2025-05-17 11:16 م

القاعدة وأخواتها: هل شقّ البغدادي عصا الطاعة؟

2014-02-04
لم يكن تنظيم «دولة العراق الإسلامية»، الذي أصبح «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، تابعاً في يوم من الأيام لتنظيم «القاعدة». القصة عمرها من عُمر بيعة أبو مصعب الزرقاوي لشيخه أسامة بن لادن، لكنّ جديدها خلافٌ فقهي، أحد وجوهه تقوده السعودية. أما رسائل النصح ومبادرات توحيد الصف، فلم تُفلح بعد. هنا الحكاية الكاملة

رضوان مرتضى
أكّد بيان نُسب الى «قاعدة الجهاد» المعروف عالمياً بـ«القاعدة»، ونشره «مركز الفجر للإعلام» المعني بإصدار منشورات الجهاد العالمي، أن «لا صلة» له «بجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وأن «قاعدة الجهاد» «لم تُخطر بإنشائها، ولم تُستأمر فيها ولم تُستشر، ولم ترضها، بل أمرت بوقف العمل بها»، مؤكداً أنها «ليست فرعاً من جماعة قاعدة الجهاد، ولا تربطها بها علاقة تنظيمية، وليست مسؤولة عن تصرفاتها».

ليست المرّة الأولى التي يتبرّأ فيها تنظيم «القاعدة» من «الدولة الإسلامية»، لكنها الإشارة الأكثر دلالة على تجذّر الخلاف بينهما. فقد سبق أن دعا «زعيم الجهاد العالمي» أيمن الظواهري، في الثامن من تشرين الثاني الفائت، إلى حل «الدولة الإسلامية»، معلناً أن «جبهة النصرة هي فرع التنظيم في سوريا». إعلانٌ أعقبته مشاركة «النصرة» إلى جانب «الجبهة الإسلامية»، المدعومة سعودياً، في بعض المعارك ضد «الدولة».
لا تبدأ الحكاية هنا، ولا تُختصر بصراع «أمراء الجهاد» على إمرة الساحة السورية، إذ إنّ بين «معركة النهروان»، التسمية التي أطلقتها «الجبهة الإسلامية» على معركتها مع «الخوارج في الدولة»، و«حروب الردّة» كما يُسمّي مقاتلو «الدولة» حربهم ضد تحالف الفصائل الذي يواجهونه، خلافاً فقهياً يصل حدّ التكفير والإخراج من الملّة. هكذا يُعيد التاريخ نفسه على أرض الشام. تُشبّه «الدولة» معركتها بـ«حروب الردّة» التي خاضها الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصدّيق ضد المرتدين، فيما تُشبّه باقي الفصائل المقاتلة تنظيم «الدولة الإسلامية» بالخوارج الذين قاتلهم الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب. وتستعر الحرب مجدّداً بين «إخوة الجهاد»، لتتحارب فصائل المعارضة المسلّحة في معركة لا هوادة فيها، لم تُفلح معها مبادرات الإصلاح ورسائل النصح.
لم تفلح كل محاولات منظّري «السلفية الجهادية» في وقف الاقتتال، ومنها رسالة أمير «أنصار الشريعة في تونس» الشيخ أبو عياض التونسي الذي أصدر بيان «تأييد ونصرة لإخواننا المجاهدين في الشام»، وهجوم مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية الشيخ المصري هاني السباعي على «المشاركين في الهجوم على الدولة»، ورسالة الشيخ الأردني عصام البرقاوي المعروف بـ«أبو محمد المقدسي» التي تضمّنت انتقادات شديدة لـ«الدولة»، ودعوة الشيخ عمر عثمان المعروف بـ«أبو قتادة الفلسطيني» للبغدادي إلى الانسحاب من سوريا أو الانضواء والقتال تحت راية «جبهة النصرة». كل هذه المواقف وُضعت في خانة رسائل النصح أو العتب ولم تؤدّ إلا إلى زيادة الانقسام. وحدها مبادرة الشيخ السعودي عبدالله المحيسني التي عرفت بـ«مشروع مبادرة الأمة» لإنشاء محكمة إسلامية كانت الأكثر جدّية. وقد وافق على هذه المبادرة معظم الفصائل المقاتلة، باستثناء «الدولة» التي شكرت صاحبها، معتبرة أن «القتال في سوريا ليس فتنة بين المجاهدين، بل حرب من الفئة الباغية ضد المجاهدين».
وسط تضارب مواقف شرعيي الجهاد العالمي بين تبادل الاتهام بـ«نكث البيعة» و«الخروج على الأمير» و«المغالاة في التكفير»، يجدر العودة إلى بداية القصة. هل أخذ الظواهري البيعة أصلاً من البغدادي حتى يصفه بالخارج عليه، فيما الوقائع تشير إلى أنّ زعيم «جبهة النصرة» هو من انشق عن طاعة البغدادي الذي أرسله الى سوريا؟ وما هي علاقة «القاعدة» بـ«دولة العراق الإسلامية» التي باتت تُعرف اليوم بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»؟
تعود القصة إلى أيام الاحتلال الأميركي للعراق في عام