بقلم: د. أنور العقرباوي
ليس من وقعه أكثر ايلاما على النفس، إلا الإستمرار عند تكالب المصائب في تكرار جلدها لذاتها، والتنصل وزر وهنها وعجزها إلا من تسجيل المواقف وإلقاء المسؤولية والتبعية على غيرها، حتى تكاد الملامة والمناحة سيدة المواقف، عند المسائل اللتي تقتضي المصلحة العامة العناية في مصيرها ومستقبلها!
عقود خلت وربما من القادم في الإنتظار، وقوى الظلام نفسها دون رادع لأطماعها في الإستعداد على أهبتها، غير النيل من تاريخ الأمة العربية والإسلامية و مكانتها لا شيء سواه يشفي غليلها، وكأن القدر من دون سائر الأمم قد كتب عليها، الإستكانة والإذعان وحتى إناطة أمر شأنها إلى غيرها!
وإذا كان لابد لنا ونحن نؤمن بعدالة قضيتنا، ضرورة التمسك بكل جانب من جوانب ثوابتنا، فأي تفسير لكل ردود الأفعال المفتعلة تلك، من عقد إجتماع لجامعة أبعد ما أن أوصت به تشكيل لجنة تحقيق، وهي تدرك تماما أنه لطالما نتائج تحقيقات سابقة قد تم دفنها، ومؤتمرات إسلامية لم ترقى في أدنى الأحوال على الرغم من هول الخطب حتى تصدق نواياها، إلى المبادرة في قطع كل أشكال العلاقات من دبلوماسية وأمنية وتجارية، مع عدو تاريخي إذا صح القول منا، أننا أمة إذا تداعى الخطب على إحداها، تداعت سائر أمتها لحمايتها ودرء الخطر عنها، إلا أن يكون حقيقة الغرض منها تسجيل المواقف، تجنبا للكشف عن تواطؤها والمستور من عوراتها؟!
وإذا كان الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، حتى في عرف ما يسمى "الشرعية الدولية" مخالف لكل قوانينها وكل القرارات اللتي صدرت بشأنها، فربما أنه كان من باب أولى على اللذين تصدوا ولو ظاهريا، أنه بدل الذهاب إلى المؤتمرات وإصدار البيانات لو صدقت التحركات، المبادرة إلى دعم صمود ومؤازرة المنافحين عن الحق نيابة عن كل العرب والمسلمين، حتى لا نكون من حيث لا ندري وإن كان الكثيرون منا أغلب الظن أنهم مدركون و فاعلون، أنما بمواقفهم تلك إنما يضفون ولو ضمنيا الشرعية على ذلك القرار و تبعاته، حين لن يعبأ صاحبه غدا في إملاء "صفعة القرن" بكل تفاصيلها، طالما أن ردود الأفعال منا لن تتعدى في أحسن الأحوال، الندب والعويل والشجب والإدانة بالأقوال، إلا من الأفعال...إلا من الأفعال! كاتب فلسطيني// واشنطن