاط الدولة السورية او على الأقل ارضاخها لتمرير قرارا عربيا في القمة القادمة يعلن انهاء الصراع مع اسرائيل . هذا لا يمكن ان يتم والدولة السورية ما زالت قائمة وتحقق انجازات على الأرض . وكل يوم تثبت ادوات العدوان الداخلي انها ليست مؤهلة لأسقاط الدولة السورية وعليه فانها امام خيار التدخل المباشر الذي تواجه عراقيل الموارد البشرية (اية جيوش ستدخل) هنلك عدة مجموعات دربت وتدرب لكن التجربة اثبتت انها فشلت ! السعوديون مشغولون في اليمن والأمراتيون مشغولون في محاولات تقسيم اليمن . والقطريون يملكون فقط الحقائب المالية والتي لا تحسم حروب . الأتراك لا يمكنهم الدخول في لعبة تقسيم سورية ويعلمون ان تقسيم تركيا هي على جدول الأعمال بعد سورية وان الورقة الكردية التي استخدمت في العراق وسورية ستكون اقوى في تركيا بحكم توزعهم الجغرافي في مناطق مغلقة لهم اما ايران فانها تدرك ان الورقة الكردية ستكون حاضرة ايضا لخلق المتاعب للنظام الأيراني ومشروع تقسيم لأيران او على الأقل انتزاع جزء مهم من اراضيها عبر رسم حدود الدولة الكردية. امام هذه الصورة فان الضغوط الهائلة التي تمارس على الاردن للأنخراط في هذا المشروع وهنا فان هذا الخيار هو في الحقيقة يستهدف سورية من حيث الشكل لكنه من حيث الجوهر يستهدف الأردن ككيان ودولة ويدعها في مهب الريح . هنالك ما زالت بعض اتجاهات تدفع بان يقوم الأردن بخيار التدخل المباشر وتدفع بمبررات ان مشاكل الأردن الأقتصادية من الممكن ان تحل من خلال فتح البوابة الجنوبية . ولكن السؤال المهم الذي يطرح هل النظام يملك جبهة داخلية متماسكة نؤيد مثل هكذا قرار . الوقائع تشير ان القوة السياسية الأكثر تنظيما (جماعة الأخوان المسلمين) هي مؤيدة لهكذا قرار وتدفع بشكل ناعم مركز القرار السياسي لتبني المشروع ومشاركتها في الأنتخابات النيابية وسلوكها يدلل على انها ستوافق وستدفع بكل طاقاتها لتاييد قرار التدخل وسيكون غطاء لقوى اخرى ستتبع قرارها تحت عنوان (اسقاط نظام الأستبداد) ! ولكن الاهم ان البعض لا ينظر للخلفية التي تقف وراء تاييد التدخل والذي يهدف في الجوهر ان التدخل سيتيح للاخوان المسلمين الأنقضاض على النظام خاصة اذا ما اخذنا ان القوة التي سيدعمها التدخل في سورية هي الأخوان المسلمين وحلفائهم على الارض السورية وتدخله سيضع النظام تحت ضغطهم وابتزازهم وسيشكل فرصة لهم لمزيد من التوريط لاضعاف الدولة والأنقضاض عليها. وعليه فان مصلحة الأردن وشعبه ودولته تكمن بان تبقى سياسة الدولة قائمة على حسن الجوار والعمل من اجل الحل السياسي على قاعدة وحدة سورية ووطنيتها وديمقراطيتها وان المستفيد الوحيد من اية تغييرا ت جيوسياسية ستحصده اسرئيل اولا اذا قسمت سورية فان اول استحقاق لها هو هضبة الجولان التي ستخرج من اية استحقاقات كون الدولة التي حاربتها اسرائيل والقرارات الدولية التي اتخذت في المحافل الدولية بشانها لم تعد موجودة على الخريطة السياسية وحل الصراع بين دولتين لم يعد واقعيا حيث انتهى احد طرفيه. ومكانه سيحل كيانات ليست معنية بالجولان ثانيا سيدخل الأردن في صدام مباشر مع محور سورية ايران روسيا الصين هل سيتحمل الأردن صراع طويل مع هذا المحور وخاصة بعد ان سمع وزير خارجيته موقف موسكو الحاسم . اماعلى المدى البعيد فالتدخل سيتيح لأسرائيل ان تعلن الضفة الغربية اراضي يهودية وتضم للدولة اليهودية . وسيترتب على هذا القرار استحقاقات ستطال الأردن ككيان ودولة ونظام . وسيصبح سقف الحل المنشود هو الحل الديني وليس الوطني وعليه فان صعود الأخوان سيكون مطلبا لتحقيق ذلك وانهاء الصراع على اسس دينية توافقية على قاعدة التسامح الديني الأردوغاني . التجار اثبتت ان الدخول في الحروب سهلة لكن الخروج منها صعب لما ستتركه من انعكاسات واستحقاقات خاصة بالنسبة لدولة تعاني من ازمات متداخلة ومتشابكة . مصلحة الأردن وفلسطين ان تسعى للحل السياسي في سورية.تبعات التدخل في الجنوب السوري
2017-05-01