في ظل هذا الوضع تنشط "قيادات" في سلوك طرق النفع الشخصي، باحثة عن تعزيز مواقع، وتصدر الساحة، وباب اعتماد الوسائل مفتوح على مصراعيه،دون الأخذ بالاعتبار خطورة الوسائل المستخدمة، وجهات الاستناد المرتكز اليها، من حيث الأجندة الغريبة، والجنسيات الطامعة، في حين يستمر هبوب رياح باحثة عن مصالحة حقيقية ومساع جادة لمواجهة التحديات.. ثم يتبين أنها لا تحمل بذورا نافعة.
تغيب القضايا العامة في خضم الاستعدادات لانتخابات داخلية، هناك أو هناك، وتحالفات تبنى للفوز بمقاعد هذه المؤسسة أو تلك، واذا ما أعلن عن منصب قيادي سارع كثيرون الى الجهات المساندة، المسيطرة على سوق الاختراقات اقليمية كانت أم دولية، والغرباء يتسللون الى حيث المجالس والدواوين والصالونات تدخلا في شؤون الساحة الداخلية تحت قناع النصيحة أو التأكد من معلومة، ثم ما يلبثون أن يطرحوا الأسماء لتولي مقاعد هذه المؤسسة، أو تلك، ويصل اللهاث وراء المواقع حد تناول الطعام أسبوعيا تقريبا، عند مسؤول في هذه الدولة أو تلك، وطلب النصح من هذا الدبلوماسي أو ذاك، والاستعداد لتقديم الخدمات في كل المجالات في حال لقي اسنادا ودعما، أو مقابل الحصول على توصية من هذه الجهة أو تلك.
ويرافق هذا الانشغال نشر الشائعات، وتشكيل المحاور، وتوزيع الاتهامات، وكيفية الحصول على المد المالي والسياسي، ولا يقتصر التحرك والانشغال على الساحة الداخلية، وانما هناك لقاءات تعقد في دواوين رسمية سياسية واستخبارية في دول اقليمية ودولية، ومحور هذه اللقاءات، يختصر في سؤال واحد يوجهه الذاهبون الى هذه الدول استقواء واستغاثة، وهو: "هل لديكم الرغبة في دعمي، لتسلم هذا الموقع أو ذاك؟!" وهذا يوسع رقعة الاختراق وعمق الثغرات في الجدار الفلسطيني، وبصراحة، يكون نهش القيادة، في هذه اللقاءات سيد الموقف، واذا ما طلب من أي منهم تواجدا في ميدان المعارك السياسي، فانه يسارع الى رفض ذلك، والتبرير أنه لا يريد أن يخدم ما هو في سدة الحكم، وهنا، تبرز بشكل كبير الاحقاد التي تعتمل في صدور الكثيرين، ومنهم من يجد في أية عملية انتخابية داخلية، ساحة للقصاص، ومدخلا للعودة الى دائرة صنع القرار وبكل الوسائل ولو كانت قذرة!!
في هذه الأيام، هناك انشغال كبير لمعارك انتخابية اقتربت، لذلك، ازدادت لقاءات تشكيل الاصطفافات، والتمحور وتوزيع الاتهامات ونشر الشائعات، واقامة الكتل.
وتتكثف في ظل هذه الاستعدادات اللقاءات السرية مع الغرباء، على مائدة الافطار الصباحي، وفي دول الجوار، تطرح فيها "البدائل" و النواب، وركائز "القادم المستقبلي لتغلق دائرة صنع القرار، ان الانشغال في قضايا غطت على القضايا الاساس، ومن باب "بريان العتب" ترفع وتيرة الحديث عن المصالحة.. رغم أن "عدم الرغبة" في انجازها ما زال موجودا، والنوايا الطيبة الصادقة غير متوفرة، والجدية غائبة.