في الوقت الذي تسارع به بعض الأنظمة العربية التي يعرف عنها تبعيتها للمشروع الصهيو – أمريكي في المنطقة ،لمباركة خطوات الأمريكان والصهاينة ، لتضييق الحصار الاقتصادي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمن فيها ، تتنظر هذه الأنظمة من الإيرانيين أن يصفقوا لها وهم شركاء في حصارهم وتجويع أطفالهم؟ فهل المطلوب من الإيرانيين من وجهة نظر هذه الانظمة أن يصمتوا وهم يرون بعض العرب المسلميين في خندق واحد مع أعدائهم؟ هل يريد بعض العرب من الإيرانيين أن يصمتوا وهم يسمعون ويشاهدون كيف يستخدم بعضهم منابر الدين والإعلام كحديقة خلفية للتحريض على الإيرانيين وتكفيرهم وشتمهم ،ودعم مشروع تجويعهم ؟!.
وهنا ندرك جيداً أن هذه الانظمة ما زالت تذهب بعيداً في خطابها العدائي تجاه إيران، وهي بخطابها هذا، تمارس أدواراً مختلفة وتتبع معايير ومعطيات تاريخية خاطئة، ورغم كلّ هذه المعطيات والمعايير المزدوجة، التي تحرف مسار البوصلة الحقيقي لطبيعة وأصل الصراع في المنطقة، المتمثل بوجود سرطان خبيث يسمّى «إسرائيل»، هناك جملة من الوقائع المحقة التي يتغاضى العرب عن التساؤل حولها، في إطار علاقتهم مع الإيرانيين ومناهج سلوكهم في التاريخ الحديث.
فلماذا صمت بعض العرب، عقوداً من الزمن أمام أجندة ومشاريع شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي كان يجسّد فعلياً الشرطي الإيراني في المنطقة؟ وماذا قدّم بعض العرب لإيران منذ 1979، أيّ منذ إعلان انتصار الثورة فيها؟ ألم يرسل بعض العرب، منذ ذلك الحين وحتى اليوم، الكثير من الرسائل التي تظهر سوء نواياهم؟ ألم يشنّ بعض العرب عشرات الحروب الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية على طهران، أسوأها الحرب الإعلامية التي تحرّض علناً على إيران الشعب والدولة، فتكفِّر الإيرانيين وتشتمهم؟ ماذا يتوقع العرب من الإيرانيين أن يقدّموا لهم بعد كلّ هذا؟
من حقّ كلّ عربي أن يسأل عمّا قدّمه بعض العرب إلى الإيرانيين، منذ انتصار الثورة؟ هنا لن نفتح ملفات الماضي ولن نتحدث عن الحرب العراقية ـ الإيرانية وعن الذي كان سبباً في إشعال فتيلها، سنتجاوز كلّ ذلك ونذكر بواقعة تاريخية وهي أنّ البحرية الإيرانية دخلت الجزر الإماراتية «طنب الكبرى» و«طنب الصغرى» و«أبو موسى» في تشرين الثاني 1971 أيّ في عهد الشاه، كما دخلت المناطق الحدودية وهي قوس الزين وبير علي والشكره. عام 1972 بدأ الصدام العسكري بين إيران والعراق وازدادت الاشتباكات على الحدود وزاد نشاط الحركات الكردية المسلحة في الشمال وبعد وساطات «عربية» وقع العراق وإيران اتفاق الجزائر سنة 1975 واعتبر على أساسه منتصف النهر في «شط العرب» هو خط الحدود بين إيران والعراق. ونصّ الاتفاق على وقف دعم الشاه للحركات" الانفصالية " الكردية المسلحة في شمال العراق. وهنا نلاحظ أنّ معظم هذه الملفات عالقة بين العرب وإيران، منذ عهد الشاه، أيّ قبل الثورة الإيرانية، علماً أنّ معظم القادة العرب كانوا حينها حلفاء نظام بهلوي.
ويعلم جميع المؤرّخين، خصوصاً لفترة العقد السادس والسابع من القرن العشرين، أنّ نظام الشاه كان يؤدّي فعلياً دور الشرطي في المنطقة والإقليم، برضى عربي وإقليمي. وسبق له أن خطط لبناء وتجهيز مفاعلات نووية سلمية ولم يثر ذلك حفيظة بعض العرب، كما هي حالهم اليوم.
وانطلاقاً من هذه الوقائع، نسأل: لماذا يفتح بعض العرب اليوم ملفات الماضي مع إيران بعد الثورة، متناسين ما جرى في عهد الشاه؟ ،نسأل أيضاً: ماذا نسمّي اشتراك بعض العرب في الحصار المفروض على طهران منذ 36 عاماً؟ في أيّ خانة نضع دعم بعض الانظمة العربية للأمريكي في حربه ضدّ إيران؟ لماذا أيدت دول الخليج ودعمت سياسة تجويع الشعب الإيراني ، الذي وصفه أحد المسؤوليين الخليجيين «بالأداة الناجعة ليثور الشعب الإيراني ضدّ دولته».
بالإضافة إلى ذلك، وقف بعض العرب في خندق الكيان الصهيوني المسخ «إسرائيل» التي احتلت أراض عربية وهجرت وقتلت شعوب المنطقة، وها هم يدعمون ويتحالفون مع الكيان الصهيوني المسخ «إسرائيل» ويدعون علانية إلى ضرب مصالح إيران النووية؟!.
ختاماً ، إنّ مجمل هذه الأسئلة في رسم العرب كل العرب ، فهذه الأنظمة التي تدعم اليوم مشروع تجويع الشعب الإيراني المسلم لها أجندة خاصة ترتبط بمشاريع صهيو- أميركية، تستهدف إشعال التناقضات المذهبية والدينية في المنطقة والإقليم، لإشاعة الفوضى وخلق صراع مذهبي وعرقي تستفيد منه بتقوية أعمدة حكمها، من خلال تخويف شعوبها من خطر يستهدفهم من الخارج، وهذا ما يتمّ بالفعل في هذه المرحلة، فما هو موقفكم من كل هذا ياعرب ؟؟.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن
hesham.habeshan@yahoo.com