2024-11-30 06:36 م

اختبار جامعة الفرات...وسقوط الرهانات

2018-12-03
بقلم: الدكتور خيام الزعبي 
كأن الإرهاب لديه مشكلة مع الأمن القومي السوري فمن قبل حاولوا واهمين العبث بالخريطة الجغرافية بالوطن وتنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني، واليوم حاولوا أيضاً العبث بأخطر قضايا الأمن القومي الداخلي وهو التعليم فأرهبوا وروعوا محاولين بكل قوة فرملة تدفق العلم إلى طلاب سورية وأعتدوا على الأساتذة وأشعلوا النيران في المراكز والمؤسسات التعليمية وخطفوا الطلاب وإغتالوا الكفاءات العلمية، برغم ذلك إستمرت جامعة الفرات بكافة كلياتها بمتابعة تنفيذ خططها التعليمية لمواجهة الأزمة من خلال إيلاء قطاعاتها كل الإهتمام والرعاية والتطلع نحو المستقبل المشرق لتحقيق أهدافها المرسومة. اليوم تلعب جامعة الفرات دوراً هاماً في بناء منهج التواصل الحضاري وخلق روح المواطنة، هذا التواصل الذي أدّت فيه الجامعة دوراً كبيراً في جعل الإنسان الرأسمال الحقيقي في البناء البشري والتنموي، لذلك فإن سعي جامعة الفرات في خضم المتغيرات الجديدة هو سعي جاد وحقيقي وتحاول في كافة كوادرها إبتداءاً من رئيس الجامعة وإنتهاءاً بأعضاء الهيئة التدريسية والكوادر الإدارية أن تنفذ خطة تعليميةعلمية وممنهجة من أجل إيصال فكرة الرؤية والبناء وتحصين الحياة من طوارئ الثقافات الهجينة وتأثيرات بعض سلبيات العولمة والإستفادة من إيجابياتها. الذي يحدث اليوم في جامعة الفرات من حركة مستمرة تستهدف في المقام الأول إعادة هذه الجامعة بكافة كلياتها وفروعها إلى سابق عهدها بإعتبارها مكاناً للتعليم وللتربية أيضاً، هو أمر لم يأت من فراغ وإنما جاء تجسيداً حقيقياً لفكر ورؤى وإستراتيجيات وضعها رئيس الجامعة، وعلى الرغم من المشاكل والأزمات التى تحيط بالعملية التعليمية من كل الإتجاهات، إلا أنه تولى المسؤولية في وقت دقيق حاملأ معه أكثر من خطة للتطوير والإرتقاء بالعملية التعليمية، في هذا الإطار فإن الرهان على إصلاح منظومة التعليم والتكوين هو رهان على إصلاح المجتمع، وبالتالي، هو رهان يهم الجميع لأن الإصلاح من هذا القبيل، وبهذا العمق الإستراتيجي، يمكن أن يرهن مستقبل بلد بكامله، ويمس في العمق بناء شخصية المواطن السوري، ومن هذا المنطلق وجب التأكيد أن إصلاح منظومة التعليم والتكوين ليس إصلاحا لقطاع معزول عن البناء الإجتماعي العام، وإنما هو إصلاح لقطاع يتفاعل بنيوياً ووظيفياً مع باقي القطاعات المختلفة، والمجتمعات التي صعدت سلم الرقي والتحضّر، قد أخذت على عاتقها ان يكون نظامها التعليمي هو السبيل الى تحقيق أهدافها المنشودة، ولا شك ان القوى البشرية المدربة والمؤهلة هي نتاج النظام التعليمي وهي مخرجاته، ونحن في سورية وجدنا أن أفضل إستثمار يكمن في الإنسان، وقد قدم نظامنا التربوي والتعليمي دوراً مهماً في التنمية، لإيماننا إن التعليم والتنمية حالتان متلازمتان، لذلك كانت صورة سورية في جميع التقارير الصادر عن اليونسكو ناصعة ومشرفة، حيث صنفت بشكل مستمر من بين الدول ذات الأداء العالي في تحقيق تلك الأهداف. ما نراه من الإسراع في عملية بناء وترميم جامعة الفرات بكافة فروعها وتوفير الكادر التدريسي والتنسيق مع المحافظات للنهوض بالواقع التعليمي، والإهتمام بالنازحين وتسهيل أمورهم، تدل دلالة واضحة على أن هذه الجامعة تعمل على الإستمرار في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتطوير العملية التعليمية في سورية بعد أن تمت إعادة النظر في مفردات المناهج لمختلف المواد الدراسية ومختلف المراحل للعمل على تحسين جودة النظام التعليمي بمدخلاته وعملياته للوصول إلى مخرجات تواكب معطيات العصر ومتطلباته والتنمية الوطنية المستدامة، بما يحقق مستقبلاً أفضل للدولة السورية. بالمقابل ترفض جامعة الفرات أن تقف مكتوفة اليدين متحدية الإرهاب والدمار إذ بادرت بإعادة تأهيل وإجراء صيانة عامة لمباني الكليات و تأمين جميع مستلزمات العمل الضرورة للإقلاع بالعملية التعليمية في الكليات، ووضع خطة لأتمتة وبرمجة العمل مما يسهل تقديم خدمات سريعة للطلاب، وتأمين الكادر التدريسي للكليات من خلال استقدام عدد من أعضاء الهيئة التدريسية من الجامعات الأخرى وفي مختلف الاختصاصات، بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير البحث العلمي والاهتمام بأبحاث الدراسات العليا ونشرها على موقع الجامعة الالكتروني لوضعها في متناول كل الطلبة، فضلاً عن تطبيق شعار ربط الجامعة بالمجتمع من خلال مشاركة الجامعة في جميع الأعمال والنشاطات التي تقيمها الجهات العامة والخاصة وتأهيل الخريجين لسوق العمل في وقت أظهر الكادر الإداري والتدريسي شجاعة واضحة والتزاماً تجاه سير العملية التعليمية. وإنطلاقاً من ذلك فإن جامعة الفرات التي قبلت التحدي كسبت الرهان وإستحق كادرها التدريسي والإداري باقات من الورود لكل جهد يبذل للإرتقاء بطلابنا وتحصين شخصيتهم الوطنية وإنتمائهم القومي.‏ مجملاً... إن الطموح يقودنا إلى جعل هذه جامعة الفرات بدير الزور الصرح الذي يعول عليه جميع الطلاب من أجل بناء الحياة المتمناة، فهذه الجامعة تحاول اليوم أن تتطور وأن تقود الآفاق الطموحة من خلال جهد رئيس الجامعة وجميع كوادر الجامعة ومديرياتها، وبذلك فإن الجامعة تؤدي دورها بأمانة وحرص لجعل التعليم الرافد الحقيقي لتطوير الحياة في كافة نواحيها. وأخيراً أختم مقالي بالقول أن سورية سوف تظل متمسكة بوحدتها وستبقى شامخة بكرامتها، صلبة بعزيمتها، زاخرة بعطائها، هؤلاء العاملين في جامعة الفرات اليوم مجتمعين على قلب رجل واحد ليؤكدوا حرصهم على أن ينقلوا للعالم رسالة واضحة بأن هذا البلد الكريم هو بلد المحبة والسلام والوئام ... قاعدة للبناء والعطاء ... ومنبعاً للقيم والأصالة، وأن التعليم في جامعاتنا يعبر عن الصمود السوري والمسيرة التعليمية مسيرة مقاومة بسعيها المتواصل في بناء الشخصية السورية والإنسان السوري الصامد علن أرضه المدافع عنها بغض النظر عن الثمن.
Khaym1979@yahoo.com