بقلم: أنور العقرباوي
حتى اللحظة من كتابة هذه السطور لا تزال الأعصاب لدى الكثيرون منا مشدودة، فيما إذا كان حيوان بيت الشر الأسود، سيقدم على ترجمة تهديداته إلى أفعال في غفلة عن "إرادة الشرعية الدولية"، اللتي طالما تشدق بها و حلفائه، أم أنها مجرد مناورة من أنواع الإبتزاز الأخرى وهو المقاول اللذي لا يخفى على أحد، للحصول على سقف أعلى من التنازلات، سواء لناحية تمرير مشاريع في مجلس الأمن الدولي مشبوهة، أم مجرد النباح من أجل موقع قدم، بعد أن تم تجاهله وعملائه من الحل النهائي في سورية؟!
وإذا كان هنالك أكثر من دافع يحمل ذلك المهووس على تنفيذ تهديداته، فإن هنالك ما يحملنا على الإعتقاد بأن هناك ماهو أكثر أهمية حتى يتراجع هذا العتل الزنيم عن تهديداته!
فإذا ما أضفنا إلى حقيقة تلك التهديدات في تبرير شن هجوم على سورية، إضافة إلى الحصول على دور ولو ثانوي لبلاده في الحل في سورية و إعادة الإعمار فيها، هو النيل من دين الإسلام والقوم اللذين أنزل عليهم الكتاب المبين بلغتهم، والكل يدرك حقيقة خلفيته الدينية الدخيلة اللتي لا تمت بصلة إلى رسالة سيدنا المسيح (عليه السلام) في المحبة والإخاء، إلا عندما عزم على الترشح للإنتخابات الرئاسية طمعا في أصوات المسيحية الصهيونية، فإن ذلك كله على الرغم من أهميته في العقلية العنصرية الأمريكية، فإنه قد لا يجد له المصوغ أو المبرر الكافي حتى لدى الصقور في إدارته، حتى يستحق المغامرة عندما يأخذون في الحسبان المضاعفات اللتي قد تنتج عن أي هجوم وفي مقدمتها أمن الكيان الصهيوني، ناهيك عن صحوة الشارع العربي الأكيدة واصطفافه إلى جانب المحور المصمم وحلفائه على المواجهة، حتى لا ترجع عقارب الساعة إلى الوراء بعد كل تلك التضحيات، حتى لا نزعم سقوط بعض حكام وعروش!
وما أشبه اليوم بالبارحة حينما زعموا في أغسطس آب عام 2013, تنفيذ هجوم كيماوي وأدى إلى إتهام الحكومة السورية حينها في تنفيذه! عندها توعد الصهيوني المنصرفة ولايته اوباما بعواقب الأمور، ولما لم يتمكن من تنفيذ وعوده، حتى تبين للملأ عن وجود إتصالات من وراء الكواليس، تم الإتفاق من خلالها على التخلص من السلاح الكيماوي السوري، مقابل تراجع الأمريكيون عن تهديداتهم، وهكذا تمكن في حينها الأمريكيون في النزول من على الشجرة وحفظ ماء وجوههم ولو مؤقتا!
ولما كانت حسابات الربح والخسارة هي أهم بكثير من العنتريات والغطرسة، فهلا أن هنالك وراء الكواليس إتصالات، قد تسهم أقله على صياغة آلية جديدة للتحقق من إستخدام الكيماوي المزعوم، اللذي أجج الأزمة "ظاهريا" بعد الفيتو الروسي، تضمن له النزول من على الشجرة وتحفظ ماء الوجه لهم مرة أخرى؟!
لا نزعم الصواب وحتى القدرة الكاملة على التحليل، لكننا نجزم أنه لو تجرأ هذا النضب الضحل على إرتكاب الحماقة في تنفيذ تهديداته، فإنها ستشكل اللحظة اللتي طالما تمنيناها، عندما ستعود اللحمة بين كل شرائح وأطياف وطوائف مجتمعاتنا، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة وعلويين وآخرين، والعياذ بالله ونحن اللذين طالما نهينا عن التصنيف الطائفي، وتتوج سورية درة الشرق والرقم الأصعب في معادلته، حين سينكفيء رعاة البقر ولماظوا بول البعير إلى أعقابهم بإذنه تعالى أذلاء خاسرين!
تحيا سورية ومعها كل الجماهير العربية والإسلامية........ كاتب فلسطيني/ واشنطن