بقلم: حاتم استانبولي
معظم من كتب عن غسان وقرأ اعماله وضع غسان في خانه المثقف المشتبك او المثقف العضوي او الى ما ذلك من تصنيفات.
ولكن قراءة غسان بدقة ومسؤولية يصل الى نتيجة ان غسان كنفاني هو مؤسس لثقافة مقاومة متعددة الاتجاهات في الادب والاعلام والسياسة والفلسفة والمقاومة المسلحة والعمل التنظيمي والفن والانسانية والعدالة.
لوحات غسان الادبية هي وثائق تاريخية انسانية كشفت مدى الظلام والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني ووضحت ادوات الجريمة وظروفها واسبابها.
الوحات الاعلامية لغسان كنفاني كانت صرخة مدوية شكلت نقيضا للاعلام الرسمي السائد واسس معيارا ربط فيه بين الحقيقة والجماهير عبر شعار الحقيقة كل الحقيقة للجماهير هذا الشعار الذي خطه كعنوان يلازم صحيفة الهدف .
غسان السياسي الذي وضع حدا فاصلا لمفهومي الاستسلام والسلام حين قال – إن الجلوس مع العدو -حتى في استديو تلفزيوني- هو خطأ أساسي في المعركة، وكذلك فإنه من الخطأ اعتبار هذه المسألة مسألة شكلية –
غسان الفيلسوف الذي استطاع ان يطوع المقولات الفلسفية ويدخلها بسلاسة في كتابانه الادبية وكان يتلاعب بها كعازف فرقة موسيقية .
غسان كنفاني كان هو الفرقة الموسيقية التي يتنقل بين آلاتها في قصصه ورواياته كل قصة ورواية هي سمفونية ادبية متكاملة تجمع الادبي والاعلامي والسياسي والفلسفي والفني ويصبغها بثوب انساني لايمكن الا ان تتفاعل معه عبر عباراته الاستثنائية الني تحمل كل المعاني وبمهارة العازف يموج درجاتها وعنفوانها وينقلك في ذات اللحظة لهدوء البحر ما قبل العاصفة.
غسان كنفاني اعطى معاني جمالية للموت عندما يكون من اجل الوطن اذا كان الموت كضحية او كثائر.
غسان الاديب والمثقف كان بذات الوقت مقاوم منظم يدافع عن حق الشعب الفلسطيني في الكفاح بكل الوسائل لتحقيق عدالة عودته لارضه المغتصبة.
غسان الفنان قدم لوحات فنية تحمل روح فكرة الثورة وانسانيتها وعدالتها وكانت لوحة فلسطين ولوحات الحصان والفرس من ابرزها لما لها من معاني ناهيك عن رسوماته لقصة القنديل الصغير التي حملت رؤيته المستقبلية لاطفال فلسطين ودورهم في كسر الاسوار وتاكيده على ان الحقيقة لا يمكن ان تكون الا جمعية وان الشمس لا يمكن ان توجد في غرفة مغلقة.
غسان كنفاني الاديب والفبلسوف والسياسي والفنان والمقاوم الملتزم (بقضية شعبه التي كانت بالنسبة له البحر والجبهة هي المركبة ) والمناضل من اجل العدالة الانسانية.
غسان اعطى بعدا وحدويا لادب المقاومة ورفع الغطاء عن ادباء فلسطين المقاومين عام 1948.
غسان الذي حمل في صدره قلبا اتسع للحب والفداء وخصص غرفة للطفولة التي قدمها في قصصه اطفال غسان كنفاني والقنديل الصغير كشاهد وفيلسوف ومقاتل محترف يستطيع المرور ببن طلقتين من اجل الفضيلة التي حدد مفهومها الوحيد البقاء حيا في ظروف المكان (المخيم ) برمزيته التي تحمل عنوان النكبة 48 وهزيمة 67.
غسان ابتكر ثقافة منكاملة تعتمد الحقيقة التي تستمد من الواقع ولذلك فان فلسفة ثقافة غسان كنفاني هي ثقافة فلسطينية عربية بامتياز استخدم في انتاجها مخزونه الثقافي والفلسفي العالمي واخرجه بمسحة فلسطينية عربية بامتياز.
لذلك فاليسمح لي رفاقي واصدقائي ووطنيي ويساريي فلسطين والوطن العربي ان يعيدوا قراءة غسان كنفاني وثقافته ويتوقفوا عن اطلاق تعابير غرامشي التي كانت صحيحة في ظروف ايطاليا واوروبا في حينه.
غسان كنفاني جمع كل فلسفات سابقيه ومر بها وهضمها وانتج ثقافة فلسطينة عربية انسانية مقاومة عادلة .
غسان انتج ثقافة هو مثقفها الاول وهو شهيدها الاول.
غسان كنفاني مثقف ام مبتكر ثقافة
2020-07-10