اثنا وسبعون عاماً على نكبة فلسطين وتأسيس إسرائيل الارهابية، سنوات شهدت انقلابات وتغيرات كبيرة في العلاقات الإسرائيلية العربية، من رفض للاعتراف بها إلى "اللاءات الثلاث" ، لا سلام، لا اعتراف، لا تفاوض مع إسرائيل قبل استعادة حق الشعب العربي الفلسطيني، وهناك صفقات تحت الطاولة أو ما فوقها مع دول تخجل من التصويت العلني ضد فلسطين وتتآمر عليها في الغرف المغلقة وصولا إلى تطبيع عربي إسرائيلي علني وغير علني.
اليوم نتنياهو يقابل البرهان، ويعقد اتفاقات و مباحثات مع الإمارات لإقامة علاقات رسمية بينهما، وقادة إسرائيل الذين ينفذون مخططاً ثلاثي الأبعاد قد عقدوا العزم على تسريع خطى ذلك المخطط الاستعماري، في ظل حالة انعدام الوزن التي تمر بها القوى التقليدية العربية ذات التأثير التاريخي في مسار القضية الفلسطينية، تطور لطالما تغنى به نتنياهو لا سيما وأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما زال يراوح مكانه.
على الكفة المقابلة، تعدّ الإمارات أوّل بلد خليجي يعلن عن تطبيع كامل مع إسرائيل، وثالث بلد عربي بعد مصر والأردن، وأكد مسؤولون بارزون بالبيت الأبيض إنه بموجب الاتفاق، وافقت إسرائيل على تعليق بسط سيادتها على مناطق من الضفة الغربية كانت تدرس ضمها.
في هذا السياق إن رؤية الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة لدولة فلسطين هي الثمن الذي تريد تقديمه كحافز للكيان الاسرائيلي، ثمناً للمساومات الإقليمية والدولية، مستغلة في ذلك ضعف القيادة الرسمية والصراع بين الفصائل الفلسطينية، ومستخدمة كل أشكال الإنقسام والفوضى السياسية بصنيعة أمريكية وإسرائيلية وبمساعدة دول عربية، كي يمرروا مشروعاً هو الأكثر خطورة على القضية الفلسطينية من كل المشاريع السابقة.
وبالرغم من حالة الضعف التي تستغل الآن من قبل الولايات المتحدة وحليفها الكيان الصهيوني، من أجل الإلتفاف على الحق الفلسطيني ، تبقى القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة خطاً أحمر، لا يسمح بتجاوزه أو التنازل عنه، فسورية لا تحتاج بكافة مؤسساتها ومواطنيها، البراهين والأدلة، لبيان المواقف السورية التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، ولا تحتاج إلى كتاب ابيض يوضح فيه إن القضية الفلسطينية بالنسبة لها هي هاجس دائم وهم يلازمها في كل زمان ومكان، كما لا تحتاج سورية وقيادتها للتأكيد على إن العنوان الأبرز لكل التحركات الدبلوماسية السورية في المحافل الدولية هي القضية الفلسطينية، ففلسطين جزء من الذات السورية، فلا فلسطين قادرة أن تتحرر من دون سورية ولا سورية قادرة أن تدير ظهرها لفلسطين لأنها عندئذ تفقد معناها ودورها وذاتها مثل غيرها من الدول العربية التي تخلت عن قضيتها المركزية.
نحن الآن أمام تحدي كبير يتطلب التغيير في الإستراتيجيات والأدوات لأنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية وكل المبادرات التي تبذل من هنا وهناك للوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، فالخيار الأفضل حالياً للتعامل مع الاحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة العملية الاستيطانية والتهويد المستمر للقدس.
أن أهم ما يجب عمله حالياً هو إعادة القضية الفلسطينية للحضن السوري لحمايتها من بازار البيع والشراء والتوظيف العربي، طبعا دون أن يعني ذلك فرض رؤية أحادية أو إقليمية للقضية تفقدها بعدها القومي والإنساني، ففلسطين ما تزال في ذاكرة ووجدان ووعي السوريين.
وخلاصة القول أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتآكل لأنها قضية حق وحق تاريخي، ومهما حاولوا أعداء الأمة تغّيب القضية الفلسطينية عن الشعوب العربية فإنها لن تغب وستبقى القدس وقود الثورات العربية وستبقى في قلوب كل السوريين ولن تغيب عن أذهانهم وستبقى حافزاً لتحركاتهم وثوراتهم، وأخيراً ربما أستطيع القول إن الشعب الفلسطيني لا توحده إلا المقاومة والإنتفاضة والإستراتيجية الفلسطينية الموحدة التي هي الطريق لإنهاء الإحتلال وتطهير الأراضي الفلسطينية المحتلة من التهويد وتطهير السجون من المعتقلين الفلسطينيين.
فتحية من سورية الأبية المرابطة،إلى كل مقاوم وكل شهيد يسقط على أرض فلسطين من أجل تحريرها شبراً شبراً.
Khaym1979@yahoo.com