بيّن الرئيس الأسد ارتكاب حزب البعث لأخطاء في مسيرته ما تسبب في تراجع دوره، مشدداً على ضرورة تدارك تلك الأخطاء التي أدت إلى تغييب الكوادر الحزبية ذات الكفاءة، و يُجادل البعض بأن تقدم السحيجة والمنافقين إلى الصفوف الأمامية، هو الذي أدّى إلى حدوث هذه الأخطاء وأبرزها تقدم هؤلاء على حِساب الكفاءات، واحتلالهم المواقع الرئيسية في الدولة والمؤسسات الحزبية.
يأتي هذا النقد الذاتي في شكل رسالة مكتوبة موجهة لأعضاء حزب البعث، بعد عدة أيام من عزل رئيس الوزراء عادل خميس من منصبه كرد على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وبدء تطبيق قانون قيصر "الأمريكي" الذي دخل حيز التنفيذ بداية الشهر الجاري، في سياق ذلك شخصت الكلمة التي وجهها الرفيق الأسد الواقع بكل دقة ورسمت منهجية في تعزيز مبدأ الديمقراطية والشفافية والحفاظ عليه في الحزب ليسهم في تحقيق نهضة الحزب والمجتمع، و هذا التّغيير هو بداية التحول الجديد الذي سيكون عنوان المرحلة المقبلة في سورية.
وفي سياق موازٍ، ظهر في المجتمع السوري أصناف منوعة من التسلق، التسلق على كل شيء في المجتمع، حتى على الوطن، للـحصول على أشياء لا يستحقها في وجود ثقافة التنافس والشفافية، والمتسلق الأحادي الاتجاه له هدف محدد وطريقة تسلق محددة، فتارة يتسلق على المؤسسات،وتارة على العروبة، وتارة على الوطنية، منهم من تسلق على الحزب، ومنهم من تسلق على العشيرة، وكثر هم الذين تسلقوا على سورية، تسلق على كل ما أتيح له من وسائل، منهم من تسلق حتى وصل البرلمان ووصل الوزارة، وبعضهم لم يتركوا فضائية إلا وتسلقوا من خلالها على هذا الوطن العزيز على قلوبنا، ولا يزال التـسلق مستمراً.
من المؤسف أن حقيقة البعض وهم كثر هم من صنعوا الفساد من خلال التطبيل والتزمير للمسؤول ومنهم من حول صورة المسؤول بقاهر المستحيل، وفي هذه الفترة تزداد ظاهرة السحيجة التي تصفق وتهلل للمسؤول على الانجازات والتي يعتقدون بأنها حقيقية ولكن المسؤول نفسه يعلم بأنهم منافقين ولكنه مرتاح لأدائهم لإشباع حاجاته النفسية ، كما يتجولون من مكتب إلى آخر يوزعون الابتسامات وعبارات الشكر للمسؤول لأنهم يدركوا بان هذا المسؤول له عيون في كل مكان وتصله تحركاتهم هم ارتضو لأنفسهم هذه المهنة التي فقدوا من خلالها كرامتهم وإنسانيتهم مقابل ثمن بخس.
مجتمعنا السوري يزخر برغبة عارمة في الإصلاح، كونه يمر بظروف حساسة أثقلت كاهل الشعب، دفع السوريون تكاليفها من دمائهم وتكاليف معيشتهم، وأصبح من الضروري على الحكومة السورية السعي الجاد لخلق التغيير المنشود لتحقيق كافة التطلعات والآمال التي يتطلع إليها الشعب بكافة فئاته للوصول إلى ظروف أكثر أمناً وأقل عنفاً وفساداً، ومن هنا كان الإصلاح مطلب شعبي، وهم كل مواطن سوري، كونه إرادة ثابتة ومصلحة وطنية ويسعى إلى التطوير ومواكبة روح العصر بما يعود بالفائدة على الوطن والمواطن ويحقق سبل الرخاء للأجيال القادمة.
وهنا أعيد وأذكر بأن وطننا الكبير "سورية" غني بأبنائه المؤهلين والمخلصين والقادرين على تجنيب هذا الوطن الكوارث والمنعطفات الخطرة وهذا وطننا ولسنا بحاجة إلى من يزايد أو يجعل أبناءنا وبناتنا وقوداً لأخطائه. فسورية محتاجة للجميع للملمة جراحها ، مهمتنا الآن غلق الصفحات السوداوية التي ملأتها سيئات الماضي الكئيب وفتح صفحات جديدة ناصعة البياض نرسم فيها مستقبلنا المشرق ونخطط في ثناياها ملامح قادمنا الجميل في سورية.
عموماً، إن وضع المجتمع السوري على سكة النهضة الشاملة المطلوبة يتوقف على قدرتنا في أن نشجع جميع الأفراد على تحمل مسؤوليتهم والمشاركة من موقعهم في العمل على التغيير وهذا يستدعي تغييراً في أخلاقيات المجتمع واستعادته لقيم الصدق والصراحة والأمانة، كما يتوقف نجاح العملية الإصلاحية على مدى إيماننا بها، وبأهميتها لمستقبلنا وضرورة العمل بروح الفريق الواحد لضمان نجاحهم بالرغم من كال المعيقات التي ستواجهنا.
حمى الله سورية من ضعاف النفوس وتجار المراحل ومن كل لا يتعاملون معها على أنها وطن بل ساحة أو منفعة، وحماها من كل فاسد ومفسد الذين تتغير مواقفهم حسب الزمان والمكان.
Khaym1979@yahoo.com
لرئيس الأسد يسحب البساط من تحت أقدام "السحيجة"
2020-06-16
بقلم: الدكتور خيام الزعبي