ويقول خبراء في شؤون المنطقة لـ (المنــار) أن القطار الذي تقوده أمريكا من أجل احداث التغيير المطلوب في الشرق الاوسط تعرض حتى الآن الى "مطبين" مؤلمين بالنسبة للولايات المتحدة:
ـ المطب الأول، في سوريا، وهو مطب صعب، وعملية تجاوزه ليست سهلة ، لكن، المحاولات الامريكية وحلفاء واشنطن، ما تزال مستمرة ومتواصلة بأشكال محتلفة في مقدمتها ضخ العصابات الارهابية، وصمود الشعب السوري وقيادته ساهم في اضعاف الخطة الامريكية التي تستهدف تدمير الدولة السورية وتفكيك الجيش السوري، هذا الصمود أعاق مواصلة انطلاق رياح الفتنة الى ساحات أخرى، واضطرت واشنطن الى تأجيل انتقال قطار التغيير الى دول عربية رشحت للفوضى والاقتتال، وبدأت أمريكا بمهادنة بعض هذه الدول المستهدفة طمعا في المساندة لتجاوز المطب السوري.
ـ المطب الثاني: وهذا كات مفاجئا وقويا، وما تزال تداعياته مستمرة ومتواصلة، وهو المطب المصري، فالتقديرات الامريكية فشلت في أكثر من ساحة، ففي الساحة السورية كانت تقديراتها عنوانا لفشل المؤسسات الامريكية السياسية والاستخبارية المعنية بشؤون الشرق الاوسط، وفي مصر أيضا، اثبتت التقارير التي كانت تنقل الى البيت الابيض عبر السفارة الامريكية في القاهرة، أو من خلال الاجهزة الاستخبارية المعنية أنها تقارير سطحية استمع أصحابها ومعدوها الى طرف واحد دون الاخر، وهذا قمة السطحية والفشل، في وضع التقديرات، فكانت الآذان الامريكية الاستخبارية والسياسية والدبلوماسية تستمع فقط الى أنغام وألحان جماعة الاخوان، وتجاهلت نبض الشارع المصري، فكان أو وقعت المفاجأة في 30 حزيران على شكل مطب جديد اصطدم به قطار التغيير الامريكي ليعود أدراجه من جديد الى الساحة المصرية، بعد أن اعتقدت واشنطن واهمة ان قطار التغيير قد تجاوز هذه الساحة.
ويضيف الخبراء أن باكورة التحالف بين الولايات المتحدة وما يسمى بالاسلام السياسي بقيادة الاخوان، كان تسليم الحكم في مصر للجماعة وتسهيل مهمة الرئاسة الاخوانية في وضع يدها على العديد من الاسرار ونقاط ارتكاز الدولة المصرية، لكن، انقلاب الطاولة وتبعثر الاوراق في الساحة المصرية بعد ثورة 30 حزيران، جعلت ادارة اوباما تدخل مرحلة عدم الاتزان، وهي مرحلة ما زالت مسيطرة على هذه الادارة، فحالة عدم الاتزان والارباك وعدم السيطرة على الموقف الشعبي، وحالة الدوران في نفس الدائرة والوقوف على نفس المربع في سوريا أدخلت الولايات المتحدة ومن معها في حالة فقدان الاتزان والخطوات غير المحسوبة، أي الدخول في مرحلة احراق الأخضر واليابس، فواشنطن كما تقول دوائر دبلوماسية أدخلت نفسها الى الوحل في الشرق الأوسط وهي لم تعد قادرة على التراجع أو التقدم أو حتى الخروج "المشرف"، ولهذا السبب كانت حالة الخطاب الناري الأمريكي الدبلوماسي والعسكري والاعلامي ضد القيادة المصرية الجديدة، وضد المؤسسة العسكرية التي اعتقدت واشنطن بأن استبدال الرئيس وتسلم الاخوان قصر الرئاسة سيساهم في اضعاف هذه المؤسسة العسكرية لتسير حسب أهواء من يعيش في القصر، وتحويلها الى مؤسسة ضعيفة لا تستطيع أن تتحرك بعيدا عن البلاط الاخواني.