بقلم: حاتم استانبولي
نتينياهو وفي خطابه في الامم المتحدة اعلن وبكل وضوح ان دولته هي في افضل حالاتها فهي باتت مرجعا سياسيا واقتصاديا وامنيا للعديد من حكام البلدان والسلطنات والامارات والممالك في المنطقة .
زيارة نتينياهو الى سلطنة عمان تاتي في اطار العلاقات التاريخية بين السلطنة واسرائيل فقد سبق ان استقبلت السلطنة كلا من بيريز ورابين.
العلاقات الثنائية تمتد لعشرات السنين وعرابتها كانت وما زالت الحكومة البريطانية.
كانت الزيارة من الممكن ان تمر بلا ضجيج لولا اصرار نتينياهو على اعلانها لاسباب داخلية واقليمية ودولية .
سلطنة عمان وبهدوء تام كانت مسرحا لنشاط سياسي واستخباري وعسكري على مدى السنوات السابقة وهي ميزت موقفها عن اخواتها الخليجيات كونها اصبحت عقدة لتلاقي عدة مصالح اقليمية .
فمن جهة هي كانت اول عاصمة تفتح ابوابها لاستقبال رسمي لوزير خارجية سورية وهي من اقامت علاقات هامة سياسية واقتصادية مع ايران التي تشاركها في السيطرة على خليج هرمز التي تهدد ايران باغلاقه اذا ما فرض عليها وقف تصدير نفطها .
سياسيا : تاريخ العلاقة العمانية الاسرائيلية بدات منذ بداية السبعيتيات عندما كانت تواجه السلطنة معارضة وطنية مسلحة تقودها الجبهة الشعبية لتحرير عمان التي شاركت بفاعلية في ثورة اقليم ظفار التي انطلقت ضد المحتل البريطاني الداعم لحكومة السلطنة .
زيارة نتينياهو الى سلطنة عمان وبهذا التوقيت اي قبل ايام على بدء مفعول الحظر الامريكي من خلال رزمة العقوبات الجديدة القاسية على الشعب الايراني وعشية اعلان ترامب عن سلسلة عقوبات تستهدف حزب الله في لبنان الهدف منها الضغط على لبنان عشية اعلان التوصل لاتفاق تشكيل حكومة لبنان هذا القرار اذا ما اضيف للضغوط السعودية على الحريري.
فان اعلان الحكومة يكون قد اعيد لغرفة الانعاش .
هذه الزيارة يريد منها نتينياهو توجيه رسائل الى كل من سورية وايران التي تقيم السلطنة معهما افضل العلاقات وتهدف الى زرع اسفين في العلاقات الايرانية العمانية في ظل وضع داخلي عماني يشهد ازمة اقتصادية وارتفاع في نسبة العاطلين عن العمل .
الهدف المباشر لنيتنياهو بان يغلق البوابة العمانية على الاستثمار الايراني اي محاصرة ايران من البوابة العمانية .
نتينياهو لا يمكن ان ينجح بهذه الزيارة بدون دعم مباشر وقوي من الحكومة البريطانية التي تعتبر السلطنة هي اهم قاعدة خليجية لها .
داخليا : نتينياهو يريد ان يحقق انتصار دبلوماسي خارجي لمساعدته في صراعه الداخلي خاصة ان خصومه السياسيين يشددون الهجوم عليه وعلى عائلته من بوابة عنوان الفساد الذي طال زوجته .
من خلال الزيارة يريد ان يعزز حضوره السياسي وانه ما زال هو رجل الدولة القوي الذي يستطيع من خلال علاقاته ان كانت من خلال كوشنير للضغط على ترامب او من خلال نفوذه في الحكومة البريطانية.
نتينياهو يريد ان يؤكد انه الوحيد الذي يستطيع ان يستثمرهما في توسيع دائرة النفوذ الاسرائيلي المباشر في الخليج ويرسل رسالته لطهران من على الشواطيء العمانية اننا هنا موجودون .
الاخطر في الامراذا استطاع نتينياهو ان ياخذ موافقة الحكومة العمانية مستغلا الاوضاع الاقتصادية السيئة للامارة لتوقيع عقود من حيث الشكل هي تجارية او ثقافية ولكن من الممكن ان تستخدمها اسرائيل كمراكز امنية للاتصالات والاستطلاع مقابل تقديم مساعدات للسلطنة للخروج من ازمتها الاقتصادية.
الهدف من الزيارة هو اغلاق النافذة الوحيدة لايران في الخليج التي من الممكن ان تكون مسربا اقتصاديا وماليا للشركات الايرانية واراد نتينياهو من الزيارة ان يفتح الصراع مع ايران في سلطنة عمان.
نتينياهو يريد ان يستثمر المشكلات السياسية والاقتصادية والاخلاقية للعائلات الحاكمة في المنطقة من اجل الحصول على انجازات سياسية علنية تؤكد من خلالها سيادة النفوذ الاسرائيلي في المنطقة لتقويض الانجازات الوطنية الهامة التي انجزت في سوريا من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه ويقوض مسيرات العودة في غزة .
الزيارة تاتي في ظل تصاعد مسيرات العودة الفلسطينية في قطاع غزة وسقوط الشهداء الفلسطينيين الزيارة يريد منها نتينياهو توجيه رسائل الى الراي العام العالمي وخاصة الاوروبي الذي يقف ضد الممارسات الاسرائيلية ليقول لهم ان حكومات المنطقة والخليجية خاصة تمد له البساط الاحمر غير معنية بالدماء الفلسطينية التي يعتبرها نتينياهو وحكومته لا قيمة لها.
ان الشهداء الفلسطينيين هم مشاغبون ويشكلون خطر داهم على كيانه .
ان حكومته ليست معنية بحل مشكلاتهم المعيشية او السكانية والملف الفلسطيني هو ملف امني تتكفل بحله المخابرات العامة المصرية .
ان قبول الفلسطينيون وفصائلهم ان يتم التعامل معهم من خلال دائرة المخابرات العامة المصرية هو تاكيد لوجهة نظر نتينياهو وحكومته ان الموضوع الفلسطسني هو موضوع امني اولا واخيرا وبهذا يسقط البعد التحرري الوطني .
هذا القبول يشكل قصور في رؤية قادة الفصائل لاهمية وطنية وسياسية وتحررية قضيتهم .
ان اهم سلاح يملكه الفلسطينيون هو وطنية قضيتهم ببعدها السياسي التحرري وهذا يتعارض من حيث الجوهر مع رؤية مجموعة كامب وادي اوسلو التي قبلت ان تتموضع القضية الفلسطينية تحت العنوان الامني.
هذا العنوان الذي مهمته هو تامين الامن لاسرائيل اولا واخيرا .
ان قبول مبدأ الامن لاسرائيل مقابل السلام هو اكبر خديعة تمت وعن وعي للشعب الفلسطيني من قبل مجموعة كامب وادي اوسلو انها اسقطت حقوقه الوطنية التاريخية مقابل لا شيء.
زيارة نتينياهو هو اراد الاعلان عنها في ظل ظروف تشرذم وضياع وفقدان البوصلة الوطنية .
نتينياهو يريد من الزيارة اجهاض الانجازات في الميدان السوري والبدء في عملية مشتركة للتلاعب بالمكونات الداخلية لايران من البوابة الخلفية الباكستانية (التي اعلن رئيس وزرائها علنا انه بحاجة للمساعدات السعودية ) والجنوبية الغربية التي من الممكن ان يشكل التداخل القومي والديني مادة للاستثمار في اشغال الحكومة الايرانية بملفها الداخلي.
البعد الاكثر تاثيرا من الزيارة هو في احداث صدمة في الوعي الشعبي العام بان اسرائيل اصبحت واقعا قائما لا يمكن الاستغناء عنه ان كان سياسيا او اقتصاديا او امنيا او عسكريا او حتى اذا طلب منها المساعدة في انقاذ ارواح اطفال رحلة البحر الميت .
وفي هذا الصدد فان عدة اسئلة تفرض نفسها:
هل تنجح مهمة نتينياهو وحلفه ؟
هل ستستلم ايران الرسائل من صندوق البريد الاسود ؟
هل ستقبل الحكومة الايرانية الرضوخ للضغوط الامريكية الاسرائيلية ؟
ما الهدف العماني من دعوة نيتنياهو وبهذا التوقيت ؟
هل هي محاولة انجاز مساومة اللحظة الاخيرة لنزع فتيل انفجارالازمة ؟
الايام القادمة ستكون حاسمة خاصة اذا ما اشتد شد الحبال في منطقة الخليج .
رسائل الصندوق الاسود تحمل خيارات سوداء لايران وحلفائها وردة الفعل الايراني ستكون حاسمة ولا خيار لها الا المواجهة الشاملة والمنتصر في النهاية من يستطيع الصمود وتحمل ردات فعل نتائج افعالهم .(سلطنة عمان) الصندوق البريدي الاسود
2018-10-27