بتزامناً مع التطور الهائل في التطبيع المجاني الخليجي مع الكيان الصهيوني والذي تتبناه معظم انظمة الخليج العربي ،وبضغط أمريكي ، بدأنا نرى حالة غير مسبوقة من التطبيع الاقتصادي والثقافي و الامني والاستخبارتي بين الجانبيين ،فبوادر وملامح ومؤشرات التطبيع مع هذا الكيان في معظم دول الخليج، لها جذور ورواسب تاريخية، فهذه ليست المرة الأولى التي تسير بها علاقات الجانبيين بهذا المنحى التطبيعي المفاجئ للبعض ،فعلاقات التطبيع لها تاريخ حافل مع هذا الكيان ، وهذا ما يؤكده حديث خبراء وجنرالات وساسة الكيان الصهيوني ،الذين يتحدثون عن تطوّر العلاقات بينهم وبين بعض أنظمة الخليج العربي، وهذا التطبيع لم يعد يأخذ منحى عابراً ، بل أصبحت علاقة يرعاها السيد الأمريكي بين الكيان الصهيوني وهذه الأنظمة ، وهذا ما يوحي بتطورات ومشاريع خطيرة ستعيشها المنطقة العربية وشعوبها في المقبل من الأيام.
اليوم ، لايمكن انكار حقيقة ان هذا التطبيع المتسارع،قد جاء لأتمام صفقة تطبيعية كبرى ،بين الكيان الصهيوني وبعض انظمة الخليج ومنها السعودي بالتحديد،وهذا ينسحب على معظم انظمة الخليج العربي ، فـ اليوم ،هناك حديث غربي عن ضغوط مارستها ادارة ترامب في الفترة الأخيرة على المنظومة الخليجية ،بهدف انجاز تطبيع شامل مع الكيان الصهيوني وعلى مراحل متقاربة زمنياً” وربط ذلك بتفاصيل مصيرية تخص القضية الفلسطينية”،ونتيجة هذا التطبيع ،قريباً سنسمع ونرى تبادل فتح سفارات ومنح الشركات الصهيونية إمكانية التحليق وعبور الأجواء في دول الخليج، وإلغاء القيود المفروضة حتى اليوم على إدخال المنتجات الصهيونية إلى دول الخليج، علاوة على ذلك،سنرى مسار تطبيعي رياضي- ثقافي ،سيتبعه مرحلة نهائية وختامية تتعلق بالتطبيع المجتمعي .
الصهاينة بدورهم يعولون كثيراً على هذا التطبيع مع بعض انظمة الخليج العربي ،”علها تكون المدخل لتصفية القضية الفلسطينية ،واعطاء هذه التصفية غطاء عربي “خليجي “- اقليمي – دولي “،الغريب والمستهجن بهذا الخصوص هنا ايضاً هو غياب ،أي تنديد شعبي “خليجي ” ،على مسار التطبيع هذا ،وكان كل هذا لا يعنيهم بشكل قاطع، والمثير للاشمئزاز هنا، انه وتزامناً مع كل الجرائم التي ارتكبها الصهاينة في المنطقة بعمومها وفلسطين تحديداً ،نرى حالة غريبة من تشابه والتقاء المصالح بين بعض انظمة الخليج والكيان الصهيوني !؟.
ختاماً ، اقول ، لكل أولئك العرب الذين مازالوا يهرولوا لصناعة التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني ،ولكل آولئك العرب الذين يهللوا ويطبلوا لهذا التطبيع “بحجة إيران أو غيرها “وهذه حجة سخيفة جداً ،ولايقبلها عقل واعي مدرك لحقائق وواقع المنطقة بمجموعها “، أين هم الآن من ماسأة اطفال غزة،أين هم من جرائم الكيان الصهيوني التي مارسها بعموم المنطقة العربية ،وتحديداً فلسطين، أين هم الآن من دماء شهداء فلسطين وتضحيات المناضلين العرب من اجلها ، على كل حال التاريخ يسجل ويكتب سقوط بعض العرب إلى مديات هابطة وطنياً وأخلاقيا وحتى دينياً ، عندما قرروا البداية بمسار تطبيعهم مع الصهاينة .
*كاتب وناشط سياسي ـ الأردن
hesham.habeshan@yahoo.com