"المنــار" تنشر هذا التقرير، الذي استقته من دوائر عديدة ذات اطلاع، في وقت يبرز فيه توجه في الساحة الدولية، لحل كافة الملفات في المنطقة ، رزمة واحدة.
رئيس وزراء اسرائيل يحمل معه اضافة الى الملف الايراني، ملفا فيه تساؤلات كثيرة حول الاوضاع في سوريا آملا سماع اجابات عليها، وهناك بالطبع ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، مدركا بأن الرئيس اوباما اصبح اليوم وبعد التراجع الحاد في التوجه العسكري نحو سوريا، معنيا أكثر من وزير خراجيته في احراز انتصارات، ولو شكليه في سياسته الخارجية، تماما كما يتم الترويج له حاليا في الدوائر الغربية وفي داخل الولايات المتحدة بأن موضوع تفكيك الكيماوي السوري هو انجاز يسجل باسم ادارة اوباما، لهذا السبب هناك ضغط من أجل التقدم في المفاوضات، وهذا الضغط لتسريع المفاوضات لا يتعارض مع الرغبة الفلسطينية، بل يتوافق معها، وهو تسريع في ذات الوقت يشكل تحديا خطيرا لنتنياهو وحكومته ، خاصة وأن دوران المفاوضات لأطول فترة ممكنة دون التوصل الى مرحلة اتخاذ القرارات وحسم المواقف، هو مكسب لنتنياهو يمنعه من التصادم مع أركان ائتلافه خاصة من اليمين، وداخل حزبه "الليكود"، لذلك، الملف الذي يحمله نتنياهو بشأن الصراع مع الفلسطينيين يتضمن معطيات تؤكد استحالة التوصل الى حلول دائمة مع الفلسطينيين في هذه المرحلة لاسباب عديدة ومختلفة، من بينها، اسباب داخلية تتعلق بالتوجه العامة في المجتمع الاسرائيلي، فالاستطلاعات التي اجريت مؤخرا تتحدث عن أغلبية اسرائيلية مستعدة للتعاطي ودعم اتفاقيات انتقالية تبقي الامن مسؤولية اسرائيلية فقط، وهناك أيضا اسباب خارجية مرتبطة بالوضع الفلسطيني الداخلي، وثقة نتنياهو بأن القيادة الفلسطينية لن تتعاطى مع حلول مقبولة على اسرائيل غير أن نتيناهو لا يحمل معه في هذا الملف العقبات فقط، وانما يضع تصورا اسرائيليا لتحقيق التقدم، والمسار الافضل الذي يجب أن تسكله الاطراف ذات العلاقة في المفاوضات، وهو في هذا الملف يضع أمام اوباما وكيري استعدادا اسرائيليا لدعم الخطة الاقتصادية التي طرحها رئيس الدبلوماسية الامريكية لدعم الاقتصاد الفلسطيني حتى النهاية، مقابل أن لا تمارس ضغوط بصورة غير حكيمة لتحقيق انفراجات سياسية، لن تكون هناك ضمانات بصمودها.
وسوف يسعى رئيس وزراء اسرائيل الى اقناع امريكا الأخذ برأيه بضرورة الاكتفاء بالتوصل الى اتفاق انتقالي موسع مع الفلسطينيين يتضمن جداول زمنية ملزمة للجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، والابتعاد عن السعي لفتح كافة ملفات الحل الدائم، مع دعم الخطة الاقتصادية التطويرية، للاقتصاد الفلسطيني، وتجنيد الدعم العربي والدولي لتسهيل عملية تمرير مثل هذا المقترح فلسطينيا، وهذا الاتفاق الذي يؤمن به نتنياهو يقوم على اتفاق انتقالي يسمح للفلسطينيين بادارة شؤون حياتهم بصورة موسعة، ويسمح بتطوير مؤسساتهم واقتصادهم ونظامهم السياسي الداخلي، فلا امكانية لاسرائيل في هذه المرحلة بالذهاب الى حسم وقرارات مؤلمة تكون ثمنا لاتفاقيات دائمة مع الجانب الفلسطيني، كما أن مثل هذه التفاهمات الانتقالية من وجهة نظر نتنياهو ، يجب أن تتضمن آلية مريحة لادارة الصراع لسنوات طويلة قادمة، وترى دوائر في اسرائيل، بأن تل أبيب ليست الوحيدة التي تؤمن باستحالة التوصل الى اتفاق دائم، رغم كل ما ينشر ويطلق من تصريحات تتعالى في هذه العاصمة أو تلك، فهناك تفهم يتسع في دوائر أمريكية وأوروبية بضرورة التوصل الى اتفاق حول دولة فلسطينية بحدود مؤقتة واتفاق يعترف بالكتل الاستيطانية الضخمة، وفي نفس الوقت يشمل اعترافا تدعمه اسرائيل بهذه الدولة الفلسطينية يقوي الاعتراف الذي حصل عليه الفلسطينيون في الجمعية العامة للامم المتحدة،ولكن، دون تحديد أو ترسيم دقيق للحدود، على أن يشمل هذا الاعتراف بالكتل الاستيطانية الضخمة موافقة ضمنية على السماح لاسرائيل بمواصلة البناء والتطوير في هذه الكتل، وتهيئة عملية ضمها الى اسرائيل، واستنساخ المستوطنات المعزول في داخل هذه الكتل خلال الفترة الزمنية الانتقالية، وهذا من شأنه تسهيل مهمة حكومة نتنياهو، أو أية حكومة قادمة لتمرير حل دائم يتفق عليه مستقبلا.
واستنادا الى دوائر عليمة في أكثر من عاصمة، فان الترتيبات الامنية لن تغيب عن هذا الاتفاق الذي يؤمن به نتنياهو، فهناك اجراءات أمنية ستكون جزءا من الحل الانتقالي، على أن يتم اختبار هذه الاجراءات في ظل الاتفاق الانتقالي ، قبل أن تتحول الى اساس وارتكاز يعتمد عليه في أية اتفاقيات مستقبلية، وقد يشمل مثل هذا الخيار حول التفاهمات الانتقالية والحلول المؤقتة انسحابات اسرائيلية انتقائية، هدفها الاساسي "تجميل" مثل هذا الاتفاق وتوفير الادوات المريحة لادارة العلاقات بين الاسرائيليين والفلسطينيين خلال الفترة الانتقالية للاتفاق.