2024-11-29 10:55 م

ما هي سمة المرحلة ومهامها الوطنية التحررية

2020-01-18
بقلم: حاتم استانبولي
الاحداث المتداخلة في البلدان العربية من المحيط الى الخليج وبالرغم من التفاوت بين تطورها الاجتماعي والاقتصادي لكن انعكاساتها في البنية السياسة الفوقية للمجتمعات وان اختلفت من حيث الشكل لكنها في الجوهر تحمل ذات الخصائص وتتقاطع في انها نظم لم تستطع انجاز مهام التحرر الوطني الديمقراطي بالرغم من محاولات جرت في كل من الجزائر وسوريا والعراق ومصر في بعض المراحل لكن تم الانقضاض على المنجزات التي تحققت بالتعاون بين قوى الكمبرادور السياسي مع الاحزاب الدينية احيانا ومن خلال التدخلات الاستعمارية المباشرة او استخدام قوى التطرف الديني من خلال اعادة انتاج دورهم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ونظم حلف وارسو . هذا الدور الذي وجه من اجل اعادة انتاج وتدوير النظم التابعة واسقاط الدول التي استطاعت ان تسير بخياراتها الوطنية بالرغم من كل العثرات االتي واجهتها منذ انشائها. الوضع القائم يشهد عودة فجة للصيغة الاستعمارية المباشرة ان كانت في العراق وسورية ناهيك عن الاستعمار الاحلالي لفلسطين منذ 72 عاما وغير مباشر الذي تجسد من خلال التبعية الاقتصادية المطلقة لمنظومة النظام الراسمالي وادواته البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. المدقق في مجمل دول المنطقة تراها ترزح تحت مديونية هائلة تقف حائلا امام تطورها الاقتصادي. اذا ما اخذنا اوضاع كل بلد على حده نرى انه لا يستطيع ايا منها بحكم امكانياته الاقتصادية ان يؤمن احتياجات جماهيره الاقتصادية والكثير من هذه النظم هي نظم لا تعكس ميزان القوى الاجتماعي واستمرارها كان ولا يزال معياره وناظمه مدى تلبيته لشروط مراكز راس المال التي معيارها السياسي هو الموقف من الاستعمار الاحلالي لفلسطين. ان التجربة المصرية والسورية والعراقية والجزائرية والى حد ما الليبية في فترة انعتاقها استطاعت ان تخط سياسة وطنية وتشكلت قوى اجتماعية نتيجة لتراكم راس مال الدولة من خلال سياسات اقتصادية وطنية سارت الى حد ما في تشكيل مناعة داخلية عبر انجاز تعليم مجاني وصحة مجانية وصفر مديونية وكانت تساهم في دعم اقتصاديات الدول الضعيفة مثل لبنان والاردن وتونس وموريتانيا والسودان. هذه التجربة تم الانقضاض عليها تحت عناوين مختلفة وتم التلاعب في منظومة القوى الداخلية لاعادة انتاج نظم تابعة بالمطلق وتدمير البنى الاقتصادية الوطنية عبر عملية ممنهجة ومدروسة استخدمت فيها قوى الدين السياسي كعامل شد عكسي لاسقاط الانجازات الوطنية . مائة عام على سايكس بيكو افرز نظم واعاد انتاجها وارجعها الى حالة من التبعية الكاملة لمنظومة الاستعمار السياسية والاقتصادية واصبح السفراء يلعبون دول المندوب السامي . الحراك في لبنان او الاردن او العراق ومعاناة جماهير الخليج العربي التي ترزح تحت نظم عائلية ديكتاتورية لا تعير اية قيمة للمعايير الانسانية وتقدم ثروات جماهيرها مقابل حماية عروشها وتبتلع الاهانات اليومية من سيد البيت الابيض. هذه الحراكات يجمعها ناظم فقرها وتبعية نظمها ومعاناة جماهيرها من حيث غياب للحرية والعدالة الاجتماعية والمشاركة في تحديد خياراتها. المدقق في اوضاع هذه النظم ومنظوماتها منذ ثلاثين عاما هذه النظم هي محاطة برعاية امريكية بريطانية فرنسية تفرض عليها منظومة من الخيارات الاقتصادية والسياسية تحت عنوان الاصلاح الاقتصادي والسياسي من اجل دفعها للمساهمة في دمج اسرائيل في منظومة المنطقة السياسية والاقتصادية والامنية والثقافية وتعزيز القبضة الامنية لها مقابل القروض عبر مؤسسات البنك الدولي وهي تعي انها لن تستطيع سدادها كون اقتصادياتها منهارة والحماية عبر انشاء القواعد العسكرية التي تعمل خارج منظومة السيادة الوطنية. هذه النظم يعشعش فيها الفساد بكل تعبيراته وكل القروض التي تسجل على جماهيرها تذهب في اتجاهين المنظومة المصرفية التي تعيد تدويرها من خلال تشجيع القروض السكنية والفردية ووضع شروط قاسية وفوائد عالية في حين تقوم هي بدفع فوائد طفيفة للبنك المركزي والمدقق في الارباح السنوية لها يلاحظ مدى تراكمها وفي ذات الوقت ترى مدى ارتفاع مديونية الدولة. البنوك تتضخم ارباحها والدولة تتضخم مديونيتها والجماهيرتزداد فقرا ومعاناة. الاتجاه الاخر هو استفادة النظام البيروقراطي للنظم من المشاريع الريعية من خلال توزيعها على حواضنها العشائرية والقبلية او الحواضن الطائفية للنظم التي تقوم على المحاصصة الطائفية. بالنتيجة فان المتضررمن سياسة النظم التابعة او النظم وكيلة المستعمر بشكليه المباشر وغير المباشر او الاحلالي في فلسطين يدرك ان المطالبة في تغيير حكومي ليس هو الحل بل الحل يكمن في ادراك واقع المنطقة ونظمها السياسية الوكيلة للاستعمار وسياساته الناهب لثروات جماهير المنطقة وهو المسؤول عن دعم نظم الفساد العائلي والقبلي والطائفي وان الجماهير بغض النظر عن تلاوينها فان الفقر والتمييز يجمعها وان تغيير اية حكومة او اجراء اي انتخابات بقوانين تمييزية تقوم على اساس المحاصصة او التمييز لا يمكنها حل المشكلات البنيوية لهذه النظم وان سمة المرحلة هي التحرر الوطني وشعار خروج المحتل المباشر من العراق وسورية وانهاء تبعية النظم العائلية والقبلية والعشائرية والطائفية هذه النظم التي شرعت الاحتلال العسكري والاقتصادي والسياسي بما فيها الاحتلال الاحلالي لفلسطين. ان شعار خروج المحتل يتلازم مع شعار اسقاط التبعية السياسية والاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية هذا المهمة الجامعة لحركة التحرر الوطني تفرض وحدة ادواتها الوطنية الديمقراطية لانجازها من اجل وحدة اراضيها وثرواتها واقتصادياتها الوطنية المتكاملة ووحدة قوى ووسائل انتاجها. مهمة قوى التحرر الوطني ليس ايجاد حلول للمحتل والنظم التابعة بل في ايجاد حلول للجماهير الشعبية المتضررة من سياسات التبعية السياسية والاقتصادية التي تنتج سياسات فاسدة شاملة بحيث اصبح الفساد مقونن في الدساتير والنظم التي تقوم على اساسها. شعار التحرر الوطني هو شعار يجمع المقاومة وجماهيرها التي ترزح تحت الفقر والتمييز والاضطهاد فلا يمكن للمقاومة ان تتعايش مع الفساد والتبعية والاحتلال بكل اشكاله ولا يمكن المساومة بين التبعية والاحتلال والفساد وبين المقاومة وثوارها. اهمية قراءة سمة المرحلة وشعاراتها الناظمة هي التي توحد قواها وتلفظ الفردية والشللية المصلحية وتعيد الروح النضالية الوطنية للشعار الجمعي الناظم.