ندخل الان أكثر في الجرح الفلسطيني داخل القلب.. وليس جرح الجسد الذي تثخنه خناجر الاحتلال البغيض وتحاصره قيوده الشرسة، لكن، أن يكون هنا الحصار في الداخل جدار فصل بين الشعب وولي الأمر، فهذا أشد الجرح وأعظم الألم.. نقف أمامه وقد تلوت من حوله خفافيش الظلام تريد أن تعلق بابه المفتوح لأبناء شعبه محاولة ان تقطع الخيوط وتشق اللحمة، وتزرع أسافين الجفاء ما يتفاقم عنها، تنثر أمامه تقارير الكيد والتضليل والتعمية والتغييب.
لن نتحدث عن تداعيات الذين يتراكضون في الداخل بين بوابات المحتل، أو مقرات البعثات الدبلوماسية أو أوكار الاسترزاق وهم كثر، حتى تكاد لا تستقر نظرات الشعب على شكل أحدهم في ركضه السريع خلف أهوائه وغاياته والأوامر التي يحملها منفذا أو مبعوثا، ولا نتحدث عن قوائم أشكال المؤسسات التي تزعم الانتماء الى هموم الشعب وقضاياه، أو تلك التي تختزل اهداف الاعداء والاصدقاء في ما تقوم بها، وتلك التي ترعرع معظمها على آلام الشعوب وجراحه، فتلك جميعا تصب في ذات القناة وتمضي في نفس الزقاق المظلم.
بل نتحدث عن داخل الداخل ممن وقفوا خلف الأبواب يحصون الهمسات، ويتابعون الحركات، ويصنفون الغادين الى لقاء، يتابعونهم بالرصد ويعدون خطواتهم، ثم ينطلقون بحصادهم المر بعيدا لافراغ ما ينضحونه في اذان الاخرين.
نتحدث عن الذين ظنوا أن وجودهم في عقر الدار يجعلهم الأوصياء على القرارات، ويؤهلهم لاحداث التغييرات ويمنحهم سلطة الحماية والحجابة.
نتحدث عن الذين عششوا في مكاتب يفترض أن تكون غايتها وصل ولي الامر بشعبه، وربط مواثيق التلاقي والحب معه، فاذا بهم يتبارون في شحذ الخناجر وتصنيع السيوف واسدال الستائر الكثيفة لتعم الظلمة ويستمر الليل.
هل نفصح.. أم أن المريب يكاد يقول خذوني؟!