بقلم: محمود الشاعر
عند البوكمال تُحرق آخر أوراق الملف الداعشي الأسود وتُبتر اليد الإرهابية التي استخدمتها أمريكا في المنطقة الشرقية لتقسيم الدولة السورية وتدميرها حيث قدمت أمريكا للتنظيم الداعشي هناك الدعم العسكري وتسترت على جرائمه وقامت بعمليات نقل لقادة التنظيم الإرهابي خارج دير الزور وريفها وأمنت الطريق لعبور أرتال الدواعش المتجهة نحو العراق وتمنعت عن قصفها وذلك كله دليل على أن الأمريكيين ماضون في دعم الإرهاب حتى اللحظات الأخيرة ، لكن الوقائع الميدانية عطلت جهودهم ومساعيهم الخبيثة لاستنزاف الدولة السورية وجيشها وكانت الانتصارات السورية في البوكمال بمثابة صفعة تلقتها قوى العدوان ونزلت كالصاعقة على رؤوس داعمي الإرهاب ومشغليه .
وللنصر في البوكمال ميزات عديدة تتمثل في التقاء الجيشين السوري والعراقي على جانبي الحدود مما يفتح الباب على مصراعيه لتنسيق عمليات واسعة بين البلدين المقاومين لإنهاء داعش بالضربة القاضية وتمهيداً لفتح خطوط التبادل التجاري بين البلدين وإنعاش اقتصادهما مجدداً .
ولا يخفى على أحد أن أمريكا عملت على عرقلة تقدم الجيش السوري في البادية في محاولة محمومة لتسليم البوكمال من اليد الداعشية إلى ميليشيات قسد كما حدث في الرقة مسبقاً حين قامت التنظيمات الإرهابية بتسليم تلك المدينة لقوات قسد على طبق من فضة، وبعد أن تمت عملية إحكام السيطرة على مدينة البوكمال من قبل الجيش العربي السوري وبعد استرجاع معبر القائم وجدت أمريكا نفسها مضطرة للبحث عن بدائل إرهابية أخرى ليس في الرقة فقط بل وفي الجنوب السوري لإيجاد موطىء قدم استعماري لها هناك ولضرب محور المقاومة الذي يهدد إسرائيل ويقف عقبة أمام تنفيذ المخططات الصهيو أمريكية لذلك تتجدد اليوم المساعي الأمريكية والصهيونية والسعودية لإثارة حروب جديدة في المنطقة بعد الخذلان والهزيمة اللذين منيت بهما قوى العدوان تلك وما التصعيد الحاصل في الساحة اللبنانية اليوم إلا دليل على ذلك ويضاف إليه التصعيد السعودي ضد إيران حيث يمكن اعتبار هذا التصعيد خطوة أولى على دروب المرحلة القادمة المسماة بمرحلة " ما بعد داعش " على أمل أن يتم خلالها استبدال إسرائيل كعدو للعرب ومحتل للأرض الفلسطينية بإيران والمضي بالتصعيد ضد طهران لصرف النظر عن القضية الفلسطينية وتصفيتها والتستر على جرائم بني سعود في اليمن .
إن إعادة الأمن والاستقرار إلى معظم المناطق على امتداد الجغرافيا السورية وفتح آفاق واسعة من المصالحات الوطنية في أغلب المحافظات بالتزامن مع الانتهاء من المعارك الكبيرة في شرق سورية وبعد تحقيق النصر المؤزر هناك... كل ذلك يمهد لحلول سياسية منتظرة تسعى إليها الحكومة السورية وتؤيدها روسيا بالاستناد إلى مباحثات أستنة حيث يتم التنسيق مع الشركاء الدوليين للبدء بمؤتمر الحوار الوطني السوري لحل الأزمة وبما تمليه إرادة الشعب السوري بعيداً عن التدخلات الأجنبية .
واليوم وفي محاولة أمريكية لحفظ ماء الوجه بعد أن خسرت أوراقها الإرهابية في سورية يتم إصدار بيان روسي أمريكي يؤكد استقلال ووحدة سورية وفي حال صدق النيات الأمريكية فإن البيان سيكون بمثابة نقطة التقاء سياسية مهمة تبشر بحل سياسي يمكن اعتباره قاعدة أساسية لإنهاء الحرب على سورية ولكن التخوف من عدم مصداقية الجانب الأمريكي يبقى قائماً لأن الإدارة الأمريكية سعت دائماً إلى تعطيل الجهود الدولية الرامية لإيجاد حلول للأزمة المفتعلة في سورية وأوعزت للمعارضة المزعومة بتعطيل جولات جنيف المتعددة لإبقاء المنطقة في حالة من التوتر وبما يوافق مصلحة الكيان الصهيوني .
وأياً كانت النوايا الأمريكية فإن إعلان النصر على الإرهاب وبشكل نهائي أصبح قاب قوسين أو أدنى والطريق لتسوية نهائية للازمة في سورية بات ممهداً أمام جميع الساعين لإنقاذ البلاد وإعادة إعمارها . *أمين تحرير صحيفة العروبة بحمص