القدس | المنــار | شارك الرئيس محمـود عبـاس في قمة القاهرة في ظل صدع يتعمق في الساحة الفلسطينية ووحدة وطنية هشة، وانقسام ممتد منذ أكثر من سبعة عشر عاما، ولم تنجح كل اللقاءات والحوارات التي استضافتها عواصم الشرق والغرب في تحقيق المصالحة، ولا داعي هنا الى ذكر أسباب هذا الفشل والدخول في تفاصيل هذه الحوارات.
في خطاب الرئيس عباس، كان هناك تركيز على موضوع تمتين الساحة الداخلية، بطرح بعض قرارات ينوي اعلانها، من بينها اعادة المفصولين من حركة فتح، وتعيين نائب رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا يرى فيه الرئيس جزءا من عملية الاصلاح التي تراوح مكانها بعيدا عن المقاييس السليمة المستخدمة في مثل هذا الوضع، وفي الخطاب ايضا قوله أن الانتخابات في الساحة الفلسطينية ستجري خلال عام، ولا ندري ان كانت تشريعية فقط، أم رئاسية ايضا، فكان هناك تركيز على تعمير غزة، ومن يحكم غزة، دون التطرق الى كيفية طرد قوات الاحتلال من القطاع، وكغيره من الخطابات، موجه الى دونالــد ترامــب.
وفي قراءة سريعة لما ورد في خطاب الرئيس عبـاس، لماذا لم يطرح البدء الفوري بتحقيق المصالحة في الساحة الفلسطينية، وهناك سبعة عشر عاما، خلت من أي تحول جدي لانهاء الانقسام امتثالا لقوى ليست معنية بوحدة في الساحة الفلسطينية، ولا يزال لها التأثير الكبير في هذا الموضوع، أليس من الأجدر أن تعقد هذه القمة والمشاركة فيها، في ظل وحدة وطنية قوية ومصالحة حقيقية.
أما قرار إعادة المفصولين من حركة فتح الى الحركة، فهذا ليس اصلاحا في الساحة، الاصلاح يتطلب خطوات جادة وعملية وحقيقية لم تنجز بعد منذ تشكيل الحكومة الحالية، فهناك استشراء للظلم في كافة الوزارات والهيئات، هبطت عليها قرارات ومراسيم ناقصة وغير مدروسة، ساهمت في تعميق الظلم المستمر منذ سنوات، والاصلاح ايضا يتطلب ويستدعي رفض وطرد شخصيات تمادت في فسادها وغيها وشرها، بعلم القاصي والداني.
ونرى من حين الى آخر، تجاوزا للانظمة والقوانين المتخذة من جانب المؤسسات التشريعية، وهذا يعني امعانا في الظلم وليس اصلاحا.
وبالنسبة للانتخابات تشريعية ورئاسية، لماذا لم تعقد حتى الان، وكان بالامكان اجراؤها بعيدا عن الذرائع الواهية.
كان يفترض أن يتضمن الخطاب مطالب واضحة قوية تؤكد على وحدة الشعب لا استئصال فريق يتمتع بقاعدة واسعة في الساحة الفلسطينية، لا تشارك أصحاب الحناجر في دعواتهم لاقتلاعه.
ولا شك أن الرئيس عبـاس يدرك عجز الحكام العرب وولائهم وتبعيتهم ونفاقهم، وما يستهدفونه من تصفية للقضية الفلسطينية، لذلك، ماذا لو اعلن صراحة موقف الشعب الفلسطيني، من كل ما يجري، لا التمسك بطروحات كل القادة العرب أعجز من أن ينفذونها على أرض الواقع، وأن يسمح لها العبث بالساحة الفلسطينية ورسم السيناريوهات الظالمة المشبوهة.
انها مرحلة مصيرية وحاسمة، تتطلب من الرئيس محمود عباس الجرأة والصراحة في نقل موقف الشعب الفلسطيني الى كل المحافل، موقف يبدأ بعبارة واضحة صريحة، أوقفوا حرب الابادة على قطاع غزة، وأن لا يكون خطابه كأنها رسالة استعطاف الى الرئيس الأمريكي دونالـد ترامـب، فنحن أصحاب القضية، ولا نريد أن يوصف خطاب الرئيس في القمة بالاشغالي والالهائي والتضليلي.