2024-11-29 09:50 م

يا معرة النعمان …. إننا قادمون واللقاء قد اقترب !!

2020-01-26
بقلم: نبيه البرجي
يا معرة النعمان !! – إليك يا وردة الفلسفة إننا آتون , لا موطئ قدم للأقدام الهمجية التي حاولت تغيير هوية الهواء، وهوية التراب، وهوية التاريخ، وحتى… هوية الله.

هذه مدينة انحنى أمامها كل فلاسفة الدنيا. من أكثر من أبي العلاء المعري، بعيني زرقاء اليمامة، بل بعيون الأنبياء، فهم الدنيا، وقال في الدنيا؟

يا مولاي، حين زرت ضريحك، تذكرت ما قاله لي جاك بيرك: «لولا رهين المحبسين الذي هناك، في ذلك الشرق الآسر، والمعذب، لما كان دانتي، ولما كانت الكوميديا الإلهية»!

وأنا أتلمس ضريحك الذي أصررت أن يبقى، مثل حطام الدنيا، كم شعرت أن هاتين العينين المقفلتين تريان العقل كما لم يره أحد من قبل. لعلك كنت تعلم أن أولئك الآتين من جهنم «ويقرؤون النص بأسنان جهنم»، سيقطعون رأسك في القرن الحادي والعشرين. سألتك إذا ما كنت كتبت قصيدة في مديح هولاكو، أو في رثاء هولاكو. لا تزال ضحكتك تهز قلبي.

أولئك الأبطال، أبطال الجيش، بالوجوه التي بلون السنابل، وبسحر السنابل، آتون إليك، لكي يقبلوا يديك. يتوسلون الغفران من «رسالة الغفران». أنت الذي وضعت «لزوم ما لا يلزم»، أنت لزوم ما يلزم وأكثر.

لعينيك المقفلتين، المشرعتين على أبواب العقل، نرفع أيدينا، نرفع رؤوسنا. هذه دمشق، وهذه حلب، وهذه حمص، وهذه حماة، وهذه اللاذقية، وهذه دير الزور، وهذه الرقة، وهذه كل المدن، وكل القرى، وهذه إدلب. هل تناهى إليكم، أنين الزيتون، دوي الزيتون «وطور سنين» في إدلب؟ سنغسل كل حبة تراب، كل زهرة، كل شجرة، ونقول، بالفم الملآن: سورية المقدسة.

الذين أخفقوا في قتل السوريين «وسورية» بالقنابل، وبالسواطير، يحاولون أن يقتلوهم بالصقيع، وبالخبز، وببقايا الخناجر التي استخرجها السلطان من دهاليز العار، من خنادق العار.

لطالما قلنا بالتقاطع بين لعبة الأمم ولعبة القبائل. لدينا الكثير عن لعبة الأفاعي. هذه إدلب لمن يعرف بساتينها، لمن يعرف حقولها، لمن يعرف قراها، لمن يعرف عيون أطفالها. كيف يمكن أن تكون مستودعاً للأفاعي؟

من يظن أن باستطاعة أي كان أن يضع الشمس في كيس السلطان؟ تأخذنا معرة النعمان. تأخذنا إدلب. ذاك الإعلام البشع والقذر، «حين تصاب اللغة بالعمى». كل الذين يسقطون مدنيون وأطفال. أيها المنافقون، مرة واحدة قولوا لقد مات مرتزق واحد، أو مات انكشاري واحد.
إليك، يا معرة النعمان، يا وردة الفلسفة.

أبو العلاء يفتح عينيه. قولوا لهم أبو العلاء يفتح عينيه. العيون التي تصرخ في وجه قتلة الأرض، وفي وجه قتلة الهواء، وفي وجه قتلة العقل.
أيام الانتظار لن تطول.

أين تلعب الأقدام الهمجية الآن؟ في شقوق ما تبقى من الجدران التي لا بد أن ترتفع ثانية مهما بلغ الحصار، ومهما بلغ تواطؤ العرب «الأعراب»، أمام أباطرة هذا الزمان، وقد تصوروا أنهم على قاب قوسين من دمشق. ها هي دمشق، مدينتنا، تمد يديها إلى إدلب، إلى معرة النعمان. لن يسقط رأس أبي العلاء. لن يسقط عقل أبي العلاء.

صديق من هناك قال لي: «لو تسنى لك أن ترى دبيب القمر على سطوحنا. غالباً ما نتناول العشاء مع القمر. في أعراسنا، نغني للزيتون وللقمر».

وقال «للحياة هناك نكهة أخرى. للأرض لغة، للقمح لغة، للماء لغة». مضى ضاحكاً «هل زرت الجنة يوماً؟ لسوف أدعوك إلى الجنة». هذه كلماتي الأولى إلى الجنة.

سورية، مثلما هي القلب، هي العقل. اغسلوا وجوهكم بالياسمين، ثم اغسلوها بقول محيي الدين بن عربي «وحق الهوى أن الهوى من الهوى… ولولا الهوى في القلب ما وجد الهوى».

سورية، يا معرة النعمان، هوانا!!
الوطن