2025-05-10 10:12 ص

القرد والنجار وإبن سلمان

2018-03-18
بقلم: د. أنور العقرباوي
في مقابلة له مع شبكة (CBS) الأمريكية، نشرت مقاطع منها وتبث كاملة الأحد، أعلن إبن سلمان ولي عهد مملكة الرمال، عن إحتمال حصول بلاده على قنبلة ذرية "في أسرع وقت ممكن"، حال أن طورت إيران قنبلة ذرية! وإذ بلغ منه الإستعلاء الأجوف في البجاحة الخاوية إلا من حقيقة الواقع والوقائع، مرة في الزعم بأن إيران بعيدة أن تكون ندا للسعودية، وأن إقتصاد بلاده أكبر من الإقتصاد الإيراني، فقد خانته رعونته للمرة تلو الأخرى حينما أظهر عدم إلمامه باللياقة الندية والكياسة الدبلوماسية، عند إطلاقه وصف "هتلر الجديد" على المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، ومن على شاشة تلفزة أمريكية، إلا أن يكون ذلك مقدم العربون في التماهي مع مواقف سيده القابع في بيت الشر الأسود! ولما يفترض في القرارات المصيرية اللتي تستمد شرعيتها من الحرص على التمسك بالعقد الإجتماعي بين الحاكم والمحكوم، واللذي يقع عاتق تنفيذه في المقام الأول على رأس السلطة في أي نظام، فإنه وإزاء حالة الهلوسة والأوهام اللتي لا تعشعش، إلا في أذهان ذوي الإنفصام الشخصي، فإن السؤال اللذي ما يلبث أن يتبادر إلى الذهن تلقائيا، عما إذا كانوا هؤلاء يدركون حقا أن الوصول إلى القمر أو الحصول على أسلحة الدمار الشامل، أنما ليست بالسهولة مثل إبتياع قصر أو يخت أو لوحة فنية، استوفيت أجورها من جيوب المواطنين، إن لم تعدو كونها أضغاث أحلام، تتطلب المسؤولية التوصية رأفة بهم و برعيتهم، في الحجر عليهم بمصح عقلي على أقل تقدير، درأ للمخاطر اللتي قد تترتب على أقوالهم وأفعالهم، اللتي غالبا ما تكون من صنع الأصوات الخفية اللتي لا تدور إلا في خلد عقولهم، دون إرادة منهم! يقص علينا عبد الله إبن المقفع في كتابه "كليلة ودمنة"، في واحدة من أشهر قصصه عن المغزى في الشخص اللذي يتكلف من الزعم والفعل ما ليس في مقدوره: أن قردا رأى نجارا يشق خشبة وهو راكب عليها، وكلما شق منها ذراعا أدخل فيه وتدا. فوقف القرد ينظر إليه وقد أعجبه ذلك. ثم أن النجار ذهب لبعض شأنه، فركب القرد الخشبة وجعل وجهه قبل الوتد، فقبض الشق على ذنب القرد وضغط عليه، فكاد يغشى عليه من الألم. ثم أن النجار عاد فوجده على تلك الحالة، فأقبل عليه يضربه، فكان ما لقي من النجار من الضرب أشد مما أصابه من الخشبة! وإذا كان من الغني عنه التذكير بالخسائر البشرية والمادية الفادحة، اللتي ألحقتها الفيضانات المتتالية منذ عام 2009، اللتي جرفت السيول فيها السيارات والمباني الحكومية و قضى فيها المئات نحبهم, نتيجة عدم وجود أو فشل البنية التحتية في البلاد، حتى لا نعرج على فشلهم في حسم حروبهم الظالمة في ليبيا واليمن وسورية المستعرة منذ سنوات، واللتي استعملت فيها من الذخائر ما يفوق قدرة قنابل ذرية، فهلا يعقل على عاقل بالغ راشد أن يخالجه الوهم، أن يكون المقاول العنصري المتعجرف ساكن واشنطن، من السذاجة بعد أن يكون قد استنفذ الغرض من إستغلال المهلوس الإنفصامي، إلا أن يطبق عليه وعلى الأذناب من خلانه في محور العمالة و الخيانة، كما عودنا عليه الأمريكان في الإطباق على كل من انتهت صلاحيته من شاه إيران وحاكم بنما السابق مانويل نورييغا، وإن كنا لا ندري من سيجلس في المقدمة قريبا على خشبة الجرار؟
كاتب فلسطيني/ واشنطن