بقلم: د. أنور العقرباوي
اختارت شارولت بيرز، التي شغلت منصب "مساعد وزير الخارجية للدبلوماسية العامة"، في حقبة الرئيس الإبن بوش، اختارت كل من بطل الملاكمة محمد علي ولاعب كرة السلة النيجيري، حكيم أولوجوان بحكم أنهما مسلمان، من أجل مخاطبة المسلمين في الخارج، إضافة إلى نشاطات أخرى مثل توزيع صور المساجد في أمريكا، كدليل على التسامح الديني فيها، في سبيل تبييض سمعة أمريكا في الخارج، التي لطختها التصرفات والمواقف العدائية للرئيس الأمريكي السابق بوش الإبن، متجاهلة هي نفسها السبب الرئيسي والحقيقي، في غضب المسملين على أمريكا، اللذي يعود في الأساس بسبب تأييدها المطلق واللامشروط للكيان الصهيوني.
تقوم بعض الدول وخاصة تلك التي تملك المال والنفوذ والسلطة، في توظيف أشهر شركات العلاقات العامة، من قبيل إسداء النصح لها وتوظيف أقلام ووسائل إعلام وجماعات ضغوط سياسية، من أجل تحسين سمعتها في مواجهة الإنتقادات الشديدة الموجهة إليها، حتى أن دخل بعض تلك الشركات العاملة في هذا المضمار مثل "WPP" قد بلغ مجموع إيرادتها 15 مليار دولار في عام واحد. لذلك لن يكون من المستغرب أو المدهش أن يكون أكثر عملاء هذه الشركات هم من الحكام العرب، وفي مقدمتهم جزار العصر "إبن سلمان"، وهو ينفق الملايين من الدولارات، في سبيل الترويج إلى سياساته على طريقة مغايرة تماما لما هو عليه واقع الحال، من مزاعم إصلاح وإنفتاح على العالم، في الوقت اللذي امتلأت فيه منذ توليه مقاليد الحكم الفعلية، السجون السعودية بكل من يخالفه الرأي، وازدادت فيه الإنتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان، والإعتداء على سيادة الغير من الدول والتدخل في شؤونها، ناهيك عن هدر أموال الشعب في سبيل اعتلائه العرش!
لذلك لم يكن من المستغرب عليه أن يبدأ حملة العلاقات العامة على طريق تبييض وتحسين صورته القمعية، بزيارات بدأها من الداخل السعودي، قبل أن يتبعها في زيارات خارجية، لم يرشح عن أهدافها رسميا أي شيء، سوى اللذي يأتي في سياق توصيات شركات "الغزل" البريطانية و الأمريكية، التي لم يفاجئها إستقباله من لدن بعض الحكام العرب، بالقدر اللذي فاجئتها ردود فعل الشارع العربي في تونس والجزائر وموريتانيا، وهي تردد "لا أهلا ولا سهلا بأبو منشار"، وهو الشيء اللذي لم يفاجئنا نحن العرب بدورنا، على طبيعة مواقف شعوب المغرب العربي، كما عودونا عليه على الدوام.
وإذا كانت الضغوط الشعبية العربية لم تجدي سمعا لدى حكامها، فلعله من المفيد والجميع يقدر مسعاها، أن تعلم أنه في الوقت اللذي أثبتت فيه عمق انتماءها لقضايا أمتها، أن العالم كله كان بكل إحترام وإجلال يراقب عن كثب مواقفها، وهي تزيد من عزلة المجرم ونظامه، اللذي لن تجدي معه كل شركات التلميع والتبييض، في ذر الرماد في العيون حتى تغير شيئا من حقيقته، وهو لا يلبث في تقتيل أطفال اليمن عازما، والتآمر على قضية العرب المركزية ممعنا، والتدخل في شؤون الغير مخربا! كاتب فلسطيني// واشنطن