2024-11-28 09:45 م

بين انفجار البالون الاماراتي وانفجار بيروت الكبير

2020-08-17
بقلم: حاتم استانبولي
خطة ترامب من السلام إلى الازدهار (صفقة القرن) هي خطة للتنفيذ وليس للحفظ، بغض النظر عن من يتواجد في البيت الأبيض، وهنالك إمكانيات وأدوات تنفيذية ووسائل مادية لتنفيذها على كافة الصعد. منذ أن طرحت الخطة كان يعلم كوشنير وفريقه أن تنفيذ الصفقة من البوابة الفلسطينية لن يتم وأن رفضًا فلسطينيًا جمعيًا سيواجهها، وهو يعلم أن الموافقة الفلسطينية مطلوبة من أجل تنفيذ الخطة، ويدرك أن السلطة الفلسطينية في مأزق سياسي لا يمكن أن تذهب أكثر من الحدود التي لزمت نفسها بها أمام الشعب الفلسطيني والعربي، بإنجاز الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وأن سقف هامشها هو تبادل أراضي محدود. كوشنير وفريقه لم يهمهم الرفض الفلسطيني وهو ليس داخل في حساباتهم أصلاً، ولديهم القدرة على تجاوزه من البوابة الأوسع. في أحد بنود الخطة، وتحت عنوان الحاجيات الأمنية الإسرائيلية، ورد ضرورة تشكيل لجان ثلاثية ورباعية وخماسية وسداسية مختلفة المهام، ولكن جوهرها هو محاصرة الفلسطيني في حلقات متعددة. اتفاق "السلام" الإماراتي الإسرائيلي هو في الجوهر تنفيذ لخطة كوشنير- ترامب من البوابة العربية وتحديدًا الإمارات، لما سيكون لها من دور مستقبلي في معركة خلافة الرئيس عباس الذي أُدخل في مرحلة العزل العرفاتي، وسيخرج من المشهد بذات الطريقة التي أُخرج منها الرئيس الراحل ياسر عرفات . الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي وبغض النظر عن تسمياته، لكنه اتفاق أُنجز بموافقة الرباعية، وإذا ما أضفنا له العلاقة العمانية - ال قطر ية – الإسرائيلية، فإن الاتفاق ليس بعيدًا عن الموقف الجمعي لمجلس التعاون الخليجي، باستثناء الكويت التي سيتم الضغط عليها من أجل الموافقة أو على الأقل الحياد الايجابي. الموقف الأردني عبر عنه الملك عبدالله الثاني في آخر زيارة لدولة الإمارات في 23 من تموز، هذه الزيارة التي على ما يبدو أُبلغ فيها العاهل الأردني بالاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي، وورد في الحديث الصحفي الذي نشر في وسائل الإعلام عن أن الملك عبدالله الثاني أكد على حل الدولتين ورفض قرار الضم الإسرائيلي. الواضح أن الاتفاق وضع الأردن في موقف محرج، وشكل عامل ضاغط إضافي، لا يملك خيار رفض الاتفاق أو الموافقة العلنية عليه، وسينتظر الموقف السعودي لإعلان موقفه من الخطة أو في أقصى الأحوال سيتم الإعلان بناء على نتائج الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم. انفجار البالون الإماراتي ترافق مع انفجار مفرقعات عنبر 12 الذي أدى إلى انفجار بيروت الكبير الذي شابه انفجار موكب الحريري؛ من حيث الشكل والاستخدام السياسي وخلق حالة استثمرت؛ من أجل إحداث تغييرات في النظام السياسي اللبناني وفتح الطريق لمرحلة جديدة من الصراع. انفجار بيروت فجر حكومة دياب التي كانت ذاهبة ولو ببطء لإعادة بناء النظام اللبناني وعلاقاته، تحت ضغوط الحصار الأمريكي الغربي الذي أدرك أن الاستمرار في سياسته العقابية ستشرع الباب لفتح البوابة السورية الإيرانية الصينية – اللبنانية، مما ينقل لبنان من موقع إلى موقع آخر. انفجار بيروت بغض النظر عن من وراءه، لكنه في الجوهر خدم المصالح الغربية وأغلق الباب على إعادة بناء النظام السياسي وفتح الباب لإعادة إنتاج النظام القديم الذي هو مصلحة أمريكية غربية إسرائيلية. العودة القوية للخيار الخارجي في المشهد اللبناني يؤكد فشل الأدوات المحلية التي استُهلكت وكُشفت وكان موقفها باهتًا في طريقة استثمار الانفجار الكبير. إن عودة الثنائي الفرنسي الأمريكي وحقائب أموالهم للضغط، يهدف بالجوهر لفك التحالف العوني مع حزب الله في شقه السياسي وإعطاء دور أوسع لقيادة الجيش اللبناني، والأخطر في الشق الأمني الذي سيركز على تحقيق اختراقات أمنية؛ من خلال ما قيل عنها مساعدات تقنية لكشف أسباب انفجار بيروت. الفرق الأمنية الخارجية (فرنسية- أمريكية مطعمة إسرائيليًا)، سيكون لها مهمة مزدوجة الظاهرية أسباب الانفجار، لكن الجوهرية التجسس على المقاومة وسيدها الذي أصبح هدفًا مباشرًا للأجهزة الأمنية المتعددة؛ إن كانت إقليمية أو إسرائيلية أو أمريكية، والتي تعتبره صيدًا ثمينًا ذهبيًا سيدفع حملة ترامب ويخرج نتنياهو من مأزقه الداخلي وينصبه مُخلّصًا معاصرًا لإسرائيل. إن الحفاظ على سلامة سيد المقاومة هي مهمة يجب أن تحظى بأولوية قصوى في هذا المرحلة بالذات، كما أن إعادة قراءة الواقع السياسي والأمني، يتطلب وحدة الموقف الفلسطيني وحماية المقاومة اللبنانية – الفلسطينية، وتفعيل العمل الشعبي الميداني المقاوم ووقف الندب السياسي وتحويله إلى فعل شعبي مقاوم، وتشجيع الرئيس أبو مازن على التمسك بمواقفه الرافضة لصفقة القرن وملحقاتها وفك عزلته الداخلية.