2025-05-12 01:23 ص

قضيتنا بين حقيقة الواقع وواقع الحقيقة

2017-12-23
بقلم: أنور العقرباوي
أمام حقيقة الواقع اللذي تعيشه الأمة العربية من التمزق والهوان والنيل من قدراتها، وإزاء واقع الحقيقة في غياب الإرادة والعزيمة ووقوفها عاجزة عن الدفاع عن وحدة مصيرها وكرامتها، على الرغم من إمتلاكها لكل الإمكانيات في تحقيقها، فإنه ما لم تتوفر الإرادة الحقيقية في التغيير لدى شعوبها، فإنها ستبقى تراوح ساكنة مكانها تتهددها أخطار المزيد من التقسيم والعبث بحاضرها ومستقبلها من داخلها وخارجها، على الرغم من اللغة والهوية والمصير المشترك اللذي يجمعها! بالأمس القريب سارعت الدول الإسلامية للإجتماع بدعوة من تركيا، انتقدت التعليقات مستوى التمثيل العربي فيه، وكأن نتائج عملية مغايرة كانت سوف تتمخض عنه لو ارتقى مستوى تمثيل العرب فيه، واللذي لم ينتهي بحال أفضل حين استبقوا الإجتماع الآنف الذكر على مستوى أدنى من المسؤولية إزاء قضية مصيرية! وإذا كان مؤتمر اسطنبول لم يأتي بشيء من جديد، غير أن أعاد التأكيد على التحصيل الحاصل الراسخ في الأذهان بحكم العقيدة والتاريخ عن عروبة القدس، وإذا كان الرفض والتنديد بالموقف الأمريكي هو أبلغ ما توصل إليه، فإنه لا يعقل أن ينطلي على عقولنا أنه في غياب الآلية اللتي تحرك وتدعم قراراته، ولو ضمن حدها الأدنى في الدعوة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو الصهيوني وفي مقدمتها الدول العربية اللتي تقيم علاقات علنية وأخرى خفية وإنهاء كل أشكال التطبيع، ومناشدة المعنيين في وقف كل أشكال التنسيق الأمني معه، فإن ما صدر عن هذا الإجتماع، لن يعدو وصفه أكثر من مناورة للتنصل من المسؤولية، أو في أضعف الإيمان إن توفرت لديهم بعض من المصداقية، المبادرة في مد يد المساعدة إلى الشعب الفلسطيني بكل أسباب الصمود والمقاومة حتى يحقق ما يتطلع إليه، واللذي لا يقل عما تنشده أمته الأمة العربية والإسلامية من تحرير فلسطين من النهر حتى البحر وعاصمتها القدس الشريف، حين تركت على عاتقه تحقيق أمانيها فيما عجزت عنه الأنظمة، وعكس ذلك فإنه لا يفهم منه سوى دفاع عروش عن وجودها، بدل وقوفها إلى جانب شعوبها اللتي تقاتل من أجل حقها التاريخي في وجودها على أرض أجدادها ومقدساتها! صحيح أننا نعيش في عصر من التمزق والهوان، توافدت علينا فيه النظريات والفلسفات معززة بكل وسائل الدمار في سبيل تحقيق النبؤات، تؤازرها أنظمة الأنانية والجهالة والنكايات، لكنه الأصح أنه إذا ما استعادت الجماهير العربية وعيها وعافيتها، فإنه لن يقدر على مواجهتها في قلب واقع الحال أي كان، حين تحذو حذو شعب فلسطين في التمرد على السكون والثورة على الطغيان، يوم يود بعض الحكام العرب حينها لو كان هنالك أمد بعيد بينهم وبين ذلك اليوم المنتظر والقادم لا محال!
كاتب فلسطيني مقيم في واشنطن