أحدثت صفقة القرن منعرجا تاريخيا في العلاقات العربية الإسرائيلية إلى درجة جعلتنا نشاهد نتنياهو يزور عمان ويلتقي السلطان قابوس كتتويج لممارسات التطبيع العديدة التي شهدتها العواصم الخليجية منذ الإعلان عن صفقة القرن.
تعد صفقة القرن مقترحا تقدم به ترامب وصهره كوشنر لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على مقاس وتطلعات نتنياهو وتهدف الصفقة إلى توطين الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويعمل الأمريكان والصهاينة على إخراج الفلسطينيين من غزة والضفة و توفير أرض بديلة لهم في سيناء على أن تقام هناك دولة فلسطينية خارج فلسطين ،كما شكل إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل تكريسا لأهداف صفقة القرن الخبيثة وهي التخلص من الفلسطينيين إلى الأبد والتمهيد لحلف إسرائيلي خليجي لمواجهة محور المقاومة وعلى رأسه إيران.
أبدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تحمسا كبيرا للخطة وهو حريص على التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل أولا، ثم بين إسرائيل والدول العربية كخطوة أولى لتشكيل ائتلاف بين السعودية وإسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني كما يزعم.
وحسب موقع"ميديل إيست آي" البريطاني قال مسؤول فلسطيني إن عباس يعتقد أن هذه الخطة التي أعدها كوشنر ومبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات هي في الأصل خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وقال المصدر إن "هذه هي خطة نتانياهو التي باعها للفريق الأميركي الذي يحاول الآن تسويقها للفلسطينيين والعرب".
وقال المسؤول الفلسطيني إن الرئيس المصري حسني مبارك وولي العهد السعودي الأمير عبد الله قالا في عام 2000 لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات: "إننا نقبل فقط ما يقبله الفلسطينيون… وفي محادثات كامب ديفيد في عام 2000، دعم العرب الزعيم الراحل ياسر عرفات في مواجهة الضغوط الأمريكية. ولكن الآن، لا أحد يقف إلى جانبنا".
في الحقيقة شجعت صفقة القرن أغلب الحكام العرب على التوجه إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني دون خجل،فعمان استقبلت نتنياهو و إستضافت البحرين وزراء صهاينة دون حرج، أما تونس فقد عينت روني الطرابلسي وزيرا للسياحة وهو رجل أعمال يهودي تونسي يحمل الجنسية الإسرائيلية .
تسببت أحداث غزة الأخيرة وإستقالة وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان بأزمة خانقة داخل الحكومة الإسرائيلية ، إذ بان بالكاشف وجود تباين كبير بين موقف نتنياهو وليبرمان حيث أضحى ليبرمان من أشرس المعارضين لسياسة نتنياهو وهوما يمثل إحراجا كبيرا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بالنظر إلى المكانة التي يتبوأها ليبرمان في الحكومة،ويبدو أن إسراع نتنياهو بقبول الهدنة مع الفصائل الفلسطينية بدون شروط ناتج عن حرصه على مواصلة التنسيق مع حلفائه العرب من أجل إتمام صفقة القرن ومواصلة سياسة التطبيع .
أضحى التطبيع مألوفا وغير مستغرب من أنظمة عميلة كل ما تصبو إليه هو الحفاظ على عروشها حتى وإن كان الثمن فلسطين والقدس وعلى الشعوب العربية والإسلامية أن تتصدى ببسالة لهذا المخطط الجهنمي والعمل على إجهاض صفقة القرن قبل فوات الأوان.
سياسة التطبيع إنعكاس لصفقة القرن
2018-11-23
بقلم إيهاب الغربي