بقلم: بسام عمران
تفصح ذاكرتنا بين حين وآخر عن أيقونات متلاطمة المعاني والدلالات ولاسيما خلال بحثها عن منظومات الحب والدمع والوداد والياسمين وبوح كلمات الصمت وحلم الذات وتراقص الأمنيات على رماد الجسد الذي كان ولايزال يرفل بثياب المحبة والألفة .. فأينما فتشت في الذاكرة تجد الكثير مما لانزال نتأمل مفردات وسطور عناوينه .. وعندما نسمح لعيوننا أن تبحر في المدى نجد التاريخ مغزولا بالدواوين والمجلدات والروايات وهمسات ذرات التراب التي تخبرنا أن الأرض الطهور لا تُستباح لأن عفتها وكرامتها وحياءها تصونها سواعد الرجال الرجال الذين يفضلون أبجديات الصمت التي تتصدى لثرثرة الضجيج وشوائب المعاناة الإنسانية وتوتراتها ليسمو الوطن نحو فضاءات تعانق رحيق النور المتصاعد كل صباح من رائحة تراب سورية .. فكم هو صعب اليوم أن نفهم حروف أبجديات الصمت وكم هو موجع ربطه بوجهة نظر وحيدة ومعنى واحد تحبسه فيه .. وفي ذاكرة الأمة العديد من صدى الانتصارات التي حققها أبناء الأمة العربية عبر تاريخها التليد .. واليوم تتقطع هواجس الذاكرة بين تفاصيل الأوجاع المستجدة في فلسطين الجريحة والتي لا تزال سورية بشمسها الساطعة تبدد عنها ظلمة الأحقاد أحقاد أعداء الماضي و اليوم رغم كثرة المتاجرين بدماء شعبها و قوتهم و الآن يحيك بعضهم خيوط استثمار جديدة بأنين الألم السوري والفلسطيني لتتسع ومضات ذاكرة التوجع ليس بسبب ما يفعله الأعداء بل لما يقترفه من يقدمون أنفسهم على أنهم عرب و يتحركون باسم العروبة محاولين أن يحجبوا نور الشمس عن أرض العروبة متسترين ومتمترسين خلف أكاذيب حقوق الإنسان كما يهمس الكوبوي الأمريكي في آذانهم المصابة بالوقر فهي لا تسمع إلا أصوات الشياطين الصهيونية الذين يتحدثون بلسان الأطماع و الأحقاد فهؤلاء الأعراب لا يزالون حتى اللحظة يتجاهلون ما يحدث من ويلات في كل جغرافية الأمة العربية حتى أصبحت القدس بفعل عمالتهم تئن صمتاً بأوجاعها كما في سورية و اليمن و العراق و ليبيا .. و ...و .. فكيف سنمحو من ذاكرتنا العربية هذا المجون المتراقص فوق أشلائنا و الذي ما يزال يتحرك متنكراً لأوراق حضارتنا ليعيق قدوم نور المستقبل إلينا .
صحيح أن هذا التوجع حفر عميقاً في ذاكرتنا و مع ذلك ستبقى دروب الأمة ولاسيما السورية تجاورها أشجار الغار و زهور الياسمين معلنة أن إرثها من المحبة و الصمود باق أمد الدهر رغم كل الأوجاع .. وهاهي وردتها الشامية تجدد كل صباح نشر عبيرها في كل دروب العروبة لتفصح عن عزيمة خلدتها ذاكرة التاريخ بحروف ينبعث منها الضياء ليبدد ظلام العتمة من كل الأرض العربية .. كل الأرض العربية .. فالصبر المؤطر بالبطولات سنقطف ثماره قريبا فهو الآن وغدا سيبقى يزين هامات أبناء المجد في الميدان فهؤلاء لم ترهبهم الخطوب ولم ولن يسكن اليأس مضاربهم لذلك سنبقى عربيين بمفردات كلماتنا وأبجدية حضارتنا نعانق صدر الزمن .. فالأمة العربية بصمت جراحها تنتصر على غوغاء الضجيج لتسكن أمجاد الذاكرة العالمية
الأمة العربية بتضحيات أبنائها تسمو نحو فضاءات تعانق رحيق النور
2017-12-24