القدس/المنــار/ تواصل العديد من الاطراف المعنية بما يجري في الساحة الفلسطينية مراقبة تداعيات التطورات الاخيرة في موضوع المفاوضات بين الفلسطينيين و اسرائيل، وحالة الجمود المتجدد الذي دخلت فيها العملية السلمية وبشكل رسمي ابتداء من الـ 29 من نيسان الماضي الذي يمثل نهاية السقف الزمني الذي وضعه وزير الخارجية الامريكي جون كيري قبل 9 اشهر، وهي فترة زمنية كان المفروض أن يتم خلالها التوصل الى اتفاق أو على الاقل ملامح تفاهم بين اسرائيل والفلسطينيين. ومن التداعيات الاخرى التي تراقبها الاطراف المعنية بالساحة الفلسطينية ، التقارب المفاجىء بين فتح وحماس والاتفاق بين الحركتين على ضرورة تشكيل حكومة فلسطينية جديدة والذهاب الى انتخابات رئاسية وتشريعية.
وتقول دوائر سياسية واسعة الاطلاع لـ (المنــار) أن هذه التطورات في الساحة الفلسطينية دفعت تلك الاطراف المتابعة لما يدور ويجري في الساحة الفلسطينية الى التفكير بما يمكن أن تحمله الاسابيع والاشهر القادمة من تغيرات في هذه الساحة، وكذلك وضع السيناريوهات المحتملة والخطط البديلة التي يمكن من خلالها مواجهة أية مفاجآت قادمة.
وترى هذه الدوائر المتابعة، أن المرحلة الراهنة يمكن وصفها بمرحلة وضع السيناريوهات المتوقعة، وصياغة الخطط البديلة. ففي اسرائيل هناك اختلاف في المواقف داخل دوائر صنع القرار من طريقة التعامل مع القيادة الفلسطينية ومع الجهود الامريكية المبذولة من أجل تمديد المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية. ففي الوقت الذي تدعو فيه جهات تصف نفسها بالمعتدلة داخل الحكومة الاسرائيلية كـ "حزب الحركة" برئاسة ليفني و "هناك مستقبل" برئاسة يائير لبيد الى عدم اسدال الستار نهائيا على امكانية العودة الى التحاور مع القيادة الفلسطينية ـ وطبعا ضمن شروط أبرزها اعتراف الحكومة الفلسطينية المنوي تشكيلها من جانب القيادة الفلسطينية باسرائيل ـ هناك انقسام أيضا في الجناح المقابل في الحكومة في داخل اليمين نفسه، وحتى داخل الحزب الحاكم الذي يترأسه بنيامين نتنياهو. ويدور الحديث عن موقفين يتم تداولهما في أوساط هؤلاء، الأول، يدعو الى تجاوز الفلسطينيين من خلال التواصل والتحاور مع الدول العربية المعتدلة على اساس مبادرة السلام العربية، وهذا لا يعني الاخذ بهذه المبادرة كما هي، وانما ادارة اتصالات وحوار لمناقشة بنود المبادرة العربية مع السعودية وقطر ودول ترى فيها اسرائيل الاكثر اعتدالا في المنطقة العربية، من أجل الاتفاق على ارضية مناسبة قائمة على المبادرة العربية، ولكن بشكل جديد مُعدل ومنقح يعالج بصورة أكثر مرونة البند المتعلق باللاجئين الفلسطينيين. ويعتبر نتنياهو والمقربون منه من الوزراء من أبرز الداعمين لهذا التوجه الذي يدعو الى ادارة حوار مباشر واتصال مع الدول المعتدلة. أما الموقف الاخر، فهو الذي يتبناه العديد من الوزراء داخل الحكومة الاسرائيلية وعلى رأسهم وزير الاقتصاد نفتالي بينت ولا يعارضه أيضا وزير الدفاع موشيه يعلون خاصة اذا ما تم تبنيه بهدف تدعيم الأمن الاسرائيلي، وهذا الموقف أو التوجه يدعو الى قيام اسرائيل بخطوات احادية الجانب وتنفيذ انسحابات وعمليات ضم لاراضي في الضفة الغربية بشكل يساهم في تسهيل مهمة اسرائيل في ادارة الصراع مع الفلسطينيين، خاصة وأن هذا التيار يؤمن باستحالة التوصل الى اتفاق يمكن تمريره في ظل القيادة الفلسطينية الحالية.
والتفكير بالخطط البديلة والسيناريوهات المحتملة، لا يقتصر على اسرائيل، وانما يمتد أيضا الى الولايات المتحدة التي بدأ وزير خارجيتها جون كيري، يدرك استحالة أن يتمكن الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني من التوصل الى اتفاق من خلال التفاوض بينهما، وأن هناك من يدعو داخل واشنطن الى صياغة اتفاق انتقالي معقول يفرض على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني ويضمن ادارة آمنة للصراع لعشر سنوات قادمة على الاقل، يتم خلالها البحث في القضايا الجوهرية المعقدة.
وتضيف الدوائر أن اطرافا عربية تخشى من حالة فراغ في المناطق الفلسطينية، وهي تتابع ما يجري من تحركات داخلية على مستوى مساعي انهاء الانقسام بين فتح وحماس، وأيضا على مستوى الجهود الامريكية الهادفة الى تمديد الاتصالات والمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. هذه الجهات والاطراف العربية (الاردن ومصر تحديدا) ترى أن حالة فراغ في المناطق الفلسطينية ستؤثر سلبا على الاوضاع فيها وهناك الكثير من تقديرات الموقف التي يتم تدارسها في العاصمتين.