2025-05-18 01:40 م

ترنح داعش... يفرض على أمريكا الحضور بقوة

2017-06-13
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
تساؤلات كثيرة عن أسباب تحفز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتحرك في هذه المرحلة باتجاه التدخل المباشر في سورية؟، وكأن الرؤساء الأمريكيين لم يسمعوا بما فعله داعش طوال السنوات القليلة الماضية، وما زال رغم تآكل قدراته يواصل إرتكابه مجازر وجرائم ضد الإنسانية في سورية والعراق في حدود ما تسمح له تلك القدرات بذلك. مما لا شك فيه، إن ما حدث في سورية من مفاجأت لم تكن في حسبان أمريكا وحلفاءها والتي من أبرزها صمود سورية وقدرة جيشها وصلابته في مواجهة مخططاتهم الإجرامية وتنظيماتهم الإرهابية ومجاميعهم التكفيرية، الأمر الذي حال دون تحقيق مشروعهم في المنطقة، رغم تعويلهم على أخطر هذه التنظيمات وأكثرها شراسة وعنفاً وإجراماً "تنظيم داعش" الذي أصيب بشيء من الضعف والوهن والترنح أمام الضربات التي تلقاها من كل القوى التي تقف صادقة في مواجهة الإرهاب، وهذا ما أحدث شعوراً لدى الأمريكيين بضرورة التدخل المباشر في سورية، وما كان لهذا التدخل وبهذه الطريقة أن يكون لو أن هذا التنظيم في حالة تمدد لا تبدد. ومن هنا نرى إن التحرك الأمريكي جاء لإعتبارات لا علاقة لها بالقضاء على داعش أو حتى إضعافه، بل تريد واشنطن أن تدخل على خط الجيش السوري وحلفاؤه الذين يحرزون الآن في الميدان إنتصارات عظيمة على مرأى ومسمع من كل العالم، فالحقائق على الأرض تؤكد أن محور المقاومة غير عابئ بالتهديد والوعيد الأميركي بعد أن تمكن من إفشال المؤامرة ، وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية السوري وليد المعلم عندما تحدث عن أولوية عمليات البادية السورية في وقت أعلنت فيه واشنطن تعزيز وجودها في منطقة التنف السورية. في الآونة الأخيرة، وضع الرئيس الأمريكي خطة لإقامة مناطق آمنة في الأماكن التي يتم تحريرها من عناصر "داعش"، وعلى هذا الأساس كان هناك إرادة أمريكية تقضي بإنسحاب عناصر داعش من الرقة باتجاه البادية ودير الزور، وطبعاً الهدف من هذا الإنسحاب هو السيطرة على مدينة الرقة، الأمر الذي تحتاجه الإدارة الأميركية للقول أن إستراتيجيتها على مستوى محاربة الإرهاب والتطرف ناجحة، بالإضافة إلى تحقيق هدف أميركي آخر، وهو عرقلة التقدم الذي يحرزه الجيش السوري وحلفاؤه في البادية، بغرض تحقيق رغبتها بالسيطرة على المناطق المتاخمة للحدود السورية العراقية، لكن جاء الرد الروسي-السوري الموجع عبر إستهداف عناصر "داعش"، التي كانت قد انسحبت في الأيام الماضية من الرقة باتجاه دير الزور ومنها إلى ريف حمص الشرقي، ليثبت أن ما كان يفعله التنظيم بقيادة أمريكا ما هو إلا لمحاولة الوجود على الساحة وإدعاء كاذب لمحاربة الارهاب. على خط مواز، بدأت واشنطن بتجهيز أعداد كبيرة من المسلحين للقتال الى جانبها وتم اعداد مراكز تطوع وتدريب لرفد هؤلاء أثناء المجابهات مع الجيش السوري، خاصة مع إستمراره في التقدّم نحو البادية السورية والمعابر الحدودية مع العراق، الذي استطاع السيطرة على مساحات شاسعة من البادية في أرياف حمص ودمشق، بالإضافة إلى التمدّد في ريف السويداء الشمالي الشرقي، وذلك لمنع الأميركي من التمدّد داخل البادية، ثم إمساك الحدود السورية- العراقية وتحقيق التواصل البري مع "الحشد الشعبي" العراقي، ومن ثم محاصرة مدينة دير الزور وتحريرها من داعش وأخواته، بذلك فشل الأمريكان من التمركز في البادية لسرعة إستدراك الموقف من قبل الجيش السوري وحلفاؤه، الذي لم يعطي للأميركان وحلفاءهم الوقت الكافي لإتمام تحضيراتهم وخططهم وتطبيقها، بل جاءت عمليات الفجر الكبرى التي قام بها محور المقاومة لتحطم بسرعتها المخططات الأمريكية الخبيثة للتمدد إلى عمق البادية السورية والسيطرة على الحدود السورية العراقية لمنع التقاء الجيش السوري بالقوات العراقية. في المحصلة، نجح الجيش وحلفاؤه في تكريس معادلة جديدة من خلال رسم خط لجبهة تبدأ من شمال غرب الطبقة بشكل مباشر وتصل الى منطقة الجنوب، هذا الخط سيستكمل بانتهاء العمليات في جنوب تدمر وشرق القلمون التي أدت الى تحرير مناطق واسعة ، وإصابة الجماعات المسلحة المدعومة من واشنطن بنكسات كبرى ترتّب عليها تبدُّد مئات المسلحين في الصحراء تحت نيران القصف الجوي الروسي، وتقدّم الجيش السوري، بالإضافة الى فتح طريق دمشق -تدمر القديم الذي يعتبر أقصر من حيث المسافة لجهة الإمداد من الطريق الذي كان يربط دمشق بتدمر عبر حمص،بالمقابل يقوم الجيش السوري بفتح معركة مزدوجة في ريف حماة الجنوبي الشرقي حيث يتتقدم باتجاه الجنوب الشرقي والغربي، وهذه العمليات تستهدف تطويق الجماعات المتطرفة بكافة أصنافها وإنسحابها باتجاه الشرق، وفي هذا الاتجاه تراقب إسرائيل نتائج المعارك الجارية بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة وهناك تقديرات يومية وجمع للمعلومات لما يجري في الميدان، تؤكد أن إمكانية حسم هذه المعارك لصالح الدولة السورية كبيرة، خاصة مع وجود الضغط غير المسبوق، وتناقص قدرة العديد من الأطراف على تقديم الدعم لهذه المجموعات. تأكدت واشنطن أن الرياح لا تتحرك في صالحها، وأن نتائج الحرب لم تحقق أهدافها، وأن استمرار التصعيد ربما سيورطها في الحرب التي أرادت التلويح بها، هذه الاحتمالات المرعبة أجبرت القوات الأمريكية على وقف زحفها نحو الأراضي السورية، ومن المؤكد أن جنرالات البنتاجون قد أوضحوا للرئيس ترامب أن الرئيس الأمريكي الأسبق بوش لم يربح حربه مع العراق، رغم نزول الألاف من المقاتلين الأمريكيين على أراضي العراق، وأن الرئيس السابق أوباما لم يربح حربه مع سورية رغم استعانته بمئات آلاف المسلحين من مختلف الجماعات التكفيرية ، والتي تدعمهم دول حلفاء أمريكا بالمال والسلاح. مجملاً... اليوم سورية لا تحتاج إلى شهادة من إعلام الغرب وحليفه لتؤكد أنها تنتصر، فنحن نفهم عمق الخيبة التي يشعر بها الأميركان، وحجم الصدمة بالهزيمة التي حلت بهم بعد أن قدم الشعب السوري نموذجاً في الصمود والتضحية والفداء بكل ما يملك من أجل أن تبقى سورية منيعة قوية بجيشها الذي سطر كل أنواع الملاحم البطولية لتبقى سورية قلعة الأسود تنكسر على أسوارها كل المشاريع وتتحطم على أبوابها مخططات أدواتهم، لذلك نستطيع أن نضع أيدينا في "ماء بارد" لإدراكنا إدراكا يقينياً بأن أمريكا وإستراتيجيتها ستلقى ذات المصير وذات الفشل الذي لقته أدواتها في سورية، وبهذا يتم إسقاط أول هدف من أهداف العدوان على سورية والمتجسد بمحاولة خلق حواجز تعزل الشعب السوري عن المقاومة ونهجها‏ المقاوم، لذلك ستظل دمشق دوماً رأس حربة في وجه أمريكا والحصن المنيع بوجه الكيان العبري وبوجه إجرامه. بإختصار شديد، ستزول داعش والإرهاب من سورية لكونها آداة مأجوره للضغط, والترهيب لتحقيق مكاسب سياسية, إنتهى مفعولها بعد تثبيت أساس وحدة سورية, عن طريق الحوارات واللقاءات الوطنية بين أبناء شعبها، كما أثبت الجيش السوري للعالم أجمع بأنه الأقدرعلى لجم أمريكا ومن يلتف معها خلف الكواليس.
khaym1979@yahoo.com