بقلم: د. أنور العقرباوي
لسنا من المنجمين والعرافيين، ولا نزعم القدرة أو الخبرة على قراءة ما يبيت من دسائس لأمتنا وراء الكواليس، ولكنه من حقنا كما هو من حق الغير علينا عند ممارستنا لخياراتنا السياسية الوطنية، أن لا ينازع الواحد منا الآخر في قناعاته، بالقدر اللتي تكون المصلحة الوطنية فيها فوق أي إعتبار، ولا يتقدم عليها ما هو دونها! وعليه فقد وجب علينا أن نحذر مما يضمره المتربصون بنا إزاء حالة التشرذم والتباغض الطائفي المصطنع اللذي نعيشه، واللذي تغذيه وسائل الإعلام المغرضة، وأن لا نغفل عما ينتظرنا نتيجة الدسائس والمكائد اللتي لا تستهدف سوى الوقيعة وتباعد المسافات بيننا، فكيف إذا كانت الأمة والوطن كلاهما الغاية و الهدف؟!
لا يخفى على كل متابع للسياسة الأمريكية، كيف أن الإدارة الحالية وإزاء المأزق اللذي تمر فيه منذ تولي ترامب حكم البلاد، سواء لناحية عدم توازن قواه العقلية أو ضحالة إلمامه بالعمل السياسي، إضافة إلى كم الفضائح الأخلاقية اللتي تعرضها القنوات الفضائية في مقابلات مع مومسات، كان له معهن جولات وصفقات لقاء صمتهن، ناهيك عن المزاعم في التدخل الروسي بالإنتخابات الرئاسية الأخيرة، حتى لا نعرج على ما عرف عنه من الكذب والنصب والتحايل، نقول وإزاء المخاوف والهواجس اللتي تستولي على حزبه الجمهوري مع قرب الإنتخابات النصفية، واللتي ترجح إستطلاعات الرأي المبكرة إمكانية تقدم الديمقراطيين فيها أو أقله تضييق الفجوة مع الجمهوريين، فإن لكل طرف إستراتجيته وأساليبه وإن كانت لا تختلف في الكثير فيما بينها، اللتي يأمل من خلالها كل حزب في كسب أكبر عدد من أصوات الناخبين.
عرف عن الساسة الأمريكيين في حالات الركود الإقتصادي، أو إنتشار الفضائح اللتي تطال كبار السياسيين، اللجوء إلى أساليب التضليل والتشتيت من خلال حرف إنتباه الرأي العام عما هو حاصل، تماما كما حصل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001, ودخول اقتصادهم في حالة ركود، عندما كان لا مفر من الخروج من ذلك المأزق سوى شن حرب أي كان مكانها، ولما كان العراق هدفا مدرجا في كل الأحوال وإن كان مؤجلا حتى حانت الأعذار والظروف فكان ما كان و انتعش الإقتصاد ونجح بوش الإبن في ولاية ثانية. ولا ننسى كذلك الهجوم الصاروخي اللذي شنوه في أغسطس آب من عام 1998 على مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم، بحجة قيام المصنع بإنتاج مواد كيماوية قد تدخل في صناعة أسلحة كيميائية، وهكذا نسي الأمريكيون فضائح كلينتون الأخلاقية مع المتدربة في البيت الأبيض، مونيكا لوينسكي وغيرها الكثيرات واستمر في ولايته الثانية حتى إنقضاء أجلها الطبيعي!
فإذا كانت تلك هي السياسة الأمريكية، اللتي بالمناسبة يدركها العالم كله قاطبة، وحتى اؤلئك المتواطئون معها في سياساتها العدوانية، اللذين لا يتوانون عن سابق دونية سوى تبني سياستها واللحاق بأجنداتها التبعية، وحتى التسويق لتلك الإفتراءات في قضية الكيماوي، في الوقت اللذي كان فيه الجيش العربي السوري يحقق نصرا إستراتيجيا على الإرهابيين ومن يقف خلفهم، واللتي قد تنضوي على مضاعفات قد لا يحمدون حين لن ينفع الندم يوما عقباها.........
إذا أين نحن مما ينتظرنا،
ليس علينا إلا أن نتصور فقط كيف سيكون عليه حالنا في اليوم التالي، اللذي لا قدر الله لو استطاع التحالف الصهيوني الأمريكي العربي التآمري، النيل من صمود أهلنا سواء في فلسطين أو سورية وما سيترتب عليه حينها من الحيلولة دون تطلعات شعوبنا في تحقيق أي من أمانيها، مالم تتظافر جهودنا في ردم الهوة اللتي تباعدنا، ونبذ الطائفية اللتي تفرقنا؟!
ثم متى لم نكن جميعنا فلسطينيين منذ أن اغتصبت أرض فلسطين ولا تزال هي قضيتنا المركزية، فكيف إذا كانت مهد أولى الحضارات ومبعث المدنيات والديانات هي المستهدفة، حتى لا تكون سورية هي الهوية الجامعة لكل النضالات العربية؟!كاتب فلسطيني / واشنطن