بقلم: عميرة ايسر
تعرف القضية الفلسطينية حالياً حالة من الضعف والوهن، و التراجع وخاصة بعد إن قامت الأمم المتحدة وذلك تحت ضغوط أمريكية، وبسبب نقص التمويل بغلق العديد من مدارس الأونروا العاملة سواء في مخيمات الشتات، أو حتى في قطاع عزة. فدونالد ترامب الرئيس الأمريكي قد نفذ تهديداته والقاضية بإيقاف المساعدات المالية التي كانت مخصصة من طرف وزارة الخارجية الأمريكية لتمويل مدارس ومؤسسات الأونروا التعليمية، والصحية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تجاوزت قيمتها 65 مليون دولار في بداية السنة الحالية، وقد تعهدت الإدارة الأمريكية بتقديم حوالي 365 مليون دولار لهذا العام، إن قامت الحكومة الفلسطينية بالموافقة على أن تكون القدس عاصمة أبدية للصهاينة، فالولايات المتحدة الأمريكية ولتضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، قامت بتعليق 200 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي كانت ستقدمها واشنطن لدعم برامج الإنماء في الضفة الغربية وقطاع عزة.
فالولايات المتحدة الأمريكية، قد سايرت السلطات الصهيونية والتي قامت بإغلاق الكثير من مدارس الأونروا في مدينة القدس، ومنعت بناء غيرها، فوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والتي تأسست قبل 68 عاماً، والتي تضم حوالي 711 مدرسة، و143 عيادة، تعتبر من أهم الوسائل الدولية التي ساعدت الشعب الفلسطيني على البقاء والاستمرار في نضاله لعشرات السنوات، لذلك فإن استهدافها وضربها تعتبر في العقيدة الصهيونية من أهم الركائز والأسس المهمة من أجل القضاء كلية على النضال الفلسطيني المستمر وبدون انقطاع منذ سنة 1948م.
فواشنطن التي تقدم حوالي 3 مليار دولار و800 مليون دولار سنوياً حسب الناطقة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناوريت، وسيصبح هذا الرقم في ظرف 10 سنوات في حدود 36 مليار دولار، بحسب الاتفاق المبرم بين الإدارتين الأمريكية في عهد باراك أوباما، وبين الإدارة الصهيونية برئاسة رئيس الوزراء نتنياهو، وهو ما يعتبر مبلغا ضخماً بالنظر إلى أن الكيان الصهيوني، هو كيان استيطاني يحتل حيزاً جغرافياً صغيراً، بالنظر إلى مساحة فلسطين التاريخية ككل، فهذه المساعدات الأمريكية سيتم تخصيص 5 مليار دولار منها لتطوير الصواريخ البالسيتية، لإبطال مفعول المنظومة الصاروخية البالسيتية الإيرانية، فالولايات المتحدة الأمريكية، التي أصبحت تعتبر بأن مؤسسة الأونروا، مسئولة عن تخريج الآلاف من المقاومين، والذين يعتبرون إرهابيين بنظرها، لذلك فقد طالبت السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذا منظمة الأمم المتحدة بان تعمل على تغيير مناهجها التعليمية، إن هي أرادت أن يستمر الدعم الأمريكي لها، وهو الطلب الذي رفضته حتى دل غربية وعلى رأسها ألمانيا، التي تعهدت بأنها لن تسمح بتوقف عمل مؤسسات الأونروا، والتي تأسست بموجب قرار الأمم المتحدة المؤرخ في 8 ديسمبر 1949م، بموجب قرار الجمعية العامة 309، وبدأت عملها رسمياً سنة 1950م، ولها مقرات دائمة في العاصمة الأردنية عمان، والنمساوية فيينا، وبالتالي فإن القضية الفلسطينية عليها أن تجد حلولاً عاجلة لهذه المعضلة، لأن الضغط الأمريكي على دول الاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا، سيجبرها على الرضوخ لطلبات واشنطن، وقطع الدعم والتمويل عنها، في ظلِّ حصار وصمت عربي مريب عن ما يحدث لمنشآت ومؤسسات الأونروا، في مخيمات الشتات وفي الداخل الفلسطيني. فالدول العربية الغنية وخاصة منها دول الخليج كالمملكة العربية السعودية والتي قدمت حوالي 450 مليار دولار لترامب عند زيارته للعاصمة الرياض، تستطيع أن تقدم جزء صغيراً جداً من هذا المبلغ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولضمان استمرار مستشفيات وعيادات ومدارس الأونروا في العمل وبشكل طبيعي، وإلا فإن الأراضي الفلسطينية ستشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة سيتحمل الجميع تبعاتها الخطيرة، والغير المحمودة العواقب على أمن الكيان الصهيوني بالدرجة الأولى، وهو ما تخشى واشنطن حدوثه، وبعض هذه الدول وبشدَّة. *كاتب جزائري