2024-11-29 08:35 م

تركيا وإسرائيل .. وجهان لعملة إرهابية واحدة

2020-02-08
بقلم: ميشيل كلاغاصي 
في ظل مشهدٍ دولي وإقليمي, يتأرجح ما بين التحالف والشراكة مع الدولة التركية, وما بين المنافسة على كسب ودها تارةً وعدائها تارةً أخرى, وتقاطعٍ شامل ومستمر لمواجهة سياساتها الخارجية, وارتفاع إحتمالات صدامها العسكري المباشر مع عدد من الدول في محيطها الجغرافي, وما هو أبعد من حدودها البرية ومياهها الإقليمية. مالذي أوصلها إلى صفر علاقات ؟ ومالذي يدفعها للتمدد نحو سوريا والعراق وقبرص وليبيا والصومال والسودان .. هل هي قوية بما يكفي للدفاع عن نفسها وطموحاتها وأطماعها؟, وهل هي واثقة من دفاع الناتو عنها ؟, لماذا ينهار إقتصادها وعملتها أمام تغريدة لترامب, وهي الحليف التجاري للولايات المتحدة كما يقول الرئيس دونالد ترامب, ولماذا تقف عاجزة وخانعة أمام غضب الرئيس فلاديمير بوتين ؟, هل تصلح لقيادة العالم الإسلامي, لماذا تدعم الإرهاب الراديكالي الإسلاموي المتطرف, هل حقا ً تحمل الهمّ الفلسطيني وأبكتها المجازر الإسرائيلية المتكررة والمستمرة بحق الفلسطينيين, هل هي مستعدة لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي, وما هي طبيعة علاقاتهما, وإلى أي حد يمكن رصد العوامل المشتركة بينهما من حيث الطبيعة العدوانية والتوسعية, هل حقا ً تقود "ربيعا ً"عربيا ً إسلامويا ً يُصلح حال الأمة وينطلق بها نحو تحرير الأراضي المحتلة والمقدسات ... هل حقا ً يقود أردوغان بلاده ويرسم سياستها, أم هو مجرد أداة تنفيذية لمخططات ومشاريع ترسم وتوضع نقاطها على حروفها في غير مكان, هل هي الخطر القادم من الشمال, كما هي "إسرائيل" الخطر والشوكة في خاصرة الأمة ؟ أم تشكل والعدو الإسرائيلي ثنائية العدوان على الأمة العربية بكاملها, فهل هما أعداء أم حلفاء أم ماذا؟. العلاقات التركية – الإسرائيلية فبعد الإعلان عن قيام الكيان "الإسرائيلي" عام 1948, والإعتراف التركي به عام 1949, أصبحت تركيا أهم شركائه في الشرق الأوسط, وأقامت معه علاقات دبلوماسية رسمية, فيما أتى الرد من الطرف الاّخر, بعدما تحدث أول رئيسين للوزراء الإسرائيليين دافيد بن غوريون وموشيه شاريت باللغة التركية. ومع ذلك, تميزت العلاقات التركية – الإسرائيلية, خلال العقود الماضية بفترات من التقارب والتباعد على حد سواء, على الرغم من موجة المشاعر المعادية لإسرائيل في المجتمع التركي, خصوصا ً بعد الغارة الإسرائيلية على قافلة "سفن الحرية" التي حاولت اختراق الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة عام 2010. لكن جوهر التباعد يعود لما بعد عام 1973عندما نأت أنقرة بنفسها عن الكيان الإسرائيلي أمام الحظر النفطي العربي .. ومع ذلك سعت تركيا للتقارب مع "إسرائيل" مرة أخرى بعد اتفاق أوسلو 1993, على أمل أن يساعد إحياء تحالفهما على تغيير توازن القوى الإستراتيجي والوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط الغني بالنفط, وبما يشكل فرصةً لخروج "إسرائيل" من العزلة السياسية والاقتصادية, ويسمح ببعض التقارب مع الدول الإسلامية... لقد كان من الواضح أن تركيا تهتم بعلاقاتها مع "إسرائيل" أكثر من تلك التي تربطها بالعالم العربي والإسلامي, وتعلق اّمالها للحصول على تقنيات عسكرية جديدة من خلال إقامة الشراكة الإستراتيجية العسكرية معها. ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة, وبروز أردوغان على رأس الحزب, بدأت العلاقات العلنية بالتراجع العلني نسبيا ً, بعدما أعلن سياسته وتبنى خطابا ً إسلاميا ً يمهد لإعادة إحياء عهد الإمبراطورية العثمانية, يكون فيه هو الزعيم والقائد الإسلامي وربما الخليفة. استمر التباعد وتراجع العلاقات بينهما, في ضوء تعارض مواقفهما بشكل متزايد حيال بعض الملفات الإقليمية, وبدأ أردوغان يوجه الإنتقادات القاسية ووصل حد إتهام سياسة سلطات الكيان بـ"إرهاب الدولة المنظم", لكن عام 2015 حمل توقيع إتفاقٍ ثنائي بينهما بوساطة الولايات المتحدة , تلتزم فيه أنقرة بحظر أي نشاط فلسطيني على أراضيها يسعى أو يخطط للهجوم على الدولة اليهودية . وفي الآونة الأخيرة نما الصدع بين إسرائيل وتركيا، بعدما طبقت إسرائيل ضغوطا ً كبيرة , مستغلة نفوذها في واشنطن لمنع تلك الأخيرة من إشراك أنقرة في مشروع تصنيع طائرات الـ F-35 , بعد أن حصلت تركيا على صواريخ أرض - جو الروسية S-400 ، بهدف الحفاظ على تفوقها العسكري الإسرائيلي في الشرق الأوسط, كما كان الدعم الإسرائيلي للإنفصاليين الأكراد في سوريا, عاملاً هاما ً في تدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا في السنوات القليلة الماضية... وحتى اليوم, ومن حين لاّخر ترتفع وتيرة الإنتقاد والصراخ بينهما، ومع هذا تبقى وتستمر العلاقات السياسية والأمنية والإقتصادية بينهما, ويستمر معها الإستثمار الإعلامي واللعب على المشاعر الدينية , كالتنديد التركي بصفقة القرن, ودون أن يؤثر ذلك على جوهر وحقيقة العلاقات بينهما. العلاقات التركية – الإسرائيلية الوثيقة في الحرب على سوريا ... يكفي أن نشير إلى التعاون الوثيق بينهما منذ بداية الحرب على سوريا , واحتواء من دعوا أنفسهم "معارضة" في أنقرة كما في تل أبيب , ناهيك عن الدعم اللامحدود الذي قدمه كلا الطرفين للتنظيمات التكفيرية الإرهابية المسلحة, من تمويل وتسليح وتغطية إعلامية وسياسية وعسكرية شملت عدة هجمات إسرائيلية على مواقع ووحدات الجيش العربي السوري, بهدف حماية الإرهابيين ومنع إنهيارهم وفرارهم...في حين أتى الدعم التركي أكثر وقاحةً وصراحةً , وقدم سلوكا ً استعماريا ًغير مسبوق في تاريخ البشرية , ضاربا ً عرض الحائط بكافة القوانين والأعراف والإتفاقات الدولية والإنسانية , معتمدا ً بشكل مباشر على تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" واّكلي أكباد البشر, على مرأى ومسمع كافة دول العالم الذي يدعو نفسه – للأسف - بالعالم المتحضر..! ولا بد لنا من الإشارة إلى العدوان الإسرائيلي أمس الأول 6/2/2020, تزامن مع تحرك وعبور رتلٍ عسكري تركي نحو الداخل السوري, بهدف إشغال القيادة السورية من جهة , وحماية جحافل ومجاميع الإرهاب التكفيري , وعرقلة ومنع تقدم الجيش العربي السوري لتحرير مدينة إدلب من جهةٍ ثانية , الأمر الذي يؤكد الإرتباط الوثيق والشراكة الإستراتيجية بين العدوين التركي والإسرائيلي.