لم تعتد اسماك المتوسط على هذا الضجيج الهائل لقرقعة محركات الأساطيل وحركتها الدائمة وهي تقضي على امكانيات استمرار حياتها .
الحرب على سوريا ومعها طال ارضها وسمائها وبحرها وانتشرت شظاياه لتطال عمق القارة العجوز فهناك بدأت الحكاية في الغرف المظلمة التي اعدت سيناريوهات تدمير آخر شكل للدولة الوطنية في المنطقة التي شكلت نموذجا فريدا من الاستقلالية الأقتصادية والسياسية وكانت دمشق تظهر كل محاسنها وجمالها وتتلون بقدراتها الذاتية ولا احد يملك مفاتيح ابوابها الا اهلها .
دمشق كانت تاكل وتطعم من نتاجها , دمشق كانت تعالج ذاتها دمشق كانت تغني قصائدها الوطنية , دمشق كانت تعانق القدس وبيروت بيسمينها .
كل هذا لم يرق لأعدائها القريب منهم والبعيد فاجتمعوا على ان يسلبوها حريتها باسم حريتهم وعدالتها باسم عدالتهم ومساواتها باسم مساواتهم . وساوموها على ابقائها خارج شرورهم اذا فكت او سكتت عن نحر قدسها وبيروتها .
فابت واخرجوا خناجرهم وسيوفهم وعتادهم وافكارهم السوداء لينقضوا عليها في حرب ضروس استخدموا فيها كل ما في جعبتهم لأنهاكها وخلع جذور يسمينها الذي يمتد ويتعانق في بيروتها مع ياسمين قدسها .
دمشق وبعد سنوات حولت حروبهم نقمة عليهم الان هم يحصدون نتاج افعالهم .
دمشق حاصرتهم في عقر دارهم وكشقت تآمرهم وكذبهم على شعوبهم ارادوا ان يسلبوا دمشق حريتها فخسروا حريتهم وبدأت الأعلام السوداء تجتاح مدنهم لقد سقطت مشاعل حريتهم وعلت اعلام اليمين في مدنهم واعتلت شعاراتهم التي جمعت بين العنصرية والنازية واسلامهم كخطر يهدد حريتهم اليسوا هم من دعموا ومولوا اسلامهم وعقائد قطع الرؤوس واكل الكبود وقصف دمشق وصنعاء وغزة .
ارادوا ان تكون لهم حريتهم المطلقة وان يختاروا لدمشق حرية قاطعي الرؤوس وآكلي الكبود فصدتهم دمشق بعبق ياسمينها وجمعت شرقها ليحميها من غربها وكانت محورا لكشف كذبهم ومسحت بكفي زنوبيا الرمال عن حقائقها التي حاصرتهم في عواصمهم وفككة منظوماتهم .
دمشق بشعبها الذي عانق شعوب المنطقة يقف اليوم امام خداعهم واساطيلهم ليؤكد ان الجولة الأخيرة هي جولة خلافا لكل الجولات السابقة فهي من اختارت زمانها ومكانها وهم ينتظرون افعالها ويضعون اسطوانة مشروخة لتنطلق صواريخهم على وقعها هذه المعزوفة التي كشفتها دمشق وحلفائها اصبحت من الماضي .
دمشق تعود لتقف من جديد من اجل تاكيد نموذجها ولتقول لولا قمحنا وقطننا وزيتنا ودوائنا وجامعاتنا وجيشنا لما كانت دمشق تزهو بيسمينها وتعانق قدسها وبيروتها .
كما انتصرت دمشق لباديتها ولجبالها وسهولها ولفراتها ولعاصيها فستنتصر دمشق لأسماك بحرها.
الأسماك تهرب من البحر المتوسط
2018-09-08
بقلم: حاتم استانبولي