استضاف برنامج لعبة الأمم الذي يقدمه الزميل كمال خلف وتعرضه قناة الميادين الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي - القطر السوري، المهندس هلال الهلال، تابعت اللقاء كاملاً وقرأت بتأنٍ مدلولات الإجابات التي لم ترقى لمستوى العقيدة والايمان التي تشرب بها كل بعثي حقيقي آمن بمنطلقات نظرية فريدة لحزب البعث العربي الاشتراكي ،لكن للأسف لم تجد هذه المنطلقات إلا نخباً بعثية وقائمين على هذا الحزب أساءوا كثيراً وابتعدوا أكثر عن النهج الحزبي سلوكاً وممارسةً، وانا هنا لست بمعرض أن أقدم نفسي منتقداً بنّاءً تحت سقف الوطن سورية لكي يكون نقدي مرحب به كما قال السيد المهندس هلال الهلال، فمقالاتي وموقفي الذي دفعت من أجله ضريبة اجتماعية واقتصادية كبيرة ، هي خير شاهد اننا لا ننتقد من باب الانتقاد فقط، وإنما لأننا كنا يوماً أحد عناصر هذا الحزب وشاهدنا ماشاهدنا من انحرافات أثقلت كاهل الحزب وكاهل قواعده الشعبية.
نقاط عديدة يمكن ايجازها فيما جاء في لقاء الأمين العام المساعد للحزب :
النقطة الأولى : حديث الرفيق هلال الهلال عن أن إجراء انتخابات مجلس الشعب والاستحقاقات الدستورية في موعدها هو يبرهن على قوة الدولة السورية، وهنا كثير من البعثيين يتساءلون وقاعدة كبيرة من الشعب السوري تتساءل، لماذا تغيب قوة الدولة عن قضايا بعينها وتحضر في قضايا معينة، هل قوة الدولة وقوة البعث عاجزة عن وضع رؤى وسياسات اقتصادية قادرة على إخراج الشعب مما هو فيه، ومايعيشه الشعب من تدهور في الحياة الاقتصادية والمعيشية الذي لم يكن منطلقه وأساسه الحرب وتداعيات قانون قيصر على الإطلاق، إنما في سياسات اقتصادية غير سليمة امتدت على مدى سنوات وتحديداً في القطاعات الانتاجية ويوم كان الحزب الأساس في تسمية أكبر وأصغر مدير عام في البلاد ، هذه السياسة التي لازالت مستمرة للأسف، وقالها صراحة الأمين العام المساعد عند سؤاله عن استبعاد أشخاص نالوا مراكز مهمة في الاستئناس الحزبي وتم استبعادهم، لوجود حديث متنامي حولهم مصدره الشارع عن ممارسات وأخطاء تتعلق بالفساد المالي، لكن ماذا بعد؟ هل استبعد هؤلاء فقط من خوض الانتخابات كإجراء عقابي، وماذا عن المحاسبة والسؤال التي غابت كثيرآ وعلى مدى سنوات.
الأمين العام المساعد قال أن المراجعة لعمل القيادات الحزبية ومناقشة مواضع الخلل والخطأ لم تنته منذ العام 2013، ليخرج الأمين العام للحزب ورئيس الجمهورية الرئيس الأسد ليعلنها بصراحة في العام 2020 عن تراجع دور الحزب وجملة من الأخطاء وتغييب الوجوه الشابة، وهذا يدلل إما أنه لم تكن هناك مراجعة على الإطلاق خلال السبع سنوات الماضية وإن وجدت فهي في إطار المراجعة الشكلية التي لا تتجاوز حدود الغرفة التي تجتمع فيها القيادات الحزبية، أو في عدم نجاعة الحلول والسياسات المنتهجة على مدى سبع سنوات لتطوير العمل الحزبي، وتالياً جاءت النتائج في العام 2020 وعلى لسان الأمين العام نفسه نحو مزيد من الأخطاء وتراجع دور الحزب.
تحدث الأمين العام المساعد عن نزاهة العملية الانتخابية، وعن التنافس الذي كان احيانا على صوت واحد في بعض المحافظات، وكنا نتمنى على الزميل كمال خلف لو سأل الأمين العام المساعد، عن شخص نال المرتبة الأولى في انتخابات محافظة حمص بعدد أصوات حوالي 750 ألف صوت، وآخر نال 730 الف صوت، كنا نتمنى السؤال ومعرفة كم كانت نسبة المشاركة في الانتخابات في حمص كنا نتمنى السؤال ومعرفة كم كانت نسبة المشاركة في الانتخابات في حمص ( بعض المعلومات تحدثت عن 65 %)، وكم عدد الذين يحق الانتخاب لهم في حمص، وتالياً مايعكسه رقم 750 ألف صوت من إشارة استفهام كبيرة وكبيرة جداً. أوضح الأمين العام المساعد عن اهتمام الحزب بالجانب الاجتماعي، والحالة المجتمعية للشعب، وهذا مالم يعكسه الواقع مطلقاً، ولعل كلام الأمين العام عن تراجع دور الحزب، هو دليل على إهمال الجانب الاجتماعي ولم يُولى الاهتمام إلا لأشخاص بعينهم وفي سنوات ماقبل الحرب ، ولم تُعطى الثناءات والمزايا في قسم كبير منها إلا لمن لا يستحق، وحُرم منها الأكفأ والأجدر بها. حزب البعث بحاجة لثورة داخلية حقيقية، ولربيع حقيقي ، وحملة " تنظيف" واسعة أساسها التشخيص الصحيح الذي يقود للعلاج الصحيح، التشخيص الذي لايحتاج للكثير من العناء لمعرفة من أخطأ ومن فسد وأفسد وأخل، وتطوير العمل الحزبي والارتقاء بالسياسات الحزبية التي تستند بحق وظهرها المتين هو الشارع أولا وأخيراً، فأحاديث كثيرة صدرت من الشارع نفسه في أيام الاستقرار والأمن والأمان عن ممارسات وأخطاء، لم تجد من يسمعها وينصت إليها، واليوم بعد عشر سنوات من الحرب، نتذكر أن نُفرغ الآذان من القطن والطين، ونستمع لحديث الشارع عن شخصية معينة ونكتفي بحرمانها من خوض الانتخابات، على قاعدة " اجا ليكحّلها قام عماها"
* كاتب صحفي فلسطيني روستوك - ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com