2024-11-28 09:51 ص

واشنطن- موسكو.. احتواء أم ردع؟

2021-02-20
بقلم: اميل أمين
تبدو جدلية العلاقة بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية على عتبات إدارة بايدن الجديدة مثيرة للجدل، لا سيما في ظل حالة من التدهور غير المسبوقة في العلاقات منذ ثلاثة عقود، الأمر الذي صرحت به موسكو مؤخراً، معربة عن أملها في إتباع بايدن ومستشاريه من «الديمقراطيين» نهجاً مناسباً لمنع وقوع أي تصعيد لاحق.
ظل المثلث الروسي الأميركي الصيني، موقعاً وموضعاً لتبادل الحركة، حول النظام العالمي، لا سيما في عقود الحرب الباردة، فقد تحركت الولاءات ذات اليمين، وذات اليسار، ببراجماتية لا تغيب عن الأعين.
في سبعينات القرن الماضي نظرت واشنطن إلى بكين لا كحليف أو صديق، وإنما قوة دولية ينبغي فصلها عن نفوذ الاتحاد السوفييتي، حين كان الأخير قطباً أممياً يشار له بالبنان، ولهذا أقترب الأميركيون من الصينيين، وإن بحسابات محددة.
ولعل الناظر إلى حساب حصاد سنوات إدارة ترامب الأربع الماضية، يدرك أن الصين هي التي أضحت العدو الجديد والقطب المناوئ الأكبر للأميركيين، ومن هنا بدا وكأن إدارة ترامب عملت على تفعيل نظرية الاحتواء تجاه موسكو لمحاصرة بكين. على أن «الديمقراطيين» يشعرون حتى الساعة بغبن، قد يصل إلى حد الغدر تجاه الروس، ويحملونهم وزر إخفاق هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة 2016، وعليه يتساءل المراقبون:«كيف ستمضي اتجاهات العلاقات من واشنطن إلى بكين، وكيف سيكون الرد الروسي؟
حكماً لا تدار العلاقات الدولية، لا سيما بين القوى والأقطاب الكبرى حول العالم بالمشاعر والعواطف، غير أن الروس والأميركيين، في نهاية المطاف بشر، يحملون عقولاً تفكر، وقلوباً، تحمل دائماً وأبداً مشاعر الود أو النفور، ونفس إنسانية تقدم تارة وقد تحجم تارة أخرى، وما بينهما تبقى هناك مساحات واسعة وشاسعة من الاتفاق والافتراق.
في الاتصال الذي جرى بين بايدن وبوتين أواخر شهر يناير الماضي، أعرب الرئيسان عن ارتياحهما للتوصل إلى اتفاق جديد حول تمديد معاهدة ستارت، لكن ذلك لا يعني أنه ليس هناك صراع على مربعات نفوذ مهمة آسيوياً وشرق أوسطياً وربما أوروبياً.
أكثر من ذلك، فإن الرئيس بايدن في اتصاله الأول مع القيصر بوتين، لم يوفر الحديث عن إشكالية روسية داخلية، تتمثل في المعارض الروسي، أليكسي نافالني، الأمر الذي لم يرق حتماً لصاحب الكريملين، والذي يرى الأمر تدخلاً لا يليق بشؤون روسيا الداخلية.
الصراع الإدراكي من واشنطن إلى موسكو ارتفع في العقد الثاني من القرن العشرين بشكل غير مسبوق، وأخذ من جديد شكل سباق التسلح، غير أن الروس من الواضح أنهم تعلموا الدرس، ولهذا لم ينساقوا إلى شهوة التسلح الضارة عبر الكم، بل عمدوا إلى الكيف الذي يهدد ويردع الأميركيين، من غير انهيارات اقتصادية داخلية لموسكو.
واشنطن بدورها اليوم، وعلى عتبات العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، ليست هي نفسها المنتصرة في أوائل التسعينات، ولهذا فإن فكرة الأحادية القطبية تبدو مستحيلة، وبخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وعالم ما بعد جائحة كورونا، وظهور لاعبين جدد، ومنظمات دولية جديدة، مثل «بريكس». و«منظمة شنغهاي»، والاتحاد الأوراسي.
تبدو روسيا اليوم أقوى داخلياً، وهي غير المهمومة بما يجري في الداخل الأميركي، بقدر اهتمامها بتقوية جبهتها الداخلية، وحضورها العسكري المعولم، الأمر الذي يجعل واشنطن تعيد التفكير في أي قرار يمس سيادة الروس. أهو زمن الاحتواء أم أوان الردع؟
*كاتب مصري 
الاتحاد