2025-05-19 05:21 ص

المرحلة الأولى في خطة كيري الاقتصادية تبدأ من أريحا ونتنياهو يرى فيها وصفة للهدوء والادارة الآمنة للصراع

2013-09-26
القدس/المنــار/ قال دبلوماسي أمريكي لـ (المنــار) ، أن الاسابيع القليلة القادمة ستشهد لقاءات فلسطينية اسرائيلية امريكية تتعلق بتطبيق وتنفيذ خطة كيري لتطوير الاقتصاد الفلسطيني. واضاف الدبلوماسي الامريكي ـ الذي يواكب الجهود الامريكية في المفاوضات ـ أن اللقاءات التي ستعقد في القدس ستجمع بين مسؤولين فلسطينيين واسرائيليين برعاية امريكية للبدء بتطبيق الخطة الاقتصادية الطموحة التي أعلن عنها وزير الخارجية الامريكي، وحسب الدبلوماسي الامريكي فان هذه الخطة تحتاج الى تعاون حقيقي من جانب اسرائيل حتى تدور عجلاتها بشكل صحيح، وحول اشكال هذا التعاون الاسرائيلي في هذا المجال، أضاف الدبلوماسي الامريكي، أن على اسرائيل تقديم تسهيلات فيما يتعلق بعمل وحركة الفلسطينيين في بعض المناطق التي سيتم فيها تطبيق وتنفيذ مشاريع اقتصادية ضخمة في الضفة الغربية. واوضح الدبلوماسي الامريكي أن هذه الخطة وكما أوضح وزير الخارجية الامريكي في اكثر من مناسبة سواء للطرف الاسرائيلي او الطرف الفلسطيني وحتى الاطراف العربية ـ وكان اخرها في باريس، حيث اطلع الوفد الوزاري العربي على تفاصيل خطته الاقتصادية ـ هي في الاساس تهدف الى توفير الاجواء المناسبة والداعمة للمفاوضات السياسية، حيث سيمضي مسار التطوير الاقتصادي في خطٍ موازٍ مع المسار السياسي. واشار الدبلوماسي الامريكي أن هذه الخطة الاقتصادية لن يكتب لها النجاح في حال لم تلق التعاون المطلوب من جانب الحكومة الاسرائيلية، لكنه أكد بأن هناك تعاونا ايجابيا من جانب مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية حتى الان وأن أحد الوزراء في مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية سيمثل اسرائيل في اللقاء الثلاثي الذي سيعقد في القدس لمناقشة البدء بتوفير الارضية المناسبة للشروع في تطبيق خطة كيري الاقتصادية التي بالتأكيد ستعود بفوائد اقتصادية ليس على الجانب الفلسطيني فقط وانما ايضا على الجانب الاسرائيلي. وكشف الدبلوماسي الامريكي أن المرحلة الاولى من مراحل الخطة الاقتصادية الامريكية لتطوير الاقتصاد الفلسطيني ستبدأ باقامة مشاريع اقتصادية ضخمة في مدينة اريحا.
دوائر مطلعة ترى أن هذه الخطة ورغم ان المسوق الرئيس لها هو وزير الخارجية الامريكية جون كيري ومرتبطة به وبالجهود التي يبذلها لدفع عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين الى الامام ليست جديدة، رغم أنه قد يكون ادخل عليها بعض التحسينات والتعديلات، الا أنها بالتأكيد تحمل بصمات مبعوث الرباعية الدولية توني بلير، وهذا يعني أن الخطة ليست جديدة 100% ولكنها تعرض بـ "ثوب جديد" وفي أجواء مختلفة وبزخم دولي أكبر لم يكن متوفرا عندما حاول بلير من خلال عمله مبعوثا للرباعية في المنطقة ترويجها وتسويقها خلال ولاية الرئيس بوش الثانية وولاية اوباما الاولى. لكن بلير يتعامل مع التطوير الاقتصادي في المناطق الفلسطينية بصورة تختلف الى حد ما عن نظرة كيري الى المسألة ، وتتقارب وجهة نظر بلير مع وجهة نظر نتنياهو في الموضوع. فمبعوث الرباعية الدولية يرى أن التطوير الاقتصادي للمناطق الفلسطينية يمكن أن يشكل وسيلة لضمان عدم انفجار الاوضاع عبر بوابة "الانعاش الاقتصادي"، أي بمعنى آخر اشاعة اجواء التفاؤل على شكل انجازات اقتصادية وليس حلولا سياسية أو انجازات تتعلق بالتقدم في حل المسائل الجوهرية في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.  وتشير هذه الدوائر الى أن بلير حاول في بعض المراحل السابقة اقناع الجانب الفلسطيني بأن تكون هناك انطلاقة اقتصادية تستبق اية انطلاقة سياسية بين الفلسطينيين واسرائيل، وحاول ترويج وتسويق هذه الافكار ، الا أنه لم ينجح في ذلك في ظل غياب افق سياسي وأيضا غياب شريك فلسطيني يمكن الاعتماد عليه في تمرير هذه الخطة "الطموحة" ـ على حد زعمها ـ وتقول هذه الدوائر أن حديث الجهات صاحبة خطط انعاش الاقتصاد الفلسطيني عن أن هذا الاقتصاد في وضع خطير ومعرض للانهيار ويجب توفير وسائل نهوضه بأسرع وقت ممكن دون الحديث عن أسباب هذا الوضع الخطير ، يمكن وصفه بغير المكتمل،  فأسباب عدم تطور وتقدم عجلة الاقتصاد الفلسطيني سببه الاساسي العراقيل والعوائق التي كانت توضع من جانب اسرائيل أمام الكثير من القطاعات الاقتصادية الفلسطينية لرغبة اسرائيل في ان تسير خطط انعاش الاقتصاد الفلسطيني ضمن "قوالب" ومسارات اسرائيلية تحقق الأهداف التي ترغب بها وتسعى اليها. 
وترى هذه الدوائر أيضا أن نتنياهو من جانبه ، سيحاول الاستفادة من هذه الخطة الاقتصادية التي وضعها بلير وأطلقها كيري حول انعاش الاقتصاد الفلسطيني، خاصة وأن رئيس الوزراء الاسرائيلي يؤمن بمسارات الانعاش الاقتصادي لتجاوز الوقوع المحتمل في مطبات القضايا الجوهرية في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ويتمنى نتنياهو أن يتمكن من تطويع الخطة الاقتصادية لجعلها وصفة مناسبة تضمن الهدوء في الجانب الفلسطيني وتوفر بعض المقومات المهمة لاطالة أمد ادارة الصراع. وتقول الدوائر أن نتنياهو يعتقد أنه لا يمكن في هذه المرحلة التوصل الى حلول دائمة مع الفلسطينيين تتناول جميع المسائل الجوهرية وعلى رأسها القدس واللاجئين، وأنه يقدر ويثمن رغبة وزير الخارجية الامريكية جون كيري في تحقيق انجاز سياسي ، لكن هذه الرغبة ستصطدم ـ حسب ما يرى نتنياهو ـ بالتعنت الفلسطيني والتمسك بالمواقف المتصلبة. ولذلك يتمنى رئيس الوزراء الاسرائيلي أن تتجاوب معه الولايات المتحدة في ضرورة استغلال خطة الانعاش الاقتصادي لتترافق معها خطوات اجرائية سياسية اسرائيلية من جانب واحد تضمن ادارة آمنة للصراع للسنوات العشر القادمة على الاقل.
وتختتم هذه الدوائر بالتأكيد على أهمية تعاون الجانب الفلسطيني مع خطة كيري الاقتصادية التي يمكن أن تعود بالكثير من الفائدة على الاقتصاد الفلسطيني، ويمكن أن يساهم الدور الامريكي الفعال في تنفيذ وتطبيق هذه الخطة في اجبار اسرائيل على تقديم بعض التنازلات، وبشكل خاص فيما يتعلق بعمليات تطوير المناطق "ج" وصولا الى ضمانات بعدم تعطيل اسرائيل للتطوير الاقتصادي المتوقع في تلك المناطق. ولكن في نفس الوقت أن يحرص الجانب الفلسطيني على أن تسير الخطة التطويرية للاقتصاد الفلسطيني جنبا الى جنب مع المسار السياسي التفاوضي للتوصل الى حلول للمسائل والقضايا الجوهرية وأن لا تسمح بحدوث تداخل بين المسارين وهو ما تسعى اليه اسرائيل وبعض الجهات المشاركة في وضع خطة انعاش الاقتصاد الفلسطيني التي تؤمن بأن الاجواء غير مناسبة وملائمة للتوصل الى حلول دائمة وتسويات يمكن أن تتعامل معها اسرائيل وتوافق عليها في ظل القيادة الفلسطينية الحالية.