2025-05-04 02:52 ص

الجيش العربي السوري جيش دولة وشعب وأمة

2018-08-03
بقلم : حماد صبح ثلاثة 
جيوش عربية تحمل في اسمها صفة " العربي " ، هي الجيش السوري ، والجيش الأردني ، والجيش السعودي . وحين ناقش قادة إسرائيل في خمسينات القرن الماضي فكرة الحصول على السلاح الذري كان من رأي بن جوريون رئيس الوزراء أن إسرائيل ليست في حاجة إلى السلاح الذري لحفظ بقائها في منطقة معادية لها ، ويكفيها حفظا لبقائها أن يُقضى على ثلاثة جيوش عربية ، هي الجيش المصري ، والجيش العراقي ، والجيش العربي السوري . وكان اشتراك إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر في 1956 جزءا من سعيها لمنع استقواء الجيش المصري بعد صفقة الأسلحة التشيكية له في 1955 . وتوالت المؤامرات على الجيش العراقي حتى قضي عليه في الغزو الأميركي _ البريطاني للعراق في 2003 ، وشغل المتآمرون الجيش العربي السوري في حرب إنهاك وتدمير منذ مارس 2011 داخلية ، خارجية التخطيط والتمويل والتسليح ، والمسلحين في نسبة منها ، مع هجمات إسرائيلية بين وقت وآخر على مطاراته ومواقعه ، وهجمات على وحداته وحلفائه مما يسمى قوات التحالف بقيادة أميركا . وصرف الجيش المصري للتجارة والاقتصاد حتى صار يدير 50 % من اقتصاد البلاد ، واستدرج لحرب أشباح في سيناء . حديثنا يخص الجيش العربي السوري .صعق هذا الجيش تمنيات الأعداء وتوقعاتهم . حسبوه سينهار في أول مؤامرة أحداث المحنة السورية ، ففوجئوا به يقاتل عن أرضه وشعبه ودولته في تماسك لبنائه التنظيمي حير المؤسسات العسكرية والأجهزة الاستخبارية في العالم ، وارتاح الكثيرون إلى تفسير تماسكه بكونه جيشا عقديا ، يقاتل محفزا بعقيدة سياسية وطنية رسخت في نفوس جنوده وضباطه . ومع قوة هذا التفسير أراد الأعداء أن يخفضوا فاعلية العقيدة في تماسكه وصموده ، فردوا جانبا كبيرا من ملحمة هذا التماسك والصمود إلى عظم مساندة روسيا وإيران وحزب الله له في معاركه مغفلين أنه لولا النواة الصلبة لهذا الجيش لما كان لأي مساندة خارجية تأثير فعال في حسم هذه المعارك لصالحه . والجماعات المتمردة المتعددة وفرت لها كل أنواع المساندة ، فلم تصمد ، وواصلت انهيارها جبهة وراء جبهة ، والآن الجيش العربي السوري يسيطر على 85 % من البلاد . وثمة زاوية يسعى أعداء سوريا للنفاذ إليها للحط من سوريا وجيشها هي وصف الجيش العربي السوري ب " جيش الأسد " أو " جيش النظام " . ذات الأسلوب المعهود في الفصل بين الجيش وشعبه ودولته ، ونسبته إلى الرئيس أو نظامه . فعلوا هذا مع الجيش العراقي فنسبوه إلى صدام أو نظامه ، وفعلوه مع الجيش الليبي فنسبوه إلى القذافي أو نظامه ، وما أكثر المتحسرين اليوم على صدام في العراق ، وما أكثر المتحسرين على القذافي في ليبيا بعد أن رأوا ما أصاب البلدين من أهوال الموت والخراب والضعف والتجزؤ المشيع للفتن والاضطراب والاقتتال المتنوع الدوافع والنوازع والمؤثرات الخارجية والداخلية ، وتيقنوا أن الجيش العراقي كان جيش كل العراقيين ، وأن الجيش الليبي كان جيش كل الليبيين . الجيش العربي السوري الذي يقترب الآن من تحرير كامل تراب بلاده ؛ نجا _ بحمد الله ورحمته _ من الهلاك الذي خططه له الأعداء ، ونعي بوضوح أن المؤامرة ما زالت تندس له في منحنيات كثيرة ، وأن الأعداء لا ييأسون من متابعة مؤامرتهم عليه وعلى سوريا وعلى كل الأمة ، ونثق في الوقت ذاته أن الجيش الذي حرر 85 من بلاده سيحرر الباقي بصبر رجاله وعزمهم وحكمة قيادته السياسية وشجاعتها ، وقدرة شعبه على تحمل أهوال المؤامرة ، ومساندة حلفائه المخلصين . في أول الأحداث الدامية في سوريا سئل العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري الأسبق عن توقعاته لصمود الجيش السوري في وجه عاصفة المؤامرة ، فأجاب السائل : " وهل تظن الجيش العربي السوري فرقة كشافة ؟! " ، وبرهن الجيش العربي السوري بدمه وصبره وتضحياته الكبرى أنه ليس فرقة كشافة ، وأنه جيش شعب ودولة ، وأمة اشتق صفته الأولى " العربي " من اسمها وإن خانه بعض حكامها وخانوها في انحياز مطلق لأعدائه وأعدائها .