بقلم: نبيه البرجي
ألا تشي صرخاته، مواقفه، أقواله، اتصالاته، ثم توسلاته بـ… لهاث الكلاب؟
ليقل لنا لماذا هو موجود في إدلب، كل أشكال الحقارة السياسية بعدما تقطعت به السبل، هذا الذي لا يستطيع إلا أن يكون بين قدمي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وحتى بين قدمي بنيامين نتنياهو.
وراء الضوء الكثير ما قاله للرئيس الأميركي «إذا تركتم بشار الأسد هكذا فلن تستطيعوا أن تحققوا على الأرض بنداً واحداً من صفقة القرن»، رجل الحاخامات لم يتوقف، للحظة، عن التنسيق التكتيكي، والتنسيق الإستراتيجي، مع تل أبيب، لقاءات تجري في أكثر من مكان، وعلى أكثر من مستوى.
اسألوا السفراء العرب في واشنطن عن العلاقة «التاريخية» التي تربط بين السفارة التركية والسفارة الإسرائيلية هناك، لقاءات مشتركة مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومع مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ناهيك عن الأوقات الغرامية مع أركان اللوبي اليهودي.
حتى داخل «الدولة العميقة»، أو داخل الاستبلشمانت، في الولايات المتحدة من يسأل عن سبب دعوته البيت الأبيض إلى نصب منظومات الباتريوت في بلاده، وهو الذي يمتلك منظومات قد تكون أكثر فاعلية (إس 400).
يقولون: إن الغاية من ذلك استدراج القوات الأميركية إلى الأرض التركية لتكون في مواجهة القوات الروسية، رأيهم… هذا ذروة الغباء الجيوسياسي، وذروة الغباء الجيوستراتيجي!
رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان الذي يعتبر، بالغباء إياه، أنه بتلك السياسات البهلوانية، يلعب بالأميركيين والأوروبيين على السواء، لا يدري ما يقولونه فيه، الكل يستخدمونه، ويعلمون ما هو ثمنه بعدما تحول إلى جثة في سوق الأمم، في لعبة الأمم.
كل تلك السنوات، ولم يدرك، بالدماغ الأعمى التائه بين لوثة التاريخ ولوثة الأيديولوجيا، أن ما من قوة في الدنيا بإمكانها إزالة الدولة في سورية.
كم هي المليارات العربية التي وضعت بين يديه من أجل تحقيق ذلك؟ وكم هي الجهود الاستخباراتية، والعملانية، التي بذلت؟ وماذا عن حديث الكوندومينيوم التركي الإسرائيلي في الأروقة الخلفية حتى في تلة الكابيتول؟ لينظر إلى دمشق الآن، وإلى حلب، وإلى حمص، وإلى حماة، وإلى اللاذقية، وإلى دير الزور، وإلى الرقة، الآن…
لطالما قلنا «الغراب العثماني» الذي لا مكان له إلا في الخراب، ما هو الشيء الذي حققه سوى تكديس أولئك المرتزقة، وسوى تحويل أهالي إدلب إلى رهائن في يد البرابرة، فضلاً عن استخدامهم في تلك اللعبة القذرة من دون أي اعتبار للقيم التي لا وجود لها في البلاط العثماني؟
أكثر من أن يكون الغراب، السلحفاة التي تزحف في كل الاتجاهات، الضجيج داخل تركيا، أين هو البريق؟ وأين هو السلطان الذي وعد بني قومه بأن اسطنبول لن تكون فقط مدينة الخلافة التي تمسك بكل الخيوط، وبكل الرؤوس، وبكل الثروات، في المنطقة، أن تكون الحاضرة الثانية في الكرة الأرضية، هل من حدود لهذه البارانويا؟
الغراب، بالغطرسة إياها، ذهب إلى ليبيا، هل لإقامة منطقة آمنة هناك أم بحثاً عن النفط الذي يحتاج إليه ليفاجأ بمن وضعه في قعر الزجاجة، وهو الذي حاول أن ينقل عشرات الآلاف من تلك الانكشارية المركبة على نحو عجيب إلى هناك، من شرق المتوسط إلى غرب المتوسط، سلطان البر وخاقان البحر و… النفط!
الكل يرون فيه البهلوان الذي لا بد أن يسقط أرضاً فور أن يسدل الستار، الأوروبيون يتحدثون الآن عن «الرجل المريض»، تماماً كما كانوا يتحدثون لدى إطلاق «المسألة الشرقية» في القرن التاسع عشر، على يديه تتفكك بقايا السلطنة، بدل تركيا الكبرى تركيا الصغرى، بعدما ارتطم رأسه بالحائط في أكثر من مكان.
لم يعد أمامه سوى لهاث الكلاب. أجل… لهاث الكلاب!!