2024-11-29 12:40 ص

نظرة خاطفة على أوضاع الأمة العربية وخلفياتها

2020-08-01
ا.د.سعيد النشائى
من المفيد لكل الوطنيين الشرفاء أن يتعرفوا بشكل شديد الاختصار على أوضاع الأمة العربية وخلفياتها وأعدائها وحلفائها فى ظل المليارات التي يصرفها أعدائها لتشويه الصورة لصالح وضد مصالح الأمة العربية. الأمة العربية فى مرحلة انتقالية معقدة من مراحل ثورة التحرر الوطني التي تأخرت كثيرا بسبب الإمبريالية والصهيونية وعملائهم وأدواتهم الإرهابية الإجرامية مثلهم. وبصفة مصر قلب الأمة العربية وأكبر بلدانها وتمر بظروف خاصة جدا فسوف تحظى باهتمام خاص في هذه المقالة.يجب بدءا تحديد محور الأعداء وفى المقابل محور الأصدقاء. محور الأعداء هم: الإمبريالية والصهيونية وعملائهم وأدواتهم الإرهابية الإجرامية مثلهم ومحور الأصدقاء هو محور المقاومة أعداء ذلك المحور المكون حاليا من حزب الله العظيم حليف كل القوى الوطنية فى لبنان بدءا من حزب ميشال عون رئيس الجمهورية طبقا للدستور واتفاق الطائف وصولا الى الحزب الشيوعي اللبناني مرورا بباقي القوى مثل: المرابطون الناصريون وحزب فرنجية وكرامي, الخ. وتختلف هذه القوى فى العديد من القضايا ولكنها تتفق في موقفها ضد معسكر الإمبريالية المذكور أعلاه. ومع حزب الله فى هذا المحور سوريا المنتصرة حديثا على محور الإمبريالية وأيضا العراق جزئيا التي لازال الصراع دائر بها بين حلفاء المحورين وأيضا اليمن التي لازالت تقاوم وتحقق الانتصارات ضد محور الإمبريالية والمقاومة الفلسطينية وشعبها المستميت ضد الكيان الصهيوني الغاصب لبلادهم رغم تعاون قيادتهم الرسمية ممثلة فى أبو مازن وعصابته مع العدو الصهيوني وضد الشعب الفلسطيني,الخ.  وبالطبع فإن كل الشعوب العربية مع هذا المحور المقاوم ولكنها مقهورة بحكامها الذين يقتربون إلى مستوى أحط من مستوى العملاء فهم تقريبا صهاينة يحتمون من شعوبهم بحماية الإمبريالية والصهيونية كما أخبرهم بذلك ببجاحة ترامب النازي. على رأس هؤلاء الحكام الصهاينه المستعربين الكيان الصهيوني السعودي والإماراتي والبحريني وبلحه وأمثالهم وأسيادهم. ويدعم محور المقاومة هذا إيران العظيمة العدو الأساسي لمحور الإمبريالية في المنطقة. ويحقق محور المقاومة إنتصارات متتالية وتوسع مستمر ومن المنتظر أن يقود الوضع فى المنطقة قريبا. الشعب المصري وقواه الوطنية هم موضوعيا جزء أساسي من محور المقاومة ولكنهم لأسباب متعددة ومؤقته يخضعون لحكم بلحة الصهيوني ولكن انتصارات محور المقاومة والفشل الداخلي في مصر سوف يؤدى إلى انتفاض الشعب المصري وتخلصه من نظام بلحة وانضمامه لمحور المقاومة مما سوف يغير موازين القوى في المنطقة بشكل جذري.نظرا لأهمية مصر ووضعها السلبي فى الوقت الحالي فسوف نعطى لها إهتمام خاص فى هذه المقالة. فى ثلاثة أرباع القرن الماضية تطورت الأوضاع فى مصر بشكل معقد. فقبل حركة 23 يوليو 1952 أي ما قبل حوالى 70 عاما تميزت مصر بتصاعد الحركة الوطنية الديمقراطية المعادية للاستعمار والمطالبة بالديمقراطية والاستقلال بشكل معقد سياسيا وطبقيا وظهرت العديد من الأحزاب الوطنية بدءا من حزب الوفد وهو حزب الأغلبية والأحزاب البرجوازية الوطنية الأخرى وصولا إلى الحزب الشيوعي الممثل للكادحين وفى القلب منهم الطبقة العاملة والذي كانت له مطالب اجتماعية وطبقية هامة بالإضافة لمطالبة الوطنية والديمقراطية. كما ظهرت الكثير من التنظيمات على رأسها جماعة الإخوان المسلمين القوية التي اختلفت الآراء حول نشأتها بدءا من أنها قد أنشأها الاستعمار البريطاني عام 1928 وأنها كانت ولا زالت عميلة للاستعمار والصهيونية,  إلى التأكيد على أنها منظمة وطنية حليفة للشعب فى نضاله ضد الاستعمار والصهيونية. وقد قامت الأحزاب والتنظيمات المختلفة بالمظاهرات مطالبة بالاستقلال والديمقراطية ثم تطورت إلى الكفاح المسلح الفدائي ضد الاستعمار خصوصا فى منطقة القنال. من أهم الأحداث التي حدثت فى مصر وباقي المنطقة العربية قبل حركة 23 يوليو 1952 هي الهزيمة البشعة لما يسمى الجيوش العربية فى فلسطين وإنشاء الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وتباينت الآراء حول الدور السلبي للحكومات المسماة عربية شكليا.تعتبر حركة 23 يوليو 1952 حدثا تاريخيا سلبا أو إيجابا, ولقد مرت بمنعطفات كثيرة فى 1954, 1956 , 1967 و 1971, 1973, 1979, الخ, وكانت أخطر هذه المنعطفات هي هزيمة 1967 الكارثية. الدولة والزعامة التي كانت تدعى الوطنية والقومية والتحرر وحتى الاشتراكية هزمت هزيمة بشعة ويعد وفاة عبد الناصر انتقلت السلطة إلى السادات الذي هو إختيار عبد الناصر لخلافته. قام السادات فيما يبدو بأتباع سياسة عكس سياسة عبد الناصر كما يرى البعض بينما يرى آخرون أنه أتبع نفس السياسة ولكن بأسمائها الحقيقية. المهم أن مصر انتقلت من إدعاء الاشتراكية إلى الزحف حبا فى الرأسمالية دون نجاح. والأهم هو انتقال السلطة من إدعاء العداء للكيان الصهيوني والرغبة فى إزالته وتحرير كامل التراب الفلسطيني إلى الحب والغرام مع هذا الكيان الصهيوني متمثلا فى اتفاقية كامب ديفيد الخيانية والدعوة إلى التطبيع الذي رفضه الشعب المصري. أتباع السادات سياسات 99% من أوراق اللعبة فى يد أمريكا الإمبريالية والتحالف مع الأخوان المسلمين لضرب اليسار والتخبط فى السياسات الداخلية والخارجية وعدم تحقيق أي تقدم فيهما حتى قاموا الإسلاميين السياسيين الذين صادقهم ضد اليسار الى اغتياله سنة 1980 بعد أن قضى حوالي 10 سنوات فى الحكم لم يحقق أي تقدم بل حقق مزيد من التخلف. تولى الحكم بعد السادات بشكل سلمي وسلس حسنى مبارك واستمر فى الحكم حوالى 30 سنة ازدادت مصر فيهم تخلفا وفقرا وفسادا وديكتاتورية حتى ثار عليه الشعب فى 25 يناير 2011 وأطاح به ولم يكن الشعب جاهزا سياسيا وتنظيميا لتحقيق المطلوب وهو: نظام وطني ديمقراطي حقيقي معادي للإمبريالية والصهيونية فعلا ومنحاز للكادحين والتنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة  صناعيا وزراعيا ومنحاز لحركة التحرر الإقليمية والعالمية. وتعقدت الأمور على أرض الواقع واستغل ذلك: فلول نظام مبارك والإخوان والجيش. وأدى هذا التعقيد الغير صحي إلى وصول الأخوان إلى السلطة وأظهروا كل عيوبهم بما فيها صداقتهم للكيان الصهيوني وعدائهم للديمقراطية الحقيقية والتنمية المطلوبة ومحاولة أخونة جهاز الدولة, الخ. وفى مواجهة هذا الفشل ظهرت حركة تمرد, التي اختلفت الآراء حولها, وجمعت 22 مليون توقيع ضد نظام الإخوان الحاكم وفى 30 يونيو 2013 انطلقت مظاهرات مليونية ضد نظام الإخوان واسقطته. ولكن كالمعتاد لم يكن الشعب جاهزا سياسيا وتنظيميا لتحقيق المطلوب كما هو موضح أعلاه. واستغلت مجموعة من ضباط الجيش الفرصة واستولوا على السلطة وأقاموا نظاما لا يتسم بأي شكل من أشكال الوطنية ولا الديموقراطية واتسع نطاق القهر حتى وصل المعتقلين والمعتقلات الوطنيين الشرفاء إلى أكثر من 100 الف. وبدأت سياسات التفريط فى الأرض ونهر نيلنا و بترولنا وغازنا فى المتوسط وتدمير الاقتصاد والجنية و تجويع الفقراء وتدمير الطبقة الوسطى والانهزام أمام الإرهاب والخضوع المخزي للإمبريالية الأمريكية النازية والكيان الصهيوني السعودي والإماراتي, وخلق عداوات داخلية وخارجية ضارة للغاية وجهاز إعلامي متخصص فى الكذب وقلة الأدب, إلخ.هذا هو الوضع: حركة تحرر عربية قوية وناجحة وصاعدة فى جانب وفى الجانب الآخر فى مصر قلب العروبة انهزامية شديدة وسكون شعبي وخضوع للإمبريالية و الصهيوني وحلفائهم, الخ. فماذا نتوقع؟ بناء على أسس علم المادية التاريخية والخبرات التاريخية والحتمية التاريخية فإن، حركة المقاومة سوف تستمر فى النجاح والاتساع والتصاعد وسوف تؤثر هي والتفاعلات داخل مصر فى تغير الوضع داخل مصر لصالح شعبها و انضمامها لحركة المقاومة وسوف يغير ذلك من توازن القوى ويؤدى إلى سرعة انتصار محور المقاومة وتحرير كامل التراب الفلسطيني وتخليص الشعوب من حكامها الصهاينة وانطلاقها فى طريق التقدم بعد الخلاص من النفوذ الإمبريالي والذى سيكون فى نفس الوقت يزداد ضعفا عالميا.هذا قليل من كثير جدا يحمى الوطنيين والوطنيات من أكاذيب أجهزة إعلام الإمبريالية والصهيونية وعملائهم.
-جامعة بريتش كولومبيا -فانكوفر -كندا