بقلم: علي قاسم
يدخل التفاهم التركي الأميركي طوراً جديداً في ظل ثلاثة مؤشرات متناغمة مع بعضها البعض، بدءاً من الاتفاق على خططٍ لتعميم سياسة خرائط الطريق!!، مروراً بنشر قوات أميركية في نقطتين على الحدود مع تركيا، وانتهاء بحديث أميركي عن إمداد «قسد» بعشرات من قوات المارينز في إشارة على حضور أميركي طويل الأمد،
خصوصاً بعد التسريبات الأخيرة عن وضع الإدارة الأميركية خططاً لحماية ميليشيا «قسد» سنتين إضافيتين على الأقل، حسب التوصيف الأميركي.
ورغم أن كل هذا لا يمكن التعويل عليه لقراءة الاستراتيجية الأميركية حيال الوضع في سورية، بحكم المتغيرات اللحظية التي قد تطرأ على الخطط الأميركية وتحالفاتها المتبدلة والمتغيرة، فالسياق الطبيعي الذي يمكن أن يُستشف منه أن محاصصة إضافية بدأت في العلاقة الأميركية التركية، ومهدت لإظهار تلك التفاهمات أو على الأقل الترويج لها من باب الابتزاز الذي يحاول الطرفان أن يخوضا غمار التجربة في تجلياته، وإن كانت الأهداف والغايات مختلفة ومتباينة.
فالتركي الذي يواجه استعصاء وصل حد التأزم في ما يخص تفاهمات إدلب مع الروسي، يجد نفسه في مأزق لا يمكن الفكاك منه إلا بالهروب نحو الأميركي الذي يواجه مأزقاً لا يقل عنه ويعلن بوضوح الحاجة إليه وإن اختلفت أو تباينت المقاربة حياله، حيث يتجه نحو خلاصات غير مرضية حول المرتزقة المحلية التي راهن عليها، بما فيها ميليشيا «قسد» التي بدت أعجز من الإحاطة بالأجندات الأميركية، وغير قادرة على الأخذ بمخرجاتها على الأرض، وسط تذمر من طريقة التعاطي معها ولاسيما أن تجربة الأبواب المفتوحة مع التركي أفضت إلى هزائم بالجملة وتحت أنظار الأميركي.
المجادلة في طبيعة التفاهم التركي الأميركي وتبعاته ونقاط الاختلاف، تقود إلى الاستنتاج الطبيعي بأن حكم الضرورة بعد أن بدت البدائل أكثر تعثراً من الأصول في تحقيق اختراق فردي يمكن التعويل عليه للخروج من المأزق الذي يُغرق كلاهما في محدودية الخيارات المتاحة، مضافاً إلى ذلك تراكمات العلاقة المأزومة التي أعطت انطباعاً قسرياً باستحالة النفاذ عبر الأدوات وبالإمكانات المتاحة أو المتوافرة، ولا بد من إعادة المراجعة باتجاهين الأول: يقتضي تقييم الإمكانات الراهنة لتلك الأدوات وما تفرضه من تجديد أوجه الدعم، ولو تتطلب الأمر اعادة التمويل والتسليح، والثاني: الاتكاء على التفاهم غير المعلن وغير المحدد لخلط الأوراق الإقليمية والدولية والمعادلات الناشئة أو المستجدة، وإعطاء رسائل متخمة بأوهام المرحلة السابقة، وإعادة المتاجرة فيها وبيع المزيد من بضائعها الكاسدة.
التأزم الإضافي القادم يستحضر أوراق الماضي والحاضر، وإعادة طرحها في سياق البحث يلوح في أفق التفاهمات التركية الأميركية، التي بدت اتفاقاً بين مأزومين لن يطول به الزمن، ولن يتأخر التركي أو الأميركي في تهميش ما بداخله وبعثرة ما بين سطوره حين يشعر أن المأزق قد خفّت حدته، وربما حين يجد أن منفذاً ما يمكن أن يكون طوق النجاة مهما تكن حوامله وظروفه ومعطياته وحتى وشكل المبازرة فيه، حيث تبقى تلك التفاهمات «قشة الغريق» في بحر الأزمات المفتوحة على المجهول.. ليس إلا ..!!.
a.ka667@yahoo.com