بقلم: نبيه البرجي
هل حقاً أن الملك عبدالله الثاني سأل دونالد ترامب «متى تريد أن أحزم، وعائلتي، حقائبنا»؟؟
ربما للمرة الأولى حديث في البلاط الأردني عن «الأهوال» التي تتأتى عن صفقة القرن. ايضاً عن الصفقة الجهنمية التي عقدها الرئيس الأميركي مع اللوبي اليهودي من أجل البقاء في البيت الأبيض، بعدما زعزعت الكورونا حتى هيكله العظمي، ولقد بدا كمن يقاتل طواحين الهواء...
ديبلوماسي خليجي سابق، يقيم في لندن، قال لنا ان الانكليز «الذين بأعصـاب حيوانات الفقمة» يظهرون الكثير من التوجس حول الملك، والذين يعتقدون أن دونالد ترامب مضى بعيداً في التماهي مع المسار التوراتي لاسرائيل، حتى اذا ما زالت الدولة الأردنية لا بد من أن تحدث تفاعلات كارثية في المعادلات الاستراتيجية التي أرستها واشنطن على مدى عقود.
الانكليز أكثر حنكة من الأميركيين في قراءة الخرائط، كما في قراءة الوقائع. لا يستسيغون «ديبلوماسية الصقور»، أي ديبلوماسية الصدمات الكهربائية. يحترفون «ديبلوماسية الثعابين»، أي ديبلوماسية الصدمات المخملية.
للمثال، وعد بلفور عام 1917 كان امتداداً للرؤية التي وضعها الفيكونت بالمرستون، رئيس الوزراء البريطاني في منتصف القرن التاسع عشر، وحيث كان الاختراق الأول للأراضي الفلسطينية باقامة جماعة «أحباء صهيون» سلسلة من المستوطنات، بتمويل من البارون دوروتشيلد الذي اشترى السلطان العثماني.
الكثير من المحاكاة بين الآراء المتداولة في لندن وتلك التــي يتم تــداولها في عمان. الحاق مستوطنات الضفة الغربية «باسرائيل» بمثابة المدخل الى الحاق الضفة الغربية بأكملها بالدولة اليهودية.
في هذه الحال ،الضفة الشرقية هي الدولة البديلة. أبعد بكثير من مشروع ايغال آلون. صفقة القرن تلحظ توسيع هذه الدولة باقتطاع جزء من سوريا، وربما أيضاً جزء من العراق. لكأن ما يمكن أن يحصل تحقيق لـ «نبوءة» زئيف جابوتنسكي، المرشد الروحي لوالد بنيامين نتنياهو، وحيث المساكنة المستحيلة بين العرب واليهود في هذا العالم، وفي العالم الآخر...
هذا يستدعي تغييرات (أو جراحات) بنيوية في كل من الأردن، وسوريا، ولبنان. مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي ، وصف صفقة القرن أمام أركان «الايباك» بكونها الطريق الى «مملكة يهوه». المسألة، بالنسبة الى بنس ليست استراتيجية فحسب. ايديولوجية بالدرجة الأولى.
غريب منطق الجماعات اليهودية ـ المسيحية التي تعتبر أن زوال «اسرائيل» مؤشر الهي الى زوال أميركا. هكذا تم تفخيخ المسيحية (الأميركية) على ذلك النحو الرهيب.
الحكومة الائتلافية الحالية، وحيث الشراكة بين بنيامين نتنياهو وبني غانتس قد تكون الأكثر تلمودية منذ قيام «اسرائيل». وجود عشرة وزراء فيها من أصل مغربي زادها تشدداً. هذه هي الظروف المثالية للذهاب بـ«الوعد الالهي» الى حدوده القصوى. سوريا بين أسنان الخراب وأسنان الحصار. مصر في الثلاجة الأبدية.
ماذا عن لبنان؟ كل السيناريوات تتمحور حول تفكيك «حزب الله». الخطوط «شغالة» بين الداخل والخارج. «اسرائيل» تتصور أن تفجير الساحة الداخلية ممكن جدا ً بوجود الأزمات المالية، والاقتصادية، والاجتماعية، وبوجود الدولة في قعر الزجاجة.
تلك المعلومات المثيرة حول تخوف الانكليز من العشوائية الأميركية في التعاطي مع الخرائط. المشكلة، في نظرهم، أن الادارات المتعاقبة غالباً ما تراهن على الدول الحليفة في لعبة الخرائط. هذه الدول لكأنها صنعت من الورق، ولا قبل لها في القيام بأي دور مؤثر في ادارة التحولات.
العاهل الأردني لا يمكن أن يعلّق العمل باتفاق وادي عربة. رئيس منظمة «جي ـ ستريت» المناوئة للايباك جيرمي بن عامي قال لبنيامين نتنياهو وبني غانتس «السجادة الحمراء لن تكون بانتظاركم للدخول الى صفقة القرن. الدخول سيكون الى الجحيم»!
(الديـــار)