والمتتبع لتصريحات وبعض خطوات الحكومة المقالة في غزة يجد أن حركة حماس تبدو متلهفة لانجاز المصالحة، والنبرة اختلفت عما كانت عليه في السابق، في حين تواجه بشكوك من جانب قيادات فتح.
دوائر سياسية عليمة تقول لـ (المنــار) أن حركة حماس تتخذ هذا "الموقف الجديد" لأنها اضطرت لفعل ذلك، فهو موقف فرضته الظروف الصعبة السياسية والاقتصادية التي تمر بها الحركة، والانتظار عديم الجدوى الذي عاشته منذ صعود جماعة الاخوان الى الحكم في مصر، وهو انتظار أدركت بعض قيتدات الحركة أن لا طائل تحته بعد أن أسقط الشعب المصري حكم الجماعة، مع أن هناك قيادات ما زالت تأمل وتحلم بعودتها الى دفة الحكم، وهذا هو حال قيادات الجماعة أيضا!!
وتضيف هذه الدوائر أن هذا "التغير المفاجىء" في موقف حماس يأتي في ظل جهود أمريكية متعاظمة لحل الصراع بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وهي جهود اعتادت حركة حماس على انتقادها ورفض ما قد تسفر عنه من حلول، وتتساءل الدوائر، هل الحركة لم تعد تعارض التوجه السياسي للسلطة الفلسطينية والمفاوضات الجارية مع الجانب الاسرائيلي، وما هي طريقة التعامل المستقبلي من جانب حماس مع هذا الوضع، وهذا يقودنا الى القول ـ استنادا الى الدوائر المذكورة ـ هل الحديث عن المصالحة هو مجرد بالونات اختبار وأحصنة طروادة وطريق للخروج من المآزق التي وقعت فيها حماس عندما عمدت الى التدخل في الشأن الداخلي المصري والسوري، أم أن "القصة" بأكملها لا تتعدى كونها مدخلا لاعادة ترتيب الاوراق والبحث عن مخارج لأزماتها؟!
مراقبون يرون أن ما تطرحه حماس في الأيام الأخيرة لا يقنع حركة فتح، وان اعلنت قياداتها انها ستلتقي قريبا مع قيادات من حماس في غزة وخارجها، وهي تصر على أن حماس ملتزمة بما تقرره جماعة الاخوان الرافضة لأية تنازلات قد تقدمها حماس من أجل تحقيق المصالحة، وأيضا هناك عناصر من حماس على مستوى القيادة، ما زالت تعيش حالة انتظار لما ستؤول اليه الاوضاع في مصر، وبعض هذه القيادات "تمتثل" لما تطرحه عليها العائلة الحاكمة في مشيخة قطر بحكم علاقتها مع جماعة الاخوان، والجغرافيا، حيث باتت مقرا للمكتب السياسي للحركة ورئيسها خالد مشعل.
ويبدو كما يرى المراقبون أن الحركتين معنيتان بتحريك ملف المصالحة في هذه المرحلة، ولكل حركة أسبابها، اضافة الى أن هناك اجراءات وتفاصيل وخطوات مطلوب من حماس القيام بها اذا كانت جادة في اغلاق هذا الملف، فهل بامكانها، أو هي قادرة على الالتزام بتنفيذها، وهل ستحل جهازها العسكري في قطاع غزة، وتسلم السلطة للشرعية الفلسطينية، انها استحقاقات صعبة وبالتالي الحديث عن مسيرة حقيقية للمصالحة هو سابق لأوانه، وامكانية تعثره واردة.
لكن، تقول بعض الدوائر ـ ان الحديث عن المصالحة سوف يزداد ويتعالى في الايام القادمة، وسط تساؤلات عن الدور المصري الذي احتضن هذا الملف منذ بدايته، ثم، هل تحريك هذا الملف، هو مجرد ردود "عصبية" و "متعجلة" لرسائل لهذا الطرف أو ذاك، أو من هذه الحركة أو تلك، لجهة أو جهات ما؟؟!