بقلم: بطرس الشيني
لم يخبرنا الإعلام الألماني ما هي الأعمال المتطرفة التي قام بها السيد كريستيان بليكس النائب ورئيس الوفد البرلماني الألماني الذي يزور سورية هذا الاسبوع ولكن وفق محطة التلفزيون الالمانية الناطقة بالعربية / DW /فإن الوفد الزائر هو من "اليمين المتطرف"ورغم ان المحطة لم تخبرنا عن الاشياء المتطرفة التي قام بها اعضاء الوفد إلا أنها أعطت للمشاهد العربي صورة سيئة عنهم سواء بصيغة الخبر أو الايحاءات لجانبية ,تابعنا الوفد وشاهدناه اثناء زيارته هو قدم وعودا بالعمل على مساعدة الاطفال وتقديم العون للمشافي والاسر المهجرة وتعهد بنقل الصورة الحقيقية عما يجري في سورية الى البرلمان الالماني ... واذا كان هذا هو" اليمين المتطرف " فان الاف الاسئلة تطرح حول كيفية تحول الاحزاب الاشتراكية اواليسارية الاوربية الى مجرد ادوات امريكية داعمة للارهاب الدولي و اذا كانت تغطية DW لزيارة الوفد في اطار حملة اعلامية ضده "وهذا شبه مؤكد "فإن ما قالته المحطة يمثل رأس جبل الجليد في الحملة الاعلامية الالمانية والغربية ضد أي مجموعة برلمانية او اعلامية تريد معرفة حقيقة ما يجري في سورية وقد سبق للاعلام الغربي ان شن حملة منظمة على صحفيين وبرلمانيين أوربيين زاروا سورية وكانت الحملة كبيرة على المستويين السياسي والاعلامي سواء كان الاعضاء من اليمين أو اليسار .
ما تقوم به الصحافة الغربية ينسجم تماما مع التوجهات السياسية لمعظم الحكومات والاحزاب الغربية المؤيدة للارهاب الدولي لان مثل هذه الزيارات يمكن ان تفضح مساهمة دول الغرب واحزابها في دعمها المالي والاعلامي والسياسي لأعتى المنظمات الارهابية التي قتلت عشرات آلاف المدنيين في سورية وهي ايضاً تفضح بشكل خاص تواطؤ الاعلام الغربي "الحر "غير المسبوق في الترويج للمنظمات الارهابية والعنف ،وباتت عبارة "هناك تضليل اعلامي كبير بشأن ما يجري في سورية "تتردد على ألسنة جميع اعضاء الوفود التي زارت سورية وعبر البعض منهم سابقاً عن "صدمته "لحجم الاكاذيب والحملات الاعلامية التي تنظمها وكالات وشركات علاقات عامة متخصصة في اوروبا لتحريف الحقائق وصنع الاكاذيب ولكن آراء اعضاء تلك الوفود سرعان مع اختفت لان اصواتهم تبقى مجرد اصوات فردية حتى في برلماناتهم مقابل حكومات واحزاب وشركات اعلامية عملاقة تعمل ككتلة واحدة ومسيرة من غرفة عمليات واحدة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الاوسط وهي كلها ستبقى رهينة صفقات الاسلحة والنفط مع دول الخليج الداعمة والممولة للارهاب الدولي .
سواء تم وسم أو "وصم "الوفد الزائر بأنه متطرف أو يميني متطرف فإن وفد شجاع كما الوفود التي سبقته ...وهو ليس شجاعاً لانه أتى الى منطقة تشهد عمليات ارهابية بل لانه استطاع الوقوف بوجه تسلط ووطأة الليبرالية الاوربية المتوحشة وما يمكن ان تفعله لتشويه سمعة اعضاء الوفد السياسية امام الناخبين عبر الحملات الاعلامية .
تحولت اجزاء من سورية إلى مناطق تتطابق مع الصورة المشوهة التي زرعها الاعلام الغربي في ذهنية شعوب الغرب وهذا الاعلام يتابع تصنيف الشعوب والسياسيين وفق مقاييس خاصة به ،فالوفد البرلماني الالماني الزائر يميني متطرف ,أما المنظمات الارهابية التي تقصف المدنيين في دمشق وعشرات المدن والقرى السورية فهي "معارضة معتدلة "؟؟؟!!وهي في اسوأ الاحوال "معارضة مسلحة "ولها مكاتب تمثيلية في عواصم الغرب .؟؟؟؟
"ماري لوبان "الفرنسية هي يمينية متطرفة وفق الاعلام الغربي ولكن اليهود ونتنياهو وقادة الكيان الصهيوني هم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط !!؟.
ووفق الاعلام الغربي ايران بلد اسلامي متشدد وداعم للارهاب أما السعودية فهي بلد" معتدل "!!وقطر واحة للديمقراطية والحرية !!!!والبحرين مملكة ديمقراطية تسود فيها العدالة ؟؟؟!!.
خمسة آلاف ارهابي أوربي التحقوا بداعش والنصرة وغيرها من المنظمات الارهابية في سورية والعراق هم "مقاتلون اجانب" و"معارضة مسلحة "أو "جهاديون" وفق BBC وفرانس 24 وDW والحرة وهم وعشرات الآلاف غيرهم من التركستان والسعودية والاردن ومصر وتونس وليبيا ....و100 دولة أخرى هم وفق الحكومات الغربية "مقاتلون من أجل الحرية "طالما انهم يقتلون السوريين ولكن ما أن يعود احدهم إلى بلده حتى يتحول إلى "إرهابي "!!!.
خلال سبع سنوات لم تذكر اية وسيلة اعلام غربية احصائية عن الارهابيين الذين قتلهم الجيش السوري بل تم تحويلهم إلى "ضحايا مدنيين استهدفهم النظام "..!! أما آلاف المدنيين اللذين قتلهم التحالف الغربي في الجزيرة السورية فهم جميعهم "ارهابيون "بما فيهم الاطفال.
كل يمني تقتله الطائرات السعودية وقوات التحالف العربي هو "حوثي"ولكن وسائل الاعلام "الحرة "تلك لم تخبرنا ما هو القرار "السامي "الذي قضى بقتل الحوثي لمجرد انه حوثي ....وقتل أي فلسطيني لأنه فلسطيني.
لم تخن حكومات الغرب تاريخها الاستعماري الدموي ولم يخرج إعلامها "الحر"عن دوره كأداة لترويج سياسة الهيمنة والقهر ولكن مع مطلع القرن الجديد وقبله بعقد من الزمن كانت الكارثة الاخلاقية هي في تحويل المنظمات والهيئات الدولية التي انشأت للحفاظ على السلم العالمي إلى أدوات تنفيذية لشرعنة الخروج على القانون الدولي ,وتحويل الهيئات ذات الطابع الإنساني كمنظمة الصليب والهلال الأحمر ومجلس حقوق الإنسان لأدوات في يد الغرب لدعم الإرهاب وربما تكون الفضيحة التي كشفتها الصحافة التركية منذ عامين عن قيام منظمة الهلال الأحمر التركية بنقل أسلحة للمنظمات الإرهابية ليست آخر مصائب تلك المنظمات ،ساد الحياد والصمت منظمة الصليب الأحمر على الحادثة وعلى قصف الإرهابيين لمشفى طبي روسي في حلب العام الماضي قبلها تدمير الارهابيين لعشرات المشافي الكبيرة في المدن السورية وكل هذا عار إضافي يضاف لعار مجلس حقوق الإنسان الذي بات يدار بأوامر مندوب السعودية واسرائيلوفرنسا وبريطانيا وأمريكا الدول الشركاء في دعم الارهاب الدولي وقتل اليمنيين والليبيين والسوريين والعراقيين والفلسطينيين وغيرهم على مدار السنوات السبع الماضية ...
مسلح معتدل !!؟
2018-03-11