مجد ابو ريا
رحل عن عالمنا أمس الأول، الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، أحد رموز شعراء النكبة والعودة والثورة الفلسطينية، عن عمر يناهز الـ93 عامًا، في مدينة ميساساجا بكندا، تاركًا وراءه تاريخًا أدبيًا وثقافيًا كبيرًا، أثرى فيه الشعر العربي والقضية الفلسطينية وحق العودة.
نعى كل من المجلس الوطني الفلسطيني ووزارة الثقافة الفلسطينية، الشاعر الراحل، واعتبرا أن فلسطين خسرت بوفاة رشيد الذي كرس حياته من أجل القضية الفلسطينية، رمزًا من رموزها الإبداعية والنضالية، كما أن رحيله خسارة للثقافة الوطنية الفلسطينية والعربية.
من هارون هاشم رشيد؟
ولد الشاعر الراحل هارون هاشم رشيد في حي الزيتون بمدينة غزة عام 1927، وهو شقيق الشاعر الراحل علي هاشم رشيد (1919-1994)، وأنهى دراسته الثانوية فيها عام 1947، وبعدها حصل على الدبلوم العالي لتدريب المعلمين من كلية غزة، وظل يعمل في سلك التعليم حتى عام 1954.
وفي عام 1954 ذاته، انتقل رشيد للعمل في المجال الإعلامي، فتولى رئاسة مكتب إذاعة "صوت العرب" المصرية في قطاع غزة لعدة سنوات، وعندما أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية، أصبح مشرفًا على إعلامها في القطاع منذ عام 1965 إلى 1967، كما اختارته المنظمة ممثلًا لها داخل غزة.
وبعد احتلالها لقطاع غزة عام 1967 عقب حرب يونيو/حزيران ، أجبرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي رشيد على مغادرة القطاع، فانتقل إلى القاهرة، وهناك شغل منصب مندوب فلسطين المناوب في جامعة الدول العربية، ليكون هارون رشيد بذلك شاعرًا وإعلاميًا ودبلوماسيًا.
كما تم تعيينه لفترة طويلة، مندوبًا دائمًا لفلسطين في اللجنة الدائمة للإعلام العربي واللجنة الدائمة للشؤون المالية والإدارية في الجامعة العربية، في الوقت ذاته الذي شغل منصب مدير تحرير مجلة "شؤون عربية" الصادرة عن الجامعة، فضلًا عن مشاركته في تحرير عدد آخر من الصحف العربية والفلسطينية، إضافة إلى ذلك واصل عمله الإبداعي في الكتابة والتأليف والشعر.
رحلة أدبية طويلة
حمل هارون هاشم رشيد القضية الفلسطينية على عاتقه في أي عمل يعمل به، وحاول تسخير شعره وأدبه في خدمة القضية، فكانت أبرز القضايا التي يتحدث عنها: اللجوء والهجرة وحق العودة، التي اعتبرها قضية أساسية انطلق منها في أعماله.
وبالفعل، كان رشيد من أكثر الشعراء الفلسطينين توظيفًا لمفردات ومصطلحات العودة، فقد أُطلقت عليه تسميات عديدة مستوحاة من المراحل التي مر بها الشعب الفلسطيني، فمثلًا أطلق عليه خليل الوزير، أحد مؤسسي حركة فتح وجناحها المسلح، لقب "شاعر الثورة" عام 1967 بعد أن كتب قصيدة "الأرض والدم"، كما أطلق عليه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة لقب "شاعر القرار 194"، نسبة لقرار حق العودة للاجئين الفلسطينين رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، كما أُطلق عليه لقب "شاعر النكبة".
وخلال رحلته الأدبية الطويلة التي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، صدر لرشيد قرابة الـ20 ديوانًا شعريًا منها: "عودة الغرباء" عام 1956 و"غزة في خط النار" عام 1957 و"أرض الثورات" عام 1958 و"حتى يعود شعبنا" عام 1965 و"سفينة الغضب" عام 1968 و"فدائيون" عام 1970 و"الرجوع" عام 1977 و"المجموعة الشعرية الكاملة" عام 1981 و"ثورة الحجارة" عام 1991 و"طيور الجنة" عام 1998 و"وردة على جبين القدس" عام 1998.
وقد انتشرت أعمال الشاعر الأدبية في العالم العربي، حيث اختار الأخوان رحباني عندما زارا القاهرة عام 1955 من أعماله حوارية بين فتاة فلسطينية من اللاجئين اسمها ليلى ووالدها، بالإضافة لقصيدة "سنرجع يومًا" و"جسر العودة" فغنتهما المطربة اللبنانية فيروز، وتم تسجيلها في القاهرة.
وغنت المطربة فيروز كلماته التي قال فيها:
سنرجع